تعرض بعض الوثائق المحررة عام 1854 معلومات عن أعمال الترميم التي أجريت على مقر قائمّقامية منطقة سواكن وبعض الأحياء في الجزيرة. فيما تحتوي الوثائق التي تضم مراسلات موجهة من قائمّقامية سواكن والسلطات القضائية هناك إلى الصدر الأعظم في الأستانة (العاصمة - إسطنبول)، على توصيات بضرورة تجديد مبنى الجمارك، وإنشاء ميناء جديد، على أن تدفع التكاليف من قبل إدارة الجمارك في جدة بولاية الحجاز العثمانية. كما تتضمن الوثائق توصيات من الإدارات المحلية في سواكن، حول ضرورة تعزيز التحصينات العسكرية لصد أي هجمات خارجية محتملة في المستقبل، وضرورة إرسال كميات من الذخيرة، فيما تشير الوثائق إلى أن ضعف الإمكانات الاقتصادية منعت السلطات المحلية في سواكن من القيام ببعض تلك الإنشاءات والتحصينات اللازمة. ويتضح من خلال الوثيقة المشار إليها، أن الدولة العثمانية لم تهمل جزيرة سواكن، رغم الأزمات الاقتصادية التي كانت تعاني منها بسبب حرب القرم التي كانت تخوضها ضد روسيا القيصرية. وتكشف وثيقة صادرة عام 1864 عن نيل شركة "العزيزية المصرية"، امتياز بناء شبكة السكك الحديدية ما بين الخرطوم وجزيرة سواكن. وفي حديث مع الأناضول، قال المؤرخ التركي البروفيسور الدكتور عثمان كوسه، إن جزيرة سواكن دخلت الحكم العثماني بعد فترة وجيزة من فتح السلطان ياوز سليم (سليم الأول) مصر عام 1517. وأضاف كوسه، أن السيطرة على سواكن وبناء قلعة هناك، كانت تهدف إلى منع تنامي النفوذ البرتغالي في المنطقة، حيث كانت البرتغال وقتها واحدة من القوى الاستعمارية الكبرى التي تهدف للتوسع في المنطقة. وأشار أن السيطرة على سواكن أتاحت للإدارة العثمانية ضمان سلامة التجارة ووقف التقدم البرتغالي في المنطقة، وضمان أمن البحر الأحمر والمتوسط ووقف تنامي التهديد البرتغالي. ولفت كوسه أن العثمانيين نجحوا، خلال فترة وجيزة، في تحويل جزيرة سواكن إلى ميناء يستقبل التجار القادمين من الهند والداخل الأفريقي، والباشاوات المسافرين إلى اليمن والحبشة لتأدية مهامهم، والحجاج الذاهبين لتأدية فريضة الحج في الأراضي المقدسة. وأضاف كوسه أن أوليا جلبي، أشهر الرحالة والمؤرخين في القرن السابع عشر، زار جزيرة سواكن، وأشار في المعلومات التي قدمها عن الجزيرة في ذلك العصر، أن معظم منازلها كانت مبنية من الحجر، مع وجود نحو 260 خانة (منزلًا) مبنيًا من القش والقصب، وأن في الجزيرة مسجدًا بني من الحجر من قبل الوالي أوزدمير أوغلو عثمان باشا. وأشار جلبي أيضًا إلى أن الجزيرة تحتوي على 20 محلًا تجاريًا وعدة مساجد ومخازن كبيرة لتخزين البضائع الثمينة، كما أن وجود الميناء وفر لسواكن مختلف أنواع البضائع وبأسعار رخيصة وكميات وفيرة، لافتًا أن سواكن كانت تحتوي على خان، وحمَّام، ومدرسة دينية وكروم وبساتين. ونوه كوسه إلى أن الأنشطة البريطانية في السودان ومصر، أثارت مخاوف وغضب الإدارة العثمانية؛ إلا أنها لم تكن تستطيع فعل الكثير بسبب الهزيمة الكبيرة التي لحقت بها أثناء الحرب مع روسيا ما بين 1877-1878. وختم قائلًا: "لطالما شكلت جزيرة سواكن في البحر الأحمر، "بوابة لأفريقيا" ما أكسبها أهمية كبيرة بالنسبة للدولة العثمانية في جميع الفترات التاريخية، فضلًا عن الأهمية التي تشغلها المنطقة ضمن استراتيجية العثمانيين المتعلقة بالدفاع عن الحجاز ومنطقة البحر الأحمر". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :