عرف عن وزارة الشؤون أنها من أكثر الوزارات تشعّباً في خدماتها، بل ومن أكثر الوزارات إثارةً للجدل! ربما لحساسية الملفات التي تديرها، بدءاً بالخدمات الاجتماعية المتعلّقة بالمرأة والأسرة والطفولة ورعاية الأحداث والمسنين، مروراً بالجمعيات الأهلية والمبرات، ونهاية بأعمال الجمعيات التعاونية. وهذه الأخيرة بالذات لها كثير من الملاحظات والممارسات التي يجب الوقوف عندها والتمعّن فيها، لما لها من دور مهم وحيوي في دعم الأمن الغذائي والرفاه الاجتماعي والتطور الاقتصادي في البلاد، ومنها توفير السلع الاستهلاكية وبأسعار منخفضة. وكما نعلم، فإن معالي الوزيرة هند الصبيح كان لها دور مهم في دعمها لأصحاب المشاريع الصغيرة تحديداً، خصوصاً في البدايات، عندما كان أغلب القياديين في البلد يتعاملون مع هذا الموضوع بتردد أو على استحياء، في وقت كانت فيه جهات الدولة الأخرى، ربما لم تستوعب أهمية هذا الدعم وتأثيره في الاقتصاد الكلي والمجتمعي ككل! إلا أن الوزيرة هند الصبيح كانت سبّاقة في خدمة المشاريع الصغيرة، وحتى قبل أن يقوم الصندوق الوطني «المتباطئ» بممارسة أعماله ولأكثر من عام كامل؛ إذ قامت بإنشاء مركز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واتخذت القرارات ولم تتردد أبداً في تعديل أخرى لتطوير وتحسين بيئة أعمال المبادرين. وقامت أيضاً بإنشاء كثير من اللجان والفرق الشبابية والتطوعية، حتى ان أكثر القوانين التي صدرت تباعاً كانت تأتي من ملاحظات وتلميحات هذه اللجان وهؤلاء الشباب وبشكل تطوعي بحت، كان أهمها أن تقوم الجمعيات التعاونية بدعم فئة المبادرين من الشباب أصحاب المشاريع الصغيرة والمسجلين على بند الباب الخامس من التأمينات تحديداً. أشهر تلك القرارات كان القرار الوزاري رقم 66 لسنة 2016، الذي نص على أن تتحمّل الجمعيات التعاونية الدعم الكامل لأصحاب المشاريع الصغيرة، من توفير للقواطع والرفوف ومن دون إيجارات لتسويق منتجاتهم، وتقديم فرص استثمارية أخرى في المساحات والمحال التابعة لكل جمعية تعاونية. وهي قرارات بلا شك تحسب لوزارة الشؤون وعلى رأسها معالي الوزيرة هند الصبيح، التي بفضلها استطاع الشباب الكويتي المبادر مزاحمة كبرى الشركات وعرض منتجاتهم في الصفوف الأولى وبأقل التكاليف الرأسمالية أو التشغيلية وبانتشار واسع وسريع. ولكن على الرغم من تلك المجهودات الرائعة التي تقوم بها الوزيرة، فإن بعض الجمعيات بدأت تتملّص من ذلك الدعم، وبتراخ ملحوظ من قبل بعض مسؤولي وزارة الشؤون ربما لقلة معرفة منهم، وذلك عبر تمنعها عن تطبيق هذه القرارات تارة، وعرقلتها للمبادرين عن طريق رفض إدخال منتجاتهم في الأسواق المركزية لهذه الجمعيات تارة أخرى! وقد وصل الأمر إلى أن مجالس إدارات بعض الجمعيات تراوغ مع الوزارة، وكأن الجمعية هي ملكيتهم الخاصة وبكيان مستقل تهدف وتسعى الى الربح المادي على حساب دورها الاجتماعي المهم! نظن أن معالي الوزيرة في مواجهة مباشرة مع فئة من أعضاء بعض مجالس إدارات بعض الجمعيات وفي تحد واضح للهيمنة، ولكن نتمنى ألا تكون تلك محاولة لمصادرة قرارات وزارية وحكومية بالغة الأهمية، ولا ندري حقيقة من ستكون له اليد الطولى في رفض أو تنفيذ تلك القرارات والتوجيهات؟! وهل ستقوم الوزيرة بمحاسبة الجمعيات المتراخية، وقطع نفوذها داخل الوزارة، التي تراخى بعض مسؤوليها في تطبيق القانون، وأنهكوا روّاد الأعمال بكثرة طلباتهم؟! محمد الجدعي m.aljedei@gmail.com
مشاركة :