تمسك الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بحكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد في ظل الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ضد الموازنة المتقشفة والتي ساهمت في غلاء بعض المواد الأساسية، وذلك خلال اجتماع لأطراف الوفاق الوطني أمس، عشية «يوم غضب» في الشارع دعت إليه قوى المعارضة اليسارية لمناسبة الذكرى السابعة لسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ولبت أطراف الوفاق الموقعة على «وثيقة قرطاج» أمس، دعوة السبسي إلى اجتماع في قصر قرطاج الرئاسي، وناقش المشاركون الوضع المتفجر في البلاد، وسبل احتواء الاحتجاجات المطالبة بوقف الزيادة في أسعار المواد الأساسية والمطالبة بتعليق العمل بمشروع الموازنة وتعديل بنود تضمنت إجراءات ضريبية وتقشفية. واعتبر الرئيس التونسي خلال الاجتماع الذي حضرته أحزاب ومنظمات اجتماعية، أن حكومة الشاهد تتعرض لـ «محاولات لإسقاطها من جانب أحزاب المعارضة»، ودعا إلى توسيع نطاق الدعم السياسي للحكومة. وقال إن تونس «تقدمت ببطء في مسار الانتقال الديموقراطي وعليها في الفترة المقبلة استكمال بناء مؤسسات الجمهورية الدستورية»، معتبراً في السياق ذاته، أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تبدأ في القريب العاجل لإنقاذ الاقتصاد ودفع النمو. وفي إجراءات لمعالجة الأزمة واحتواء المواجهات في الشارع، أعلنت الحكومة التونسية رفع مساعداتها المالية للعائلات الفقيرة ومحدودي الدخل، وذلك ضمن حزمة من القرارات الاجتماعية الأخرى التي سيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة، بعد ضغط من الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) الذي يقود مشاورات لإنهاء الأزمة. وعلمت «الحياة» أن المجتمعين في قصر قرطاج اقترحوا اتخاذ إجراءات مثل رفع الحد الأدنى للأجور ومعاشات التقاعد، وتقديم مساعدات للشباب العاطلين من العمل. واعتبر السبسي أن الحكومة مطالبة بالتسريع في نسق الإصلاحات الاقتصادية وتوفير فرص العمل للشباب ومكافحة الفساد. وأعلن السبسي أنه سيلقي خطاباً إلى الشعب اليوم من منطقة حي التضامن في العاصمة، وهو أكبر حي شعبي في العاصمة، شهد صدامات عنيفة وعمليات نهب وسرقة في الأيام الماضية، واعتُبرت الخطوة سحباً للمبادرة من أيدي قوى المعارضة التي بدأت في الحشد للنزول إلى الشارع في ذكرى ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. ودعت «الجبهة الشعبية» ومكونات يسارية وقوى شبابية إلى التظاهر اليوم، وواصلت التصعيد على رغم اتهامها بالوقوف وراء عمليات سرقة ونهب رافقت الاحتجاجات ونتج منها توقيف بعض قياداتها المحلية. ولم تنجح محاولات الحكومة في تهدئة الأوضاع بعد زيادة أسعار المواد الأساسية، عبر تأكيدها الالتزام بعدم رفع الدعم عن الخبز والدقيق والزيت والسمك، فيما توقع خبراء أن تؤدي رسوم ضريبية جديدة إلى ارتفاع أسعار البنزين، بالتالي زيادة كلفة النقل والخدمات إضافة إلى أسعار مواد استهلاكية. وعلى رغم تقدم مسار الانتقال الديموقراطي في تونس، فإنها لا تزال تواجه مشكلات اقتصادية واجتماعية، وضغوطاً من الدائنين الدوليين لإجراء إصلاحات لخفض عجز الموازنة وإصلاحات في قطاع الخدمة العامة، ما أجبر الحكومة على التعهد بخفض الإنفاق وحجم كتلة الأجور وتقليص الديون الخارجية، والسعي إلى توفير فرص عمل خلال هذا العام.
مشاركة :