حمل معرض «الفنان المقيم.. كريستين مولر وفاي مكول»، الذي افتتح أخيراً في مركز تشكيل، تجربة فنية مختلفة لكل من الفنانتين اللتين عملتا في دبي، لمدة ثلاثة أشهر ضمن برنامج مركز تشكيل للفنانين المقيمين، حيث استلهمتا من الثقافة العربية والمحلية، وكذلك من الوجه العمراني الذي يميز إمارة دبي. اعتمدت الفنانة الأسترالية كريستين مولر على الاقمشة والطباعة، وصاغت من الأشكال والمنحنيات طبعات خاصة للأقمشة، بينما في المقابل اختارت الفنانة البريطانية فاي مكول، المواد المعدنية والقطن والبلاستيك، وصاغت منها أعمالاً مستوحاة من الهندسة والعمارة والاشكال المأخوذة من الفن الإسلامي. ورش عمل يستمر المعرض الذي يقام في مركز تشكيل حتى الثالث من مارس المقبل، ويعد برنامج مركز تشكيل للفنانين المقيمين من البرامج التي تقدم تجارب فنية تستفيد من إقامتها في دبي لمدة تصل إلى ثلاثة شهور. وقد استفاد أكثر من 40 فناناً من 15 دولة مختلفة على مدار السنوات الست الماضية من الفرص المميزة التي يوفرها البرنامج لتطوير الممارسات الإبداعية والتجريبية باستخدام سلسلة من الوسائط والمواد الفنية المختلفة، بالإضافة الى ذلك تنظم خلال إقامة الفنانين مجموعة من ورش العمل المفيدة للجمهور، وقد نظمت فاي مكول، خلال إقامتها ثلاث ورش عمل، كما قدمت دروساً في التصميم الهندسي للمجوهرات، ونظمت جلسة «صمم الشيرت الخاص بك» للأطفال. 26 علماً مستوحاة من الفنون الإسلامية. 25 قطعة تتألف منها «تشكيل من القرميد». 40 فناناً من 15 دولة استفادوا من البرنامج. تميزت تجربة الفنانة فاي مكول بتنوعها، سواء لجهة الأسلوب أو حتى المواد التي تعمل عليها، فقدمت مجموعة من الأعمال التي نفذتها خلال فترة إقامتها ضمن البرنامج، إلى جانب عدد من الأعمال الفنية التي نفذتها في بريطانيا. وضعت في مقدمة المعرض جدارية «تشكيل من القرميد»، وهي عبارة عن عمل مؤلف من 25 قطعة مربعة، وقد تم قطع المئات من الأشكال الفنية من مواد مختلفة لتتشابك مع بعضها بعضاً عبر طبقات من القطن والشبكات المتداخلة والنحاس في أشكال هندسية متكررة تبدأ من اللون الفضي، لتنتهي باللون الذهبي. وقدمت الفنانة البريطانية هذه الأشكال الهندسية في أعمال أخرى حملت شكل الستائر، ثم استخدمت أسلوبها في مزج المواد مع التصميم الذي قدمته من البلاستيك الممزوج مع المواد المختلفة والأقمشة، لتصنع مجسماً ينتمي الى عالم التصميم، والذي يمكن الاستفادة منه بوظيفة في المنزل، خصوصاً من خلال أجزائه المتحركة التي تجعله حاجباً للضوء والرؤية، أو توجد فيه فتحات صغيرة يمكن النظر من خلالها أو دخول الضوء. أما الستائر التي وضعتها فكانت شديدة الانتماء الى الفن الإسلامي. كما عملت على ابتكار القطع التي تستخدم التكنولوجيا فيها، اذ تحرص على جعل المادة تتحكم بالشكل النهائي للقطعة الفنية، ففي إحدى اللوحات وضعت الضوء بداخل العمل، والذي بدوره ينعكس على الألوان التي تخرج منه، ما يجعل المتلقي يرى الألوان بشكل مختلف. وفي حديثها لـ«الإمارات اليوم»، لفتت الفنانة البريطانية فاي مكول إلى أن اختيارها للمواد التي تستخدمها في الفن الذي تقدمه يعتمد الى حد كبير على المعادن، لأنها مولعة بالمواد اللامعة، التي تعكس الصور، ولهذا تختار المواد التي تقدم هذا اللمعان. ونوهت بأنها اختارت مجموعة من المواد التي تم إعادة تدويرها، الى جانب حرصها على توظيف المواد المعاصرة، وان تم استخدامها بالشكل التقليدي، فهي تبقى قادرة على ترك بصمة وتأثيرا معاصرا في العمل. وحول الأعمال التي قدمتها في المعرض، ونفذتها في لندن، نوهت بأنها قدمت مجموعة من الاعمال التي تحتاج آلات كي تقطع، وهذا ما جعلها تنفذها في لندن. ولا تمانع مكول من إدخال التكنولوجيا في العمل الفني، وكذلك المواد المعاد تدويرها او الصديقة للبيئة، إذ رأت ان الالتزام باستخدام هذه المواد قد يكون صعباً في كل الأعمال الفنية، ولكن متى يكون الخيار مطروحاً لا بد من الالتزام بهذا الخيار، كونه سيكون بلا شك الأفضل. أما التحديات التي قد تواجه الفنان الذي يعمل ضمن البرنامج، فلفتت الى أنها ترتبط بالوقت، فأحياناً يكون عامل الوقت هو الجزء الأساسي الذي يتحكم في سير العمل، خصوصاً مع الأعمال التي تشتمل على الجانب الهندسي، فهو الجانب الذي يتطلب منها العمل أكثر من مرة، إذ يكون من الضروري أخذ القياسات أكثر من مرة، ومن الممكن إعادة انتاج القطعة. من جهتها، قدمت الفنانة تلم كريستين مولر التي تتميز بعملها في تصميم المنسوجات، والطباعة على كل من الحرير والورق، مجموعة من الأعمال التي تحمل رسومات خاصة. وتعرض الفنانة الأسترالية ضمن معرض الفنان المقيم، عملها الفني الجديد «التفكير في التيار»، الذي يتألف من 26 علماً مطبوعاً على القماش ومستوحى من أضلاع وأطراف النجوم التي تشتهر بها الفنون الإسلامية. وقد تأثرت مولر في أثناء إقامتها بدبي بعلم الدولة الموجود في ساحة متحف الاتحاد، اذ عمدت إلى زيارة هذا الموقع مرات عدة، معربة عن كون النظر إليه مرفرفاً خفاقاً في الهواء يبعث في النفس مشاعر تأمل قوية تعكس عظمة هذه المدينة العالمية دائمة التغير.
مشاركة :