يؤدي رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والضغط الناتج عن محاولة إبقاء ربط العملات الخليجية بالدولار الأميركي تحت السيطرة إلى تعرض البنوك المركزية في المنطقة لضغوط تدفعها إلى رفع أسعار الفائدة، ودفع ذلك بعض المصدرين في المنطقة إلى انتهاز فرصة تأمين معدلات أفضل قدر المستطاع قبل رفع أسعار الفائدة. قال تقرير صادر عن شركة «كامكو» للاستثمار، إن إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2017 قفزت لأحد أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية مع تزايد إصدارات كل من سوقي السندات والصكوك. ووفق التقرير، يعد هذا العام عاماً قياسياً بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي بسبب استمرار تراجع أسعار النفط مقروناً بارتفاع ضغوط الموازنات المحلية، كذلك متطلبات الإنفاق على البنية التحتية، مما أدى إلى ظهور عدد من أكبر الإصدارات في المنطقة، كما تشير الاتجاهات الحالية أيضاً إلى وجود سلسلة من الإصدارات قيد الإعداد على المدى القريب. وفي التفاصيل، فإن رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والضغط الناتج عن محاولة إبقاء ربط العملات الخليجية بالدولار الأميركي تحت السيطرة يؤدي إلى تعرض البنوك المركزية في المنطقة لضغوط تدفعها إلى رفع أسعار الفائدة، ودفع ذلك بعض المصدرين في المنطقة إلى انتهاز فرصة تأمين معدلات أفضل قدر المستطاع قبل رفع أسعار الفائدة. أما بالنسبة لحصة كل دولة على حدة، فقد استمرت السعودية في الاستحواذ على نصيب الأسد من إجمالي إصدارات سوق الدخل الثابت التي بلغت مستوى قياسياً بقيمة 40.6 مليار دولار مقابل 20 ملياراً تقريباً في عام 2016. وتركز النمو في المقام الأول في إصدارات الصكوك، التي بلغت 28.1 مليار دولار خلال العام مقابل 1.7 مليار دولار فقط خلال العام 2016. وعلى الصعيد الاقتصادي، ما يزال سوق المشروعات بدول مجلس التعاون الخليجي أحد أكبر الأسواق في المنطقة بقيمة تصل إلى حوالي 3.1 تريليونات دولار. وبالمقارنة بمستويات العام السابق، يرتفع هذا الرقم بحوالي 300 مليار دولار أو بنسبة 11.6 في المئة عن نهاية عام 2016، مما يتطلب مزيداً من المصادر الممكنة، بالتالي إمكانية تزايد الإصدارات في سوق الدخل الثابت على المدى القريب. كما أنه بالنظر إلى تشدد سياسات الإقراض، التي تتبناها البنوك في ظل قيود السيولة، تتجه الشركات بصفة متزايدة نحو التطرق إلى سوق الدخل الثابت وتنشط في إحراز صفقات قياسية باستمرار. أما من حيث الجودة الائتمانية للجهات المصدرة، فتتمتع معظم الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بجودة ائتمانية وافية بما يمكنها من رفع مستويات الدين بارتياح في السوق الدولية. وينطبق ذلك، بصفة خاصة، على دول مجلس التعاون الخليجي مع احتفاظ اقتصاداتها بتصنيفات ائتمانية بدرجة الاستثمار، على الرغم من قيام وكالات التصنيف الائتماني بتخفيضها عند بداية تراجع أسعار النفط. ويتوقع لسوق إصدارات الدخل الثابت في عام 2018 أن تكون بريادة السعودية ثم قطر وعمان والبحرين نظراً إلى قيام تلك الدول بالبحث عن طرق لتمويل خططها الاستثمارية والتغلب على عجز الموازنات. حيث تتجه الجهات الحكومية للتطرق إلى سوق السندات الدولي ويتوقع لهذا التوجه الجديد أن يحظى بنمو هائل في عام 2018. إصدارات الأسهم في المنطقة تراجعت إصدارات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2017 ولم تنجح الإصدارات القياسية لدول مجلس التعاون الخليجي في معادلة التراجع، الذي سجلته اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذ بلغ إجمالي إصدارات السندات بدول مجلس التعاون الخليجي 81.2 مليار دولار، بنمو بلغت نسبته 11.6 في المئة أو ما يعادل 8.4 مليارات دولار مقابل 72.8 ملياراً في عام 2016. وشهدت الإمارات أعلى معدلات الارتفاع في عام 2017 إذ بلغ إجمالي إصداراتها للسندات 33.3 مليار دولار مقابل 19.1 ملياراً في عام 2016. كما ارتفعت الإصدارات الكويتية بأكثر من الضعف وبلغت 16.8 مليار دولار مقابل 7.2 مليارات عام 2016. في حين شهدت السعودية تراجع إصدارتها مقارنة بعام 2016 بإجمالي بلغ 12.5 مليار دولار مقابل 18.0 ملياراً في عام 2016 نظراً إلى إصدار المملكة عدداً أكبر من الصكوك تخطى إصداراتها من السندات في عام 2017. أما بالنسبة لقطر، التي حلت في المركز الثاني لجهة حجم الإصدارات في عام 2016 فقد شهدت تراجعاً حاداً عام 2017، إذ بلغ إجمالي إصداراتها 6.8 مليارات دولار مقابل 18.7 ملياراً في عام 2016. وشهدت مصر تراجعاً مماثلاً بإصدارها سندات بلغت قيمتها 10.3 مليارات دولار في عام 2017 مقابل 17.9 ملياراً لعام 2016.
مشاركة :