بالتزامن مع إطلاق نشطاء مصريين دعوة لترسيخ مفهوم التعايش وقبول الآخر وإحلال السلام، افتتح إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الكنيسة المعلقة بمجمع الأديان في منطقة مصر القديمة (جنوب القاهرة). وقال محلب إن «من يرغب في فهم مصر عليه زيارة مجمع الأديان». وأضاف محلب في كلمة خلال افتتاح الكنيسة المعلقة وبثها التلفزيون الرسمي أمس، «من يريد أن يفهم مصر عليه بزيارة مجمع الأديان.. عشنا في سلام وسنظل نعيش في سلام ولن ينجح أحد في بث الفرقة بيننا». وافتتح رئيس الوزراء الكنيسة المعلقة التي خضعت لعملية ترميم استمرت على مدار 16 عاما. وأقيمت الكنيسة على المدخل الجنوبي لحصن بابليون، فوق أحد أبراج الحصن على ارتفاع 14 مترا عن سطح الأرض. وعند زيارة الكنسية يمكن أن يشاهد الزائر هذا الارتفاع من فتحة زجاجية في أرضيتها. وتحلق الكنسية المعلقة في سماء القاهرة القبطية، وقد اختير أن تصمم هذه الكنيسة الصغيرة التي كانت مقرا لبطاركة الأقباط لقرون على شكل سفينة نوح. وفي أزمنة ليست بالبعيدة كان ارتفاع الماء يصل لسبعة أمتار أسفل الكنيسة المعلقة. وفي كلمته لدى افتتاحه الكنيسة، طالب محلب المصريين بالعمل معا من أجل أن تبقى مصر «من أعظم دول العالم»، مضيفا: «ندعو لمصر وندعو لقائدنا عبد الفتاح السيسي بأن ربنا يوفقنا»، لافتا إلى أن تكلفة أعمال الترميم بلغت 101 مليون جنيه (نحو 14.2 مليون دولار)، موضحا أن هذا المبلغ «أقل شيء للحفاظ على تراث مصر». من جهته، قال البابا تواضروس الثاني إن افتتاح الكنيسة المعلقة هو يوم خالد في تاريخ مصر، ويبعث برسائل الوفاء ووعي وسلام للمصريين والعالم أجمع، مضيفا أن الافتتاح «»يبعث برسالة وفاء لأجدادنا وآبائنا.. وبرسالة وعي للمصريين أن الدولة برغم الظروف الاقتصادية لا تهمل آثارها.. ورسالة سلام للعالم أننا ممكن أن نحيا في سلام وأن الأديان كلها ممكن أن تتعايش». وخلال حفل الافتتاح سلم البابا تواضروس رئيس الوزراء هدية تذكارية لجهوده في ترميم الكنيسة المعلقة. وشيد الرومان في القرن الثاني الميلادي حصن بابليون في أحد المواقع الاستراتيجية للدفاع عن مدينة ممفيس، وبعد نحو أربعة قرون سكن هذا الحصن عدة كنائس مصرية، منها كنيسة السيدة العذراء والقديسة دميانة، وهو الاسم الفعلي للكنيسة التي اشتهرت بـ«المعلقة» إحدى أجمل كنائس الشرق الأوسط. وبعد قرون أخرى، فتح عمرو بن العاص مصر وأقام عاصمته الفسطاط، واختار هذا الموقع أيضا ليبني أول مسجد في البلاد؛ مسجد عمرو بن العاص، في المنطقة التي تسمى حاليا بالقاهرة القبطية. وفي هذا الدرب الممتد إلى جوار نهر النيل يبدأ شارع مار جرجس من جهة الجنوب بالكنيسة المعلقة وينتهي بجامع عمرو وفي الطريق بينهما دير مار جرجس وكنيسة أبي سرجة والمعبد اليهودي. من جانبه، قال وزير الآثار محمد الدماطي إن افتتاح الكنيسة المعلقة بعد 16 عاما هو «مناسبة ذات أهمية بالغة في تاريخ الحضارة المصرية، ويمثل فرحة وسعادة تغمر الجميع لإنقاذنا أثرا من الغرق». وقبيل افتتاح الكنيسة أمس (السبت) أطلق نشطاء مصريون دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي لترسيخ مفهوم التعايش تحت شعار «الموجة الخضراء». وفاضت الصفحات الشخصية لمئات المصريين باللون الأخضر.
مشاركة :