بدلاً من الاحتجاجات والسخط وتجرّع مرارة الشكوى وتسويد الصفحات مرة بسبب سياسة عرفناها عبر عقود من دولٍ لا تفكر إلا في مصالحها، ومرّة بسبب جار عرفنا حقده وغطرسته لنا عبر التاريخ.. بدلاً من هذا كلّه لماذا حتى الآن لم نشرع في العمل على تنفيذ المشروع الوطني من أجل الوطن والمواطن؟ وللعلم فهذا المشروع ليس بالجديد، فقد عشناه وعايشناه بسعادة غامرة، فقد كان حلمنا وأملنا الذي نريد، إذ تحقق ذلك في دولتين؛ الأولى مصر سنة 1952 حتى سنة 1971 بقيام ثورة 23 يوليو بزعامة جمال عبدالناصر الذي عمل طيلة حياته من أجل المشروع القومي الذي تمثل في العمل على نهضة الامة العربية من اجل الحرية والكرامة، وتحقق بذلك الانجازات المؤدية إلى الاستقلال عبر المشاريع والافكار التي نذكرها على سبيل التذكير.والمشروع الثاني للنهضة كان في دولة الكويت بقيادة الأمير الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه، ففي المشروع القومي الناصري تحقق جلاء المستعمر، ليس من مصر ولكن في الدول العربية، إذ تحقق حلم الجزائرين بعودة بلادهم إلى اشقائهم العرب. والثاني: عودة قناة السويس إلى أهلها ليسهم دخلها في بناء السد العالي، السد الذي حفظ الأمن الزراعي بتوفير الماء ووفر الطاقة الكهربائية لإنشاء مشروع الألف مصنع، وقد شهدنا في البحرين بعضا من انتاج المصانع الحربية، وهو راديو الجندي، وشاهدنا في السماء طائرة القاهرة للتدريب صناعة محلية.الثالث: تكريم الأدباء والعلماء والفنانين على ما يبذلونه من جهد في سبيل نهضة أمتهم العربية، ومجانية التعليم من أجل كرامة المواطن، ولا نهضة دون معرفة.الرابع: الاهتمام بتحرير الأفارقة الذين دأب الغرب على إذلالهم وعلى نهب خيراتهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بوصفها عمقا جغرافيا استراتيجيا ومنعا للتمدد الصهيوني؛ لأن المقاطعة سياسة ضرورية لدولة اغتصبت أرض شعب عربي، هذه مبادئ وسياسة المشروع القومي الناصري، أما إنجازات مشروع النهضة في الكويت فكانت بذكرها على سبيل التذكير:1- الدستور ومجلس الأمة.2- حرية الصحافة.3- معهد التعليم العالي الذي هو اعتراف يدل على الوعي الحضاري أن الممثل شأنه في عمله شأن أي موظف أو عامل، بل هو الأبلغ أثرا؛ لأنه يخاطب الجميع في وقت واحد، إلى جانب تطور الأغنية الشعبية، وتدوين التراث وحفظه، والإصدارات المتعددة التي أثرت المكتبة العربية بكتب منها ما نفذ ومنها ما أهمل.مشروع النهضة الوطني والمشروع القومي لناصر مشروعان منّا من يجهلهما ومنّا من يعرف دورهما الحقيقي في نهضة الامة، لكنهما يتعارضان ومصالحه -بكل أسف- الخاصة والزائلة، فيغض الطرف عنهما، بل وسيحاربهما إذا ما أطلا برأسهما. بمشروع النهضة الوطني في كل بلد عربي يكون الوطن نهض من رقدته وجموده بكامله؛ لأن ذلك سيتم عبر توحد جهود المسؤولين في كل بلد، ومثال ذلك:ستكون مثل هذه الاجتماعات المكثفة والمتكررة ليتحقق المشروع.1 – اجتماع وزراء التربية:من أجل تطوير المناهج وتبادل الخبرة والتعاون في منظومة التعليم.2 – اجتماع وزراء الصحة:لتطوير الخدمات الطبية وتوفيرها في كل منطقة وقرية ونشر الوعي من أجل الصحة العامة.اجتماع وزراء الثقافة:لطرح المشاريع الثقافية وتجديد الافكار والبحث عن كل السبل من أجل بناء الفرد فردا جديدا يساير العصر الذي يعيشه فكريا وأدبيا وعلميا وفنيا، هذا إلى جانب الفنون التي مازلنا نتجاهل دورها في حياتنا.اجتماع وزراء الخارجية:توحيد الكلمة، نعني توحيد الصف والجهود ليعرف الآخرون من نحن ولنمنع الحاقدين من تشويهها.اجتماع وزراء الدفاع:من أجل تكوين مجلس دفاع عربي مشترك يحمي الحدود، وذلك بمتابعة ما تقوم به الجيوش في الدول الاخرى لنعرف مدى قدرتنا عسكريا ومستوى قيادتنا.وزراء السياحة:ليس الهدف هو تطوير وتنويع الدخل القومي فقط، بل الأهمية تكمن في معرفتنا بما تمتلكه بلادنا عبر هذه المساحات الشاسعة من طبيعة وثروات وخيرات ستمكننا -إلى جانب طبيعتها- من استغلالها في الصناعات المختلفة، وسيكون لاكتشاف الطبيعة مكانا لجذب السواح على اختلاف مشاربهم وافكارهم.كلمة أخيرةإذا كان مشروع النهضة الوطني الذي عرفنا أثره على الوطن والمواطن من خلال المثالين المذكورين في مصر وفي دولة الكويت، إذا كان هذا المشروع منّا من يعرفه لكنه يحاربه لأنه ليس في صالحه، وإذا كان القسم وهو الأكبر عددا يجهله، فسؤالي إلى المواطن الذي يشعر بأن أمنه وكرامته وكرامة ابنه ومستقبله في الوطن، من أين نبدأ ليحقق المشروع؟!] إبراهيم محمد سلمان
مشاركة :