جدل واستقطاب وتصريحات مدوية في عام ترامب الأول في البيت الأبيض

  • 1/16/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اتسم عام الرئيس دونالد ترامب الأول في السلطة بالجدل والاستقطاب والتصريحات المدوية، ما غير في شكل واسع الأسلوب الذي يتفاعل من خلاله الأميركيون مع رئيسهم. وقال ترامب لدى دعوته الصحافيين لإحدى غرف البيت الأبيض لإيجازهم عن عامه الأول في السلطة «مرحباً بكم في الاستوديو»، في تعليق طريف قد يوحي بالكثير. ولمدة عام الآن، تابع العالم وأميركا بذهول وأحياناً بذعر نهج ترامب. وبشكل لم تشهده سياسات أخرى لأسلافه، أسر أسلوبه العالم وأثار الاستياء أحياناً أخرى. ويرى الاستاذ المتابع لمسألة التواصل الرئاسي في جامعة «تاوسن» ريتشارد فاتز أن «خطاب دونالد ترامب لا يشبه خطاب أي رئيس في العهد الرئاسي الحديث». وأضاف أنه «يتواصل باستمرار أكثر ويبدو مهتماً بشكل أقل بعواقب خطابه من أي رئيس في هذه الحقبة». ووصف ترامب نفسه بأنه «عبقري مستقر»، وتارة أخرى وصف بلداناً يأتي منها المهاجرون بأنها «حثالة»، بينما لم يتردد في كيل الاتهامات وتهديد خصومه السياسيين. وفي حين حاول العديد من الرؤساء الالتفاف على انتقادات وسائل الإعلام - انطلاقا من دردشات فرانكلين روزفلت قرب المدفئة وصولاً إلى لقاءات باراك أوباما مع مستخدمي «يوتيوب»- استخدم ترامب موقع «تويتر» بشكل نشط للغاية. وبينما يؤيد أنصاره أسلوبه الرافض لكل ما يعتبره كلاماً فارغاً، يثير ترامب غضب معارضيه مع كل تصريح صادر عنه يرون فيه انتهاكاً أخلاقياً. وأضفى الرئيس الذي يميل للاستعراض على قراراته ذات الوزن الجيوسياسي الكبير إثارة تستحق تصنيفها بأنها مشهد ختام الموسم، على غرار قراره في شأن الاتفاق النووي الايراني أو وضع القدس. ويتطرق عادة إلى «التقييمات» المرتبطة بفترته الرئاسية والتغطية الإعلامية أكثر من أي مسألة أخرى. ولم تعد تصريحاته تؤخذ بحرفيتها، سواء ارتبط ذلك بحجم الحشد الذي حضر مراسم تنصيبه أو إن كان في شأن نيته الفعلية المضي قدماً بتعهده سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ. وفي هذا السياق، يشير المفاوض السابق في قضايا الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر إلى أن الفجوة بين تصريحات الرئيس الأميركي والحقيقة تعد مشكلة بالنسبة إلى باقي العالم. وقال ميلر: «يتساءل حلفاؤنا وخصومنا: إلى أي درجة يمكن الوثوق بالرئيس وما مدى صدقيته؟ هل يعني ما يقول وهل يقول ما يعني؟» وكتب ترامب كرئيس أكثر من 180 تغريدة عن «الأخبار الكاذبة» وحجوالى 170 عن شبكة فوكس نيوز» وحدها التي تشيد به وفقاً لمعاونيه ما يشكل دعماً نفسياً له. وبينما يتوجه غالبية مرشحي الرئاسة إلى القاعدة الشعبية ومن ثم يوسعون دائرة اهتمامهم اثناء فترة تواجدهم في السلطة، تمسك ترامب باستراتيجية القاعدة أولاً متجاهلاً بشكل واسع أصداء تصريحاته في العالم. ويدون الديبلوماسيون في واشنطن ملاحظاتهم خلال الاجتماعات مع الصحافيين لا العكس. من جهتهم، أدرك زعماء على غرار الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الاطراء هو أفضل استراتيجية في التعاطي مع ترامب. وتبع آخرون هذه السياسة، إذ قدم قادة من بريطانيا وصولاً إلى النروج، للبيت الأبيض حاملين معهم المديح للرئيس الأميركي على رغم عدم الارتياح الذي بدا عليهم. ويشير البيت الأبيض إلى الانجازات التشريعية والتحسن الذي شهده سوق الأسهم العام الماضي، إذ سجلت بورصة «وول ستريت» ارتفاعات قياسية بفضل إصلاحات ترامب الضريبية المفيدة بالنسبة للأعمال التجارية. لكن عام ترامب الأول شكل معضلة لمفاهيم استمرت لعقدين وساهمت في صعوده إلى السلطة والتي مفادها أن رجال الأعمال أكثر كفاءة من البيروقراطيين والسياسيين التقلديين. وعلى امتداد غالبية العام، شهد البيت الأبيض تسريبات من أنصار «العولمة» ضد «الشعبويين» والعكس، فيما صدرت تسريبات من الطرفين ضد الرئيس. وتراجعت حدة النميمة في أروقة البيت الأبيض مع تسلم جون كيلي منصب كبير موظفيه وطرد المخطط الاستراتيجي المثير للجدل ستيف بانون. لكن الفوضى لم تنته، إذ يعود موظفون إلى العمل بعد أشهر من طردهم. ويشهد كل أسبوع مغادرة أشخاص جدد مناصبهم. وفي هذه الأثناء، ازدادت الشكوك في شأن تصرفات ترامب. فأظهر استفتاء أجرته جامعة كوينيباك أن 69 في المئة من المشاركين يعتقدون أنه غير متزن فيما يرى 57 في المئة أنه غير مؤهل للرئاسة. إلا أن الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون عمل جاهداً على الحد من العواقب السياسية. وفي حال عثر المحقق روبرت مولر على دليل بأن ترامب عرقل القضاء أو قام بتعاملات مالية سرية أو أن فريق حملته تعاون مع روسيا، فإن كل ذلك يمكن أن يتغير. وفي إمكان فوز الديموقراطيين بغالبية في الكونغرس في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل كذلك تغيير المعادلة. ولربما ما يقلق الرئيس أكثر هو وجود مؤشرات بأن الاميركيين ملوا من الدراما المحيطة به. ووفقاً لمؤشر «غوغل تريندز» الذي يحفظ المعلومات المتعلقة بالبحث، تراجع الاهتمام بترامب منذ تنصيبه في كانون الثاني (يناير) العام الماضي، إذ انخفض بنسبة 75 في المئة عن تلك الفترة. وليس هناك ضمانات بأن ترامب سيحظى بتصنيفات مرتفعة خلال السنة الثانية له في السلطة.

مشاركة :