الزوال هو مصير المعتدين.. وكل قوة متسلطة محكوم عليها بالانحطاط

  • 1/18/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت في القاهرة أمس أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس الذي ينظمه الأزهر بمركز الأزهر للمؤتمرات على مدى يومين بمشاركة وفود من 86 دولة من بينها المملكة العربية السعودية برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي. ويرأس وفد المملكة العربية السعودية في أعمال المؤتمر معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ. وشهدت الجلسة الافتتاحية حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ووزير الأوقاف نائباً عن رئيس الوزراء المصري الدكتور محمد مختار جمعة، وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومعالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، ومعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، ومعالي رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، ورئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي والأمين العام لمجلس الكنائس العالمي الدكتور أولاف فيكس تافيت. وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية أن انعقاد المؤتمر لنصرة القدس جاء استمراراً لدور بلاده والأزهر في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس المحتل. وأضاف أن المؤتمر ينعقد في ظل ما تشهده قضية فلسطين وخاصة ما آلت إليه مؤخراً من تعقيدات السياسات الجائرة والقرارات غير المسؤولة، داعياً لكل القادة العرب والمسلمين وشرفاء العالم بالسداد والقوة والعزم والصلابة التي لا تلين إلا بالحق والعدل وإنصاف المستضعفين. وشدد شيخ الأزهر على أن الزوال هو مصير المعتدين وأن كل قوة متسلطة محكوم عليها بالانحطاط، مبيناً ضرورة امتلاك القوة التي ترعب العدوان وتجعله يفكر ألف مرة قبل أن يمارس طغيانه واستهتاره واستبداده. ونوه بأن السلام الذي ندعو إليه هو «السلام المشروط بالعدل والاحترام وانتزاع الحقوق التي لا تقبل البيع ولا المساومة ولا الشراء، سلام لا يعرف الذل ولا الخنوع ولا المساس بذرة واحدة من تراب الأوطان والمقدسات، وسلام تصنعه قوة العلم والتعليم والاقتصاد والتسليح الذي يمنحنا الرد الصاع صاعين». وأعرب عن أمله في أن يتمخض المؤتمر عن نتائج عملية غير تقليدية تستثمر فيها الطاقات وتنظم الجهود مهما صغرت، وأهمه هو إعادة الوعي بالقضية الفلسطينية عامة وبالقدس خاصة. ودعا وسائل الإعلام المختلفة في العالمين العربي والإسلامي إلى الاهتمام بقضية فلسطين والقدس، مؤكداً أن القرار الجائر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أنكرته شعوب الأرض المحبة للسلام يجب أن يقابل بتفكير عربي وإسلامي جديد وجاد يتمحور حول تأكيد عروبة القدس وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وتبعيتها لأصحابها، وأن يرقى ذلك ليصبح ثقافة محلية وعالمية. واقترح شيخ الأزهر في ختام كلمته بأن يخصص عام 2018 ليكون عاماً للقدس الشريف، تعريفاً به ودعماً مادياً ومعنوياً للمقدسيين ونشاطاً ثقافياً وإعلامياً متواصلاً تتعهده المنظمات الرسمية كجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعات العربية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها. وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القدس ستظل عاصمة أبدية لفلسطين، مشيراً إلى أن فلسطين تواجه تحديات كبرى بدأت منذ أكثر من 100 عام بوعد بلفور، وهناك مؤامرة كبرى تستهدف القدس بكل ما تمثله من قيم ومعانٍ دينية وتاريخية وإنسانية وحضارية وتضرب القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية. وقال: إن المؤامرة ضد القدس مؤامرة استعمارية بكل المعاني من أجل زرع جسم غريب في فلسطين لصالح الغرب، وتتمثل المؤامرة في الإعلان الأخير الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأدعى فيه زوراً وبهتاناً أن القدس عاصمة إسرائيل في تحدٍ سافر لعقيدة ومشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين علي السواء، وفي انحياز فاضح لصالح الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وعدوانه المستمر على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية «قد اختارت أن تخالف القانون الدولي وجميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية وتحدي إرادة الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم كافة، كما تناقض الإجماع الدولي الذي أعربت عنه دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في الـ 29 نوفمبر لعام 2012 حين اعترفت بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية». وتابع الرئيس الفلسطيني قائلاً في 21 ديسمبر لعام 2017 رفضت الجمعية العامة تحت بند «متحدون من أجل السلام» بأغلبية 129 دولة قرار الرئيس ترامب واعتبرته لاغياً وباطلاً، وحصلنا على 750 قراراً في الجمعية العامة منذ عام 47 إلى يومنا هذا بسبب عجز المجتمع الدولي» ولم يطبق قرارًا واحدًا من كل هذه القرارات». ودعا الدول العربية والإسلامية إلى الوقوف معاً لتقول لهذا العالم الظالم: لماذا كل هذه القرارات 750 قراراً في الجمعية العامة، و86 قراراً في مجلس الأمن ولا يطبق منها أي قرار، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لن يذهب للإرهاب والعنف بل سيستمر في المطالبات السلمية حتى يحصل على حقوقه». واستنكر الرئيس محمود عباس قبول الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مبيناً أن هذا الموقف ناقض كل سياساتها ونسف كل مواقفها السابقة وهز صورتها كدولة عظمى يفترض أن تلتزم بتعهداتها وأن تحترم الشرعية الدولية وقوانينها. ونبه إلى أن الولايات المتحدة أخرجت نفسها بهذا القرار من عملية السلام، وأنها لم تعد تصلح للقيام بدور الوسيط الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية بعد أن وقفت في صف الاحتلال الإسرائيلي. وأشار إلى أن فلسطين ستذهب إلى كل الخيارات للدفاع عن قضيتها عدا الإرهاب والعنف، لافتاً النظر إلى أن الشعب الفلسطيني يجب أن يأخذ دوراً في الدفاع عن القدس فضلاً عن العمل على تدويل الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي وإيجاد مرجعيات دولية وإقليمية أكثر موضوعية ونزاهة، وضرورة مواصلة الانضمام إلى المنظمات والمعاهدات الدولية كحق أصيل لدولة فلسطين. وجدد الرئيس الفلسطيني تمسكه بالسلام كخيار للشعب يستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وحل قضايا الوضع النهائي كافة، موضحاً أن فلسطين تاريخياً في عام 1947 كان لنا فيها 96 في المائة، ثم جاء قرار التقسيم الأول والثاني وأعطى إسرائيل 56 في المائة، و43 في المائة لفلسطين، وفي نفس الوقت احتلت إسرائيل 32 في المائة من أرضنا وسكت العالم كله ولم يحرك ساكناً. وشدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر نصرة القدس بالقاهرة أنه لن يتخلى أي أحد منا جميعاً أو يفرط في حبة رمل من القدس، فهي أولى القبلتين ولن تغير وجهها أو هويتها لا اليوم ولا غداً ولا إلى قيام الساعة، مبيناً أننا سنبقي أوفياء وملتزمين بقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية وبخاصة قرار الإجماع الوطني عام 1988 الذي حدد ثوابتنا الوطنية التي لن يتنازل عنها أحد، ولا يمكن المساومة على قضية القدس وفلسطين أو التهاون في مكانتها وسلطانها الروحي، فلا معنى لدولة فلسطين دون أن تكون القدس الشرقية بالمسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة عاصمة لها. وقال: إن هناك من اعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس من الدول الأوروبية مثل مملكة السويد، إضافة إلى بابا الفاتيكان الذي رفع العلم الفلسطيني على الفاتيكان، مشيراً إلى أن قرار الرئيس ترامب لن يعطي لإسرائيل أية شرعية ولن يمنح الاحتلال حقاً في أرضها أو سمائها، مشيراً إلى أن القدس مدينة فلسطينية عربية إسلامية مسيحية وبدونها لن يكون هناك أي سلام في المنطقة أو العالم بأسره ما لم تتحرر القدس بكل حدودها التي نريدها من الاحتلال الإسرائيلي» فالقدس هي بوابة الجميع للسلام حين تكون فقط عاصمة لدولة فلسطين، وستكون بوابة الحرب والخوف وغياب الأمن والاستقرار إن لم تكن كذلك وعلى ترامب أن يختار». وأكد أن الموقف الأمريكي أغرى الاحتلال بالاستمرار في عدوانه وطغيانه وإعادة رسم حدود القدس ولم يعد من الممكن السكوت أمام هذا العدوان، ونحن مطالبون جميعاً بخطوات عملية بحسب طاقات وإمكانات الكل من أجل منع إسرائيل من مواصلة انتهاكاتها لهوية وطابع مدينة القدس واستمرار الاستيطان فيها واعتداءاتها على المقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الأقصى، مضيفاً أن إسرائيل احتلت كل الأراضي وما بقى لنا 22 في المائة فقط منها مطالباً بتلك الأراضي من فلسطين التاريخية، ومع ذلك نواجه رفضاً من ترامب الذي يؤكد أن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، مشدداً على «أننا لن نقبل بهذا الكلام لا من ترامب أو من الولايات المتحدة.. فالقدس عاصمتنا». وأضاف عباس قائلاً: «ندعوكم إلى زيارة القدس وعدم تركنا وحدنا»، وأن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يجعل حياة الفلسطينيين جحيماً لا يطاق من أجل إجبارهم على ترك أرضهم ومقدساتهم وخاصة المدينة المقدسة تحت الضغوط المعيشية والاقتصادية التي تتسبب بها سياسات الاحتلال العنصرية من قتل لأبناء الشعب من دم بارد، كما فعلوا مع الطفل «محمد أبو خضير» وأعدموه حرقاً، وكذا عائلة الدوابشة التي أحرقوها وهي نائمة في منزلها ليلاً. ولفت النظر إلى أن إسرائيل تصادر الأراضي وتهدم البيوت لتجبر الناس على المغادرة «ونحن باقون ولن نغادر أرضنا ونكرر حماقة 48 و67 وسنبقى في أرضنا مهما فعل الاحتلال»، مشدداً على أن قضية القدس ليست قضية هامشية في حياة الأمة بل هي أم القضايا التي يجب أن تكون على رأس أولويات الدول والحكومات، كما أن قدوم العرب والمسلمين والمسيحيين إلى القدس هو نصرة لها وحماية لمقدساتها ودعم لصمود أهلها. ونبه الرئيس محمود عباس في ختام كلمته إلى أنه رغم الدماء والمعاناة فلن يستسلم الفلسطينيون جيلاً بعد جيل، ودلل على ذلك بالفتاة «عهد التميمي» التي اعتقلتها إسرائيل ووضعتها في السجن. وفي نفس السياق أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، رئيس وفد المملكة إلى أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس أن نصرة القدس فرض لازم لا محيد عنه، فهي عقيدة ماضية وشريعة راسخة. وقال معاليه في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي بدأت فعالياته بمركز الأزهر للمؤتمرات في العاصمة المصرية القاهرة أمس، «أحمد الله وأشكره إذ بوأنا حضور هذا المؤتمر الدولي (مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس) لبحث آليات عملية تنتصر لكرامة الفلسطينيين ولكرامة العرب والمسلمين تحمي أرضهم وتحفظ هوية المقدسات الدينية وتصد الغطرسة الصهيونية التي تحدت العرب والمسلمين والعالم وكذلك القرارات الدولية». ووجه معاليه الشكر لجمهورية مصر العربية لنصرها للقضية الفلسطينية، ولفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر على دعوته لإقامة هذا المؤتمر العالمي، ولبيانه المهم في حينه تُجاه الخطوة الأمريكية الباطلة شرعاً وقانوناً. وأوضح معالي الشيخ صالح آل الشيخ أن المملكة العربية السعودية تؤيد هذا الاهتمام من الأزهر الشريف بالقدس، وتعد أن الواجب الكبير هو الوقوف الراسخ والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني، لينال حقوقه المشروعة، وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وقال إن المملكة العربية السعودية راعية الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين قائمة اليوم بواجبها الإسلامي وبواجبها العربي بحماية القدس من كل الأخطار، ومنها تهويده، أو جعله عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني. وأبان أن بيت المقدس بناه العرب اليبوسيون وسكنوه وعمروه وكانت هذه الأرض المباركة هي أرض إبراهيم - عليه السلام - وهي أرض الأنبياء من بعده، مشيراً إلى أن القدس مرتبط بعقيدتنا الإسلامية وبولائنا لأنبياء الله وبإيماننا بهم، وقد عظَّم الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى بربطه بالمسجد الحرام فهما شيء واحد في الإيمان والقداسة. وقال الشيخ صالح آل الشيخ إن نصرة القدس فرض لازم لا محيد عنه فهي عقيدة ماضية، وإن النصرة شريعة في الإسلام راسخة، وإن راعي السياسة ينتصر للقدس بأخذ الحق بقوة الفعل والمسؤولية، قوة الممكن والمتاح والأخذ بقاعدة توازن القوى، مبيناً أن العلماء هم حملة رسالة لا صناع سياسة وهم ورثة الأنبياء ينتصرون للقدس وللمسجد الأقصى بإبقاء الإيمان بالله ورسوله ودين الإسلام قوياً صلباً في روح جماهير الأمة، وقال إن واجبنا أن نعرض الحق الثابت المجرد من تأثير الزمان حتى يبقى الحق ولا يموت. واختتم معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد كلمته قائلاً: لقد أخذنا من القرآن {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون}، وأخذنا من القرآن {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}، وأخذنا من سير الأنبياء أن النصر آت، ولا يأس {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة}، وأخذنا من الفقه الإسلامي ومن قواعده أن الأمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع ضاق وأن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرطها.

مشاركة :