بريطانيا تستعد لما بعد بريكست بتجاوز التشريع الأوروبيتسعى رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي إلى تجاوز عراقيل الداخل بشأن مفاوضات بريكست من خلال اقرار مجلس العموم البريطاني لخططها، ما يوفر لحكومتها أريحية أكبر في مناقشة بنود الانفصال النهائي في بروكسل.العرب [نُشر في 2018/01/18، العدد: 10873، ص(5)]مخاض عسير } لندن - تدخل بريطانيا مرحلة جديدة بعد قطع خطوة التحرر من التشريع الأوروبي استعدادا لمرحلة ما بعد بريكست، ما يمكن حكومة المحافظين من تجاوز بعض عراقيل الداخل والتفرغ للمفاوضات الشاقة مع الاتحاد الأوروبي حول التجارة و العلاقات المستقبلية. وأثار مشروع القانون جدلا واسعا حتى بين الغالبية المحافظة، ما يغذي امكانية خضوعه لتعديلات في مجلس اللوردات المؤيد بغالبيته للاتحاد الأوروبي، في صورة اقراره. وتعرضت الحكومة المحافظة لانتقادات من داخل معسكرها، خلال مناقشة مشروع القانون في مجلس العموم، حيث كان المدعي العام السابق دومينيك غريف أبرز المنتقدين. واعتبر غريف المحافظ، أن قرار الحكومة بعدم إدراج الشريعة الأوروبية للحقوق الأساسية في القانون موقف “متضارب” مع رغبة رئيسة الحكومة تيريزا ماي. مشيرا إلى أن ذلك يعتبر “رسالة غريبة حول موقفنا إزاء مواضيع تتعلق بالحقوق الأساسية للعديد من المواطنين”. وقال النائب برنارد جينكن إنه “من المؤسف” عدم وجود تعديل يتيح تغيير إجراء اقترحته الحكومة حول مسائل من صلاحية المناطق عادة وتريد لندن توليها، معربا عن ثقته في مجلس اللوردات للنظر في المسألة. وعلق النائب كينيث كلارك قائلا “إنهم يتوهمون إذا اعتقدوا أن القانون سيتم إقراره دون عقبات في مجلس اللوردات”. ودعا رئيس حزب المحافظين براندون لويس، حزب العمال المعارض، الذي عارض استراتيجية ماي في كل خطواتها تقريبا، إلى تأييد مشروع القانون وإظهار أنه لا يحاول قلب نتيجة الاستفتاء عام 2016 رأسا على عقب. وقال لويس إن حزب “العمال ما فتئ يقول إنه يؤيد نتيجة الاستفتاء وإنه يمكن الوثوق بأنه سيتصرف من واقع الإحساس بالمسؤولية لكن هذا الأمر سيوضع موضع الاختبار، وبوسعهم (نواب الحزب) إما تأييد مشروع القانون وإما التصويت من أجل الفوضى”.كينيث كلارك: إنهم يتوهمون إذا اعتقدوا أن القانون سيتم إقراره دون عقبات وكان جيريمي كوربين زعيم حزب العمال قال إنه سيصدر تعليمات لحزبه للتصويت برفض مشروع القانون إذا لم تعالج قضايا مثل المحاسبة الديمقراطية وحماية العمال والبيئة وحقوق المستهلكين. ويشكل إقرار مجلس العموم لمشروع القانون مرحلة حاسمة للحكومة التي تعرضت لانتقادات شديدة خلال النقاشات، حيث يعد التشريع حجر الزاوية، على طريق طويل، نحو وضع الأساس القانوني لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي ديسمبر الماضي، منيت ماي بهزيمة كبيرة عندما صوت 11 من نوابها بقيادة غريف إلى جانب المعارضة العمالية على تعديل يسمح للبرلمان بالتصويت على شروط بريكست. ولتفادي انتكاسة جديدة، اضطرت ماي إلى القبول بتعديل قدمه ثلاثة نواب محافظين يتيح إرجاء محتملا لموعد بريكست في حال كانت هناك ضرورة لمواصلة المحادثات مع التكتل إلى ما بعد مهلة مارس 2019. وعلاوة على النقاش في مجلس اللوردات، يتعين على ماي أن تقود المحادثات مع الاتحاد الأوروبي حول المرحلة الانتقالية قبل الانتقال إلى العلاقة التجارية اعتبارا من أبريل المقبل، حيث يتعين عليها التوفيق بين الآراء في حكومتها المنقسمة بين مؤيدين لعلاقة تجارية خاصة ومؤيدين للقطيعة. ويأتي نظر مجلس العموم البريطاني في مشروع القانون تزامنا مع تواتر دعوات القادة الأوربيين، لندن إلى التراجع عن قرار انفصالها والعودة مجددا إلى التكتل الأوروبي، مؤكدين أن الباب لا “يزال مفتوحا” أمام عودة بريطانيا عن موقفها. و جدّد جون كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية الأربعاء، عرضه لبريطانيا بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي، قائلا إنه يأمل، حتى لو مضت قدما في إجراءات الخروج، أن تعاود الانضمام إلى الاتحاد. وقال يونكر متحدثا أمام البرلمان الأوروبي، حيث أيد بيانا أصدره الثلاثاء دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يفيد بالترحيب ببقاء بريطانيا داخل الاتحاد، إنه يتحمل جزءا من المسؤولية عن تصويت البريطانيين في استفتاء 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال ردا على سؤال مكتوب من مشرع ألماني سأله عما إذا كان يشعر بمسؤولية تجاه خروج بريطانيا “مازلت أشعر أن خروج بريطانيا يمثل كارثة، نعم، هزيمة نتحمل جميعنا المسؤولية عنها”. وأضاف “لكن السبب وراء خروج بريطانيا يكمن في ما هو أعمق من ذلك، كما قالت رئيسة الوزراء ماي فإن البريطانيين لم يشعروا قط بالارتياح داخل الاتحاد الأوروبي ولم يمنحوا الفرصة على مدى 40 عاما للشعور بارتياح أكبر”. وفي باريس قال مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا “ستنظر بعطف” إلى قرار العدول عن الخروج من الاتحاد الأوروبي إذا اتخذته بريطانيا، مشيرا إلى أن “الأمر لا يرجع لنا فيما إذا كانت بريطانيا تريد تغيير رأيها”. وردا على سؤال عن فكرة إجراء استفتاء ثان في بريطانيا، قال “إذا قررت بريطانيا غدا أو بعد غد أن تغير رأيها فمن الواضح أننا سننظر بعطف إلى ذلك”. وتأتي تصريحات المسؤولين الأوروبيين بعد تزايد الجدل في بريطانيا بشأن احتمال إجراء استفتاء ثان حول خروج بريطانيا من الاتحاد، حيث أعلن الزعيم السابق لحزب استقلال المملكة المتحدة نايجل فاراج، أنه يقترب من دعم الدعوات المطالبة بإجراء استفتاء ثان. وقال فاراج، أحد أبرز قادة حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إنه بدأ يتحمس لفكرة إجراء استفتاء ثان على عضوية بلاده في التكتل الأوروبي، في خطوة قد تعيد خلط الأوراق من جديد، خاصة أن عددا من السياسيين البريطانيين يساندون هذا المقترح منذ فترة.
مشاركة :