يصاب الكثير من الأشخاص بمشكلة عسر الهضم نتيجة عدد كبير من العوامل والمسببات، ويطلق الأطباء والأخصائيون مصطلح عسر الهضم على الحالة المرضية التي تأتي على هيئة اضطراب هضمي، بسبب وجود خلل في حركات المعدة، وتأخرها في إفراغ محتوياتها من الطعام إلى الأمعاء، ويظهر في أبلغ صوره عندما يشعر المصاب بحالة من عدم الارتياح في المنطقة العلوية من البطن، فيشعر بضيق وامتلاء المعدة والبطن حتى بعد تناول وجبة خفيفة، إلى جانب انتفاخات وغازات كثيفة، وحالة تجشؤ متكررة والشعور بالغثيان.كما يحدث ألماً وحرقة في المعدة والمريء، ويمكن أن تكون مشكلة عسر الهضم اضطراباً عابراً يزول بعد فترة قليلة من تلقاء نفسه، كما يمكن أن يكون علامة على مشكلة داخلية مثل الارتجاع المريئي، أو القرحة أو مشكلة في المرارة أو حالات خلل أخرى، وهنا يأخذ هذا الاضطراب طابع الاستمرار، ويصحبه ألم متواصل ومزمن في ناحية أعلى البطن، وفي هذا الموضوع سوف نتناول أسباب حدوث مشكلة عسر الهضم، والأعراض التي تظهر وكيفية الوقاية من هذه الحالة، مع توضيح طرق العلاج المتاحة طبيعياً ودوائياً. شبع مزعج تصنف مشكلة عسر الهضم على أنها حالة طارئة لا تمثل خطورة حقيقية على أغلب المصابين بهذه المشكلة، وﻻ يعد مرضاً في حد ذاته ولكنه حالة من الشبع المزعج، وإنما يمكن أن يكون تجسيداً لمجموعة من الأعراض، التي تظهر أثناء تناول الطعام أو بعد مدة قليلة من الانتهاء منه، وتختلف درجة عسر الهضم من شخص لآخر، فهناك من يصاب به في فترات متباعدة، وهناك من يعانيه بشكل يومي ومتكرر، ويمكن أن يظهر عرض مختلف في كل مرة، كما أن الأعراض يمكن أن تكون خفيفة مع تأثير طفيف للغاية، بل إحساس هامشي على جانب الحياة اليومية ومسارها الطبيعي، وأحياناً أخرى تصبح الأعراض حادة بدرجة كبيرة تؤثر في أنشطة الحياة وتعوق الأداء اليومي، ويعاني الشخص المصاب بمشكلة عسر الهضم سرعة الشعور بالشبع، ويستمر هذا الشعور بشكل مزعج لفترات طويلة من الوقت، كما يشعر المصاب بعدم الراحة في منطقة البطن، والاحتراق أو الحرارة أو الألم في المنطقة العليا من البطن، يمكن أن يمتد الألم إلى الرقبة والحلق، وربما يزداد سوءاً عند الاستلقاء أو الانحناء، كما يعاني الشخص انتفاخاً في نفس المنطقة من البطن، ويمكن أن يجد المصاب طعم مرارة وحموضة داخل الفم، وأيضاً حدوث حالة ارتجاع الطعام إلى الفم، وعدم ارتياح المعدة وشعور بالرغبة في التقيؤ، وارتجاع غازات من الفم وهو ما يسمى بالتجشؤ، كما يصاب الشخص بالإمساك أو الإسهال، وفقدان جزء كبير من الشهية، ويتعرض المصاب بعسر الهضم إلي عرض واحد أو أكثر من هذه الأعراض، ويمكن أن تتشابه هذه الأعراض مع أعراض الحموضة، حيث يعاني المصاب بالحموضة حرقة مؤلمة، والشعور بالحرقة في الصدر الذي يسمع في الرقبة أو الظهر، وتسبب حرقة المعدة أو الحموضة ارتجاع المريء، كما يمكن لأي شخص لديه أعراض كل من عسر الهضم والحموضة ألا يستطيع التفرقة بينهما. سلوكيات وأمراض يمكن أن نقسم أسباب الإصابة بمشكلة عسر الهضم إلى نوعين، الأول هو ما يتعلق بسلوكيات المصاب في نمط تناوله للطعام، فمثلاً عادة تناول الطعام بسرعة مع عدم المضغ الجيد، سوف يؤدي ذلك إلى دخول الطعام إلى المعدة والأمعاء دون أن يختلط باللعاب بشكل جيد والذي يعتبر العملية الأولى للهضم، وأيضاً نوعية الطعام الذي يتناوله مثل الأطعمة الدهنية والدسمة والحادة، واستهلاك كميات كبيرة من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، حيث يوجد في العديد من الأطعمة والمشروبات، مثل الشيكولاتة والقهوة والمشروبات الغازية، كما أن الإفراط في تناول الطعام بصورة عامة يسبب هذه الحالة، وأيضاً يلعب التدخين يلعب دوراً كبيراً في الإصابة بمشكلة عسر الهضم، ويشير الأطباء والأخصائيون إلى أن هناك عدداً من الأمراض والأدوية التي تعتبر سبباً في الإصابة بحالة عسر الهضم، وتعتبر النوع الثاني لمسببات الإصابة، وهذه الأمراض هي قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر، ومشكلة حصى المرارة ومرض ارتجاع المريء، والتهاب المريء أو البنكرياس، والإمساك والانسداد المعوي ومرض سرطان المعدة، وانخفاض تدفق الدم للأمعاء وفتق في الحجاب الحاجز، ويمكن أن يحدث نتيجة أسباب نفسية وعصبية مثل التوتر والقلق والضغوط العصبية والنفسية، كما يمكن أن تصاب المرأة الحامل بهذه الحالة، وفي حالات نادرة يمثل عسر الهضم عرضاً لمرض عام في الجسم، مثل الالتهاب الكلوي المزمن وحالة قصور القلب، وهناك حالات لعسر الهضم غير معروفة الأسباب، ويسميها الأطباء عسر الهضم الوظيفي أو ألم المعدة غير التقرحي، ويسبب استخدام بعض الأدوية هذه الحالة، ومنها المضادات الحيوية وبعض المسكنات ومكملات الحديد، وأدوية ارتفاع الضغط وعلاج الكولسترول الضار. نمط حياتي صحي يعتمد علاج مشكلة عسر الهضم على معرفة المسببات، فإن كان ناجماً عن مرض ما في الجهاز الهضمي، فيجب علاجه للتخلص منه، وإن كان له سبب آخر، فيمكن التخفيف أو التخلص منه عبر تبني أساليب حياتية صحية، وبشكل عام يجب توصية المريض بتعديل عاداته الغذائية، فيقوم المصاب بتناول عدة وجبات صغيرة قليلة الدسم طوال اليوم بوتيرة بطيئة، كما يمتنع عن استهلاك القهوة والمشروبات الغازية والكحولية، وإيقاف الأطعمة التي يشتبه بها كمسبب للمرض، ووقف استخدام الأدوية التي يمكن أن تهيج بطانة المعدة، مثل الأسبرين أو العقاقير المضادة للالتهابات، والحصول على قسط كافٍ من الراحة والنوم العميق، وأيضاً محاولة تقليل الضغط النفسي والجسدي، ويمكن استخدام بعض الأدوية، كالإنزيمات الهاضمة وطاردات الغازات ومخفضات الحموضة المعدية، وينصح عند الشك بوجود حالة مرضية مسببة، فيجب إجراء الاستقصاءات اللازمة لتشخيص هذه الحالة، فيلجأ إلى فحص البطن وإجراء فحص الفضلات والتنظير الهضمي للمعدة وللقولون، والتصوير الشعاعي للبطن، وإجراء اختبارات الكشف عن جرثومة الملوية البوابية، ثم يتم العلاج بحسب المرض المسبب. الزنجبيل والبابونج ينصح الأطباء مريض عسر الهضم بالتوقف عن التدخين، وإذا كان زائد الوزن يحاول إنقاص هذه الزيادة، كما ينصح بارتداء الملابس الفضفاضة خصوصاً في منطقة البطن، كذلك يحاول أن تكون آخر وجبة له قبل النوم بساعتين على الأقل، وإذا كان يشعر بارتجاع، فليحاول رفع رأسه بمقدار 6 سم أثناء النوم بوضع مخدة أو شيء مرتفع تحت الرأس، كما يحاول ممارسة الرياضة بشكل مستمر، حيث تشكل عاملاً مساعداً مهماً للتخلص من الوزن، وتساعد أيضاً على الهضم، ويمكن للوصفات الطبيعية أن تفيد كثيراً في علاج مشكلة عسر الهضم، وأفضل الأعشاب التي تساعد على ذلك الزنجبيل فهو جيد لاضطراب المعدة وتحسين الهضم، كما يمكنك تناول كوب من شاي الزنجبيل قبل أو مع الوجبات، وكذلك عشب البابونج يهدئ المعدة والأمعاء، وزيت النعناع يساعد في علاج تشنجات العضلات المعوية ويساعد على منع الغثيان، حيث تأخذ ملعقة شاي من الزيت 3 مرات في اليوم بين الوجبات، ويمكن شرب كوب من النعناع الساخن أو البارد، وعرق السوس يغطي بطانة المعدة، ويحد من تضرر واضطراب المعدة، وخل التفاح تخلط ملعقة منه مع نصف كوب من الماء فهو فعال بشكل كبير، وصودا الخبز عن طريق وضع ملعقة صغيرة في كوب من الماء، حيث يحيد حموضة المعدة ويساعد على تخفيف الغازات والنفخة. استشارة الطبيب تشير دراسة حديثة إلى أن مشكلة عسر الهضم تصيب الأشخاص من مختلف الفئات والأعمار، وبحسب الدراسة فإن معدل الإصابة بهذه الحالة يتجاوز نسبة 23% خاصة في الدول النامية، كما أن المرض يصيب الرجال والنساء بدرجة متساوية، وكانت دراسة سابقة أشارت إلى أن شخصاً واحداً من كل 7 أشخاص يصاب بهذه الحالة المزعجة، وتنصح دراسة أخرى المصاب بمشكلة عسر الهضم بأن يسارع إلى استشارة الطبيب في حال استمرت أعراض المشكلة لمدة أسبوعين أو أكثر، وكذلك إذا عانى الشخص المصاب من صعوبة في البلع أو عدم القدرة عليه، وإذا حدث فقدان في الوزن دون سبب واضح أو فقدان الشهية، وأيضاً عندما يصاحب القيء دم، أو إخراج فضلات ذي لون قطراني أسود، وكذلك شعور المصاب بالضعف والإرهاق المستمر، حيث يشير هذان العرضان إلى وجود فقر الدم شديد، وفي حالة تعرض المصاب لضيق النفس أو التعرق أو ألم في الصدر ينتشر إلى الفك أو العنق أو الذراع، فيجب اللجوء إلى قسم الطوارئ فوراً، وكذلك إذا تعرض لألم الصدر عند التعرض للضغط النفسي أو الإجهاد، والأشخاص الذين تجاوزوا سن 46 عاماً إذا أصيبوا بمشكلة عسر هضم بسبب غير معروف.
مشاركة :