اختلف الخبراء في الوقت الذي يجب بعده تقييم المدرب، البعض يقول نصف موسم والبعض يقول 10 مباريات تكفي، ولكن القاعدة المتفق عليها إن تلك المدة تقل لمباراة واحدة إن كان المدرب من خارج قبيلة أبناء النادي. -- مع إيهاب جلال خسر الزمالك من الأهلي، أمر كان سيحدث لو كان نيبوشا أو غيره مدربا للزمالك نظرا لفوارق فردية وأخرى خاصة بالاستقرار الفني والدوافع الخاصة للاعبين وخلافه، وبعدها تعادل مع الإنتاج الحربي وهي بالمناسبة نفس النتيجة التي انتهت بها مباراة الدور الأول. ولكن "أبناء النادي" لا يروا تلك الأمور، كل ما يرونه هو مدرب من خارج القبيلة على دكة الفريق. فاصل إعلاني، يعود الاستوديو إلى رمز النادي يضحك وكأن النادي توج منذ قليل بلقب دوري أبطال إفريقيا، قبل أن يبدأ في انتقاد المدرب وتشكيله وتغييراته. ثم ينتقل الاستوديو للرمز الأخر الذي كان حتى وقت قريب يعمل يدا بيد مع إدارة النادي، انتقاد متواصل لتشكيل المدرب وتغييراته وركض اللاعبين دون هدف، بلا تطرق للمهاجم الذي يهدر الأهداف داخل الـ6 ياردات والأخر الذي لم يسجل من اللعب المفتوح في الدوري منذ أبريل الماضي، أو للمتسبب الرئيسي في أن تكون قائمة الفريق مكونة من لاعبين يعيشون على ذكرى 2015 ويقدموا أداء لا يقارب نصف ما قدموه حينها، ولاعبين لم يحلموا باللعب للأهلي أو الزمالك ولكن ذلك تحقق فقط لأن أحد القطبين يشتري 20 لاعبا كل صيف. -- يجلس جمهور الزمالك أمام شاشات التلفاز عقب كل مباراة لا يفوز فيها الفريق ينتظر الضربة التالية: مداخلة سيادة المستشار رئيس النادي. وفي أغلب المباريات التي لا يفوز فيها الفريق، تكون مداخلة رئيس النادي أكثر تدميرا للفريق من الخسارة في الملعب. ما حدث بعد مباراة الإنتاج الحربي كان نادرا، رئيس النادي لم يظهر في أي مداخلة تلفزيونية رغم وعده بفضح "الخائن" في مباراة الأهلي ليتنفس جمهور الزمالك الصعداء. ولكن لأبناء النادي رأيا أخر. -- "إيهاب جلال مدرب عالمي، بدليل أنه لم يحرز أي بطولة، فهو قادم لضبط أداء الزمالك وليس دراسة اللاعبين في فترة طويلة، ما هي بطولاته؟، مدربو الزمالك كلهم ناجحون ولا يوجد بينهم فاشل من أبو رجيلة حتى مؤمن سليمان ومحمد حلمي اللذين حصدا لقب السوبر أمام الأهلي،هل أقتلهم بالتعاقد مع شخص من خارج النادي مع جماعة أهلاوية، ويحصد نقطة من مباراتين، كيف أتجاهل أبناء الزمالك من أجل علاقتي الخاصة بسمسار المدرب". يتناسى رمز الزمالك الأخر أنه كان لاعبا في الأهلي قبل أن يدخل النادي الأبيض، وبتطبيق نفس القاعدة عليه لم يكن ليصبح أبدا أحد "أبناء النادي". ولكن ماذا قدم أبناء النادي، للنادي، في السنوات الأخيرة؟ هل حصد أحدهم لقب الدوري؟ هل فاز أحدهم بلقب دوري أبطال إفريقيا؟ هل حقق أحدهم استقرارا فنيا وأداء مبهرا أثناء قيادته للنادي كرجل أول أو كمساعد لمدرب أجنبي؟ لا أظن ذلك. أبناء النادي - أو معظمهم حتى لا نقع في فخ التعميم - صاروا عنصرا رئيسيا في ضرب استقرار النادي. بين استعمال بعضهم لـ"تطفيش" المدربين الأجانب دون دفع الشروط الجزائية، وفتح بعضهم المجال لمداخلات رئيس النادي الليلية التي تضر أكثر مما تنفع، وصمت أغلبيتهم على عشرات التصريحات والقرارات التي وصلت لحد إعلان عرض بيع لاعبي الفريق عبر برامج التلفزيون دون الرجوع للمدرب، يصمت أبناء النادي.. إلى أن تحدث الخطيئة الكبرى وهي تعيين مدرب ليس ابنا للنادي! -- "أبناء النادي" لا يعوا، أو يتناسوا، أن كرة القدم دخلت عصر الاحتراف منذ عقود طويلة وأن الأولوية صارت للأكفأ الذي سيعمل في صالح النادي، كونه منتميا للنادي أو ابنا له أمر رائع ولكن كفاءته وإخلاصه لمكان عمله تظل المحك الأول والمعيار الحقيقي لتقييمه. تجربة إيهاب جلال مع الزمالك لم تتخط مباراتين و5 حصص تدريبية، التجربة واعدة بين مدرب أثبت أنه يستحق مكانا بين الكبار وفريق يبحث عن كبرياء مفقود ونجاحات غابت طويلا. ولكن، لنرى تجربة كتلك يجب أن يتوفر استقرارا يبدو وأن رئيس النادي أخيرا ينتوي توفيره على الأقل حتى نهاية الموسم، فعلى أبناء النادي ألا يكونوا المطرقة التي تهدم هذا الاستقرار، إن كان انتماءهم الحقيقي للنادي وليس لقبيلة "أبناء النادي". ابن النادي - بالنسبة للمشجع - هو من يقود النادي للانتصارات والتتويج ويحافظ على استقراره ويساند العاملين فيه أي كانت أسماءهم إلى أن يثبت فشلهم أو إضرارهم بمصالح النادي هنا يتوجب عليه الانتقال لخانة المعارضة، ولكن هل حدث ذلك مع إيهاب جلال؟ الأمر مازال مبكرا للغاية لتكوين حتى حكم مبدئي على تجربته مع الزمالك. ولكن ماذا يفيد ابن النادي إن كانت إنجازاته كلها تاريخا مكتوبا لم يعد لها حاضر أو مستقبل لأسباب من ضمنها مساهمته في تدمير ما تبقى من استقرار الفريق؟ ناقش الكاتب عبر تويتر
مشاركة :