لاقى إعلان التحالف بقيادة الولايات المتحدة تشكيل قوة جديدة من حلفائه في شمال سورية قوامها 30 ألف فرد، رفضاً واسعاً من موسكو وأنقرة ودمشق، محذرة واشنطن من تهديد مصالحها والسعي إلى تقسيم سورية. مع شروع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة العمل على تشكيل قوة أمنية من حلفائه في ائتلاف "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) قوامها 30 ألف عنصر لحماية الحدود الشرقية، سارعت أنقرة وموسكو ودمشق بتوجيه تحذير شديد اللهجة إلى واشنطن، أعلنت فيه رفضها القاطع لتقسيم سورية وتهديد مصالحها وأمنها القومي. وهاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطة الولايات المتحدة لإنشاء ما سماه "جيش ترويع" على الحدود الجنوبية لتركيا وهدد بسحقه قبل أن يولد، معلناً "استكمال الجيش استعداداته لإطلاق العملية العسكرية في أي لحظة لحسم مسألة عفرين ومنبج في أقرب وقت". وقال إردوغان في خطاب من أنقرة، "أميركا اعترفت بأنها تشكل جيشاً إرهابياً على حدودنا. ودورنا نحن وأده في المهد"، مضيفاً:" نقول لحلفائنا لا تحولوا بيننا وبين الإرهابيين، ولا تقفوا بيننا وبين قطعان القتلة، وإلا لن نكون مسؤولين عن حوادث غير مرغوب بها قد تنشأ نتيجة لذلك، وأزيلوا أعلامكم الموجودة في قواعدهم حتى لا نضطر إلى تسليمها لكم". وحذر نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداج الولايات المتحدة من "اللعب بالنار"، مؤكداً أنها تنشئ "جيشاً إرهابياً"، تحت ستار قوات الأمن الحدودية المزعومة، وأن دعمها لميليشيات تصنفها أنقره إرهابية لا يتفق مع علاقات الصداقة والتحالف والشراكة الاستراتيجية. مشورة وشرعية ووفق وزارة الخارجية التركية، فإن "التحالف الدولي لم يأخذ مشورة أنقرة بصفتها عضواً فيه"، مؤكدة أن "اتخاذ مثل تلك الخطوة يعد تهديداً غير مقبول للأمن القومي التركي ووحدة الأراضي السورية وإعطاء شرعية لمنظمة إرهابية". وفي وقت سابق، حذر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الولايات المتحدة من أن خطواتها تضفي شرعية لقوات "ب ي د وي ب ك الإرهابية وتثبيت أركانها في المنطقة بشكل دائم أمر مقلق، ولا يمكن القبول بهذا الوضع على الإطلاق". تحصين الحدود وعلى الفور، بدأ الجيش التركي خطة تحصين عسكرية على الحدود ودفع بتعزيزات إلى ولاية شانلي أورفة وغازي عنتاب المتاخمة لسورية تتضمن مدرعات وجنوداً وعربات، كما وصلت ناقلات جنود مدرعة ومركبات تحمل معدات عسكرية إلى ولاية هطاي جنوباً. أفادت مواقع كردية بأن "الجيش التركي أزال جزءاً من الجدار العازل على الحدود الفاصلة بين مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي وبين الأراضي التركية"، مشيرةً إلى أنه "وضع مكانه باب معدني ضد الرصاص، ليستخدمه كمعبر سري". عزيمة سورية بدورها، شددت دمشق على أن قواتها المسلحة أكثر عزيمة وصلابة على إنهاء أي تواجد عسكري للولايات المتحدة وأدواتها في سورية وإسقاط المؤامرة المتجددة وبسط السلطة الشرعية على كل أراضيها والحفاظ على سيادتها ووحدتها، معتبرة أن الخطوة الأميركية "اعتداء صارخ" على سيادتها وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي. ووفق مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين السورية، فإن "ما أقدمت عليه الإدارة الأميركية، يأتي في إطار سياستها التدميرية في المنطقة لتفتيت دولها وتأجيج التوترات فيها وإعاقة أي حلول لأزماتها ويوضح في نفس الوقت عداءها المستحكم للأمة العربية خدمة للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة". وأوضح المصدر أن سورية تدعو المجتمع الدولي إلى إدانة الخطوة الأميركية والتحرك لوضع حد لنهج الغطرسة وعقلية الهيمنة التي تحكم سياسات الإدارة الأميركية والتي تنبيء بأسوأ العواقب على السلم والأمن الدوليين. وحدة ورد بدوره، عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلق موسكو من الخطط الأميركية للمساعدة في إنشاء مناطق حدود آمنة شمال سورية، متهماً واشنطن بأنها لا تريد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وقال لافروف، في مؤتمر صحافي حول نتائج العمل الدبلوماسي الروسي عام 2017، "المشروع الأميركي المعتمد على الوحدات الكردية يثير تساؤلات أيضاً حول قضية العلاقة بين الأكراد وتركيا. وهذه الخطوة الأحادية الجانب لا تساعد في تهدئة الوضع حول عفرين". وذهب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما فلاديمير شامانوف إلى أبعد من ذلك، إذ اعتبر تشكيل القوة الأميركية يتعارض بشكل مباشر مع المصالح الروسية في سورية، مؤكداً أنها ستتخذ بالتعاون مع شركائها إجراءات الرد المناسب على ذلك لإرساء الاستقرار في المنطقة. المرحلة الأولى وبعد زيارة قادة من فصائل الجيش الحر إلى الولايات المتحدة، لبحث عدة أمور بينها الاستمرار بمحاربة الإرهاب والحصول على دعم عسكري بعد توقف عمل غرفة عمليات "موك" العاملة في جنوب سورية، و"موم" التي تدير جبهات الشمال السوري، كشف المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل ريان ديلون أمس الأول عن استراتيجية "لمنع عودة تنظيم داعش" تشمل تشكيل قوة أمنية حدودية قوامها 30 ألف عنصر نحو نصفهم من "قسد"، موضحاً أن "المرحلة الأولى بدأت فعليا وشملت تدريب ما يقارب 230 شخصاً". ووفق مصادر في المعارضة، فإن القوة محورها "قسد" إلى جانبها بعض الفصائل العسكرية المنضوية في الجيش الحر على الحدود السورية- الأردنية، من بينها "مغاوير الثورة" وقوات "أحمد العبدو". من جهته، أكد رئيس المركز الإعلامي في "قسد" مصطفى بالي البدء في تشكيل القوة الحدودية والشروع في تدريب عناصرها، مبيناً أن "هذا انتقال لمرحلة جديدة من التعاون بيننا وبين التحالف الدولي". وأفاد بالي بأن الوحدات الجديدة سيتم نشرها عند الحدود مع تركيا وبمحاذاة المنطقة التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية، مشيراً إلى أن "المناطق الواسعة والمدن التي تم تحريرها بحاجة إلى من يحميها".
مشاركة :