قرب حديقة تحولت إلى ركام، وفي الطابق السفلي لمبنى تصدعت واجهته بالكامل، ينهمك عمّار في إعداد سندويتشات الفلافل الساخنة تلبية لطلبات زبائنه من رجال ونساء عادوا الى مدينتهم الرقة السورية رغم الدمار الكبير وغياب الخدمات الرئيسية. طوال ساعات النهار، تتوقف سيارات ودراجات نارية أمام محل «فلافل الملك» الصغير في وسط المدينة، المعقل السابق الأبرز لتنظيم داعش في سوريا، وينتظر أصحابها تلبية طلباتهم. وأمام المطعم، يلتهم عمال بسرعة السندويتشات قبل أن ينصرفوا الى أعمالهم في رفع الركام أو ترميم المنازل التي دمرتها المعارك. فور نضوج أقراص الفلافل داخل قدر من الزيت المغلي، يأخذ مالك المحل عمّار قصاب (33 عاماً) عدداً منها ويمدها فوق رغيف من الخبز قبل أن يضيف إليها الخضار وصلصة «الطرطور». ويقول قصاب لوكالة فرانس برس «أعدنا افتتاح المطعم منذ قرابة 15 يوماً. فلافل الملك معروفة هنا، مطعمنا موجود منذ 40 عاماً (…) وكنا نقدم فيه قبل الأحداث (معارك الرقة) الفتة والفول» أيضاً. ويبدي قصاب ذو الذقن السوداء الخفيفة تفاؤله مع «بدء الناس العودة إلى المدينة لتعيد إعمار منازلها وتنظفها». ويقول أثناء عمله مع موظفين اثنين من دون توقف إن الكثيرين يفضلون «شراء السندويتشات لأنها أوفر من الطبخ، خصوصاً أن منازل الغالبية (من السكان) مدمرة». ويبيع المطعم يومياً «1200 سندويتش فلافل» وفق قصاب الذي يعرب عن سعادته لعودة حركة المبيع تدريجياً إلى «سابق عهدها». وأمام المطعم المطل على حديقة الرشيد، الخالية من الأشجار والزهور، تقول شابة تغطي رأسها بحجاب زهري وهي تبتسم «سعيدة لأنني موجودة هنا وأتناول الفلافل مع أمي، أحب الرقة كثيراً». ولم يعد ممكناً في وسط المدينة التمييز جراء حجم الدمار بين منزل أو متجر. ويتكرر في المدينة رؤية سكان يجلسون على كنبات أو مقاعد وضعوها أمام منازلهم التي سويت بالأرض. (ا ف ب)
مشاركة :