تباينت آراء عدد من الخبراء حيال تحرك أسعار النفط وتحسنها خلال العام الحالي، واعتمد بعضهم على التطورات الجيوسياسية، التي قد تكون مفتعلة، حسب آرائهم، لحلحلة الأسعار نحو الارتفاع أحياناً، مما قد يصب في مصلحة بعض الدول خصوصاً الكبرى منها، كالولايات المتحدة الأميركية، التي تسعى إلى إنتاج النفط الصخري بكثافة. «الجريدة» استطلعت آراء بعض الخبراء في التحقيق التالي: في البداية، يرى الخبير النفطي عبدالحميد العوضي، أن اتفاق خفض الإنتاج، الذي تم بين الدول من أعضاء منظمة «أوبك» ومن خارجها، لم يكن ذا تأثير حاسم منذ بداية العمل خلال الأشهر الستة الأولى من تطبيقه، بسبب عدم الالتزام الصارم من الدول المنتجة، معتبراً أن المحرك الرئيسي للأسعار خلال الفترة الماضية كانت الانتخابات الأميركية، فضلاً عن التوتر الذي حدث بين الولايات المتحدة وإيران، لأن الأخيرة تعد ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في العالم من داخل منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك». لعبة سياسية ولفت العوضي إلى أن هناك لعبة سياسية تمارسها الولايات المتحدة تعمل على رفع أسعار الخام، مثل التهديدات التي وجهتها إلى كوريا الشمالية على خلفية تجاربها الصاروخية، مبيناً أن هذه اللعبة تهدف إلى البدء في استخراج النفط الصخري بكثافة، خصوصاً أن إنتاج الولايات المتحدة وصل حالياً إلى نحو 10 ملايين برميل يومياً. وذكر أنه على الرغم من زيادة الإنتاج الأميركي فإن خفض الإنتاج من الدول المنتجة يساهم نسبياً في ارتفاع الأسعار، معتبراً أن اتفاق «أوبك» لن يستمر طويلاً بسبب التصريحات من بعض الدول إلى إمكانية الخروج من الاتفاق الأمر، مما قد تحدث معه انتكاسة لأسعار الخام وتوقع حدوث تلك الانتكاسة خلال شهر يونيو المقبل. وبين أنه مع ذلك، ستكون التحركات السياسية، التي تقوم بها الدول الكبرى من آن لآخر العامل الرئيسي في استقرار الأسعار في الأسواق النفطية. وحول توقعاته لأسعار الخام الكويتي خلال العام الحالي، أفاد بأنه لايمكن القياس على أسعار النفط الكويتي، بل القياس يكون دائماً على أسعار خام مزيج برنت، الذي يمكن أن يصل إلى 65 دولاراً للبرميل هذا العام، وعليه توقع أن يبلغ سعر الخام الكويتي نحو 62 دولاراً للبرميل. وأكد العوضي أن هناك طفرة في صناعة السيارات الكهربائية قد تؤدي خلال السنوات العشرة المقبلة إلى هبوط أسعار النفط إلى 10 دولارات للبرميل. تحديات أساسية من جانبه، قال الخبير والاستشاري النفطي د.عبدالسميع بهبهاني، ان العام الحالي حافل بثلاثة تحديات أساسية مؤثرة مباشرة على النفط، يكمن أول تحد في إنتاج الغاز، وتوقع أن يبدأ العمل في مشروع خط أنابيب الغاز بين آسيا وإيران وروسيا والهند خلال الربع الثالث من العام الحالي، كذلك مشروع قطر لزيادة إنتاج الغاز، فضلاً عن اكتشافات الغاز في شمال الولايات المتحدة. أمـــــــــــــــا التحـــــــــــــــــدي الثـــــــــــــاني، رأى د. بهبهاني أنه تحدٍّ جيوسياسي، وأن جميع الرؤى تتجه إلى استقرار يسود منطقة الشرق الأوسط خلال هذا العام، مدللاً على ذلك ببداية جيدة لكل أسواق المال العالمية، كذلك المعلومات الواردة عن النمو العالمي، الذي سيشهده العالم، فضلاً عن شواهد مؤكدة وجدية لبناء طريق الحرير، الذي تبنته الصين لربط قارات العالم. وأوضح أن هناك إقبالاً من دول كثيرة للانضمام إلى ذلك الطريق، والمتوقع ضخ استثمارات ضخمة فيه قد تصل إلى 400 مليار دولار. وتوقع بهبهاني أن الالتزام الحالي للدول المنتجة للنفط، الذي وصل حسب الإحصائيات إلى ما يفوق 120 في المئة يمكن أن يكون محفزاً للسنوات المقبلة، مبدياً تفاؤله بأن قرارات «أوبك» في خفض الإنتاج سوف تدعم السوق بقوة. ولفت إلى أن الاستقرار الفعلي لأسواق النفط سوف يظهر بوضوح عام 2019 مشدداً على أن كل الأدوات البديلة للنفط لن تغني العالم الصناعي عن استخدام الخام، ولن ترقى إلى مستوى سد حاجة الدول. واعتبر أن التحدي الثالث والأخير، يتمحور حول العامل الإعلامي، الذي يضخم من العوامل البديلة مثل الكهرباء والطاقة المتجددة متوقعاً وصول أسعار الخام الكويتي إلى 58 دولاراً للبرميل خلال 2018. ستدور في فلك 60 و70 دولاراً من ناحيته، يرى الخبير النفطي أحمد كرم أن أسعار النفط خلال العام الحالي ستدور في فلك 60 إلى 70 دولاراً للبرميل، حسب المؤشرات الاقتصادية والنمو العالمي. وقال كرم، إن التطور والنمو، الذي يشهده العالم حالياً سيكون في حاجة للخام بشكل أساسي، كما أن التطورات الجيوسياسية، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن نقص المخزونات وتراجع سعر الدولار الأميركي سوف تشكل عاملاً أساسياً في ارتفاع نسبي للأسعار. واعتبر أن الدول المنتجة للنفط من داخل أوبك وخارجها تنسق جهودها بشكل أكثر اتساقاً مع الهدف المرجو لرفع الأسعار لتتراوح ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل، مبيناً في الوقت نفسه أنه في حال حدوث انسحابات من اتفاق «أوبك» فسوف يؤثر ذلك على أسعار الخام بشكل واضح.
مشاركة :