تحقيق: فدوى إبراهيم كلنا ننتظر فصل الشتاء، كونه يحمل إلينا نسمات الهواء العليل، ويمثل فرصة لمحبي السياحة الداخلية للاستمتاع بكافة الأماكن الخارجية، وتعتبر الصحراء التي تشكل ما يقارب 80% من مساحة الدولة ملاذاً لمحبي الهدوء والصفاء والأجواء الطبيعية، وتتيح لمحبي تلك الأجواء الاستمتاع بالعديد من الخيارات والأنشطة في هذا الفصل، حيث يتاح لمحبي هذه الأجواء من سياح ومقيمين، الاختيار من بين العديد من الخيارات الترفيهية المتاحة والتي تلائم جميع الفئات والشرائح، فهناك المنتجعات الفاخرة والمباني التراثية التي تحيي العديد من الأنشطة لمقيميها، والرحلات السياحية «السفاري» التي تقدم فرصة ركوب الجمال وتجربة القيادة في الصحراء، إضافة إلى خيار الخصوصية حين تقوم بعض الأسر أو المجموعات من الشباب بتنظيم الرحلات الخاصة بهم.تعتبر رحلات السفاري الصحراوية خياراً ملائماً للسياح والمقيمين لما تتضمنه من خيارات ملائمة لهم، كالزيارة فقط أو المبيت، وحول ذلك يحدثنا محمد خليفة الحجري مدير شركة (Off Road Adventure Tours) لرحلات السفاري في أبوظبي قائلاً: «يعتبر فصل الشتاء في دولة الإمارات من الفصول التي تستقطب السياح بشكل كبير، لما يتميز به من طقس لطيف وممتع على مستوى ممارسة النشاطات الخارجية، ولعل أكثر من 65% من محبي الترفيه والسياحة في الدولة، سواء كانوا من المقيمين أو السياح يختارون الصحراء للترفيه، وبشكل خاص فإنه من النادر أن نجد سائحاً في دولة الإمارات في الشتاء لا يزور الصحراء ويستمتع بالأنشطة الصحراوية فيها.ويؤكد الحجري: تعتبر رحلات السفاري التي تنظمها الشركات المتخصصة الخيار الأمثل لهم، لما تحققه من متعة متكاملة في أن يعيشوا حياة الصحراء في أقرب وجوهها للطبيعة، من خلال الجلوس على المنسوجات اليدوية التقليدية والاستمتاع ببيوت العريش لمحبي المبيت، ومشاهدة الصقور وتدريباتها وامتطاء الجمال، ناهيك عن المتعة التي يشعرون بها خلال ركوب الكثبان الرملية بمركبات الدفع الرباعي المجهزة على مستوى الأمن والسلامة وبسائقين محترفين». ويشير الحجري أن الوصول إلى مخيمات السفاري يتطلب أن يأتي الزوار إليها بواسطة مركبات الدفع الرباعي التابعة للشركات المنظمة، وتبدأ غالباً الرحلات من الرابعة عصراً حتى التاسعة مساءً متضمنة وجبة العشاء والاستمتاع بالعروض الحية، بينما يختار السياح غالباً المبيت لليوم الثاني حيث تنتهي الرحلة في التاسعة صباحاً، ومنهم من يقطن البر لأيام، ويكون المبيت في بيوت العريش المجهزة.ويشير كامل العزاوي «موظف» إلى أن السفاري من أساليب الترفيه الممتعة والملائمة للعوائل، لما في ذلك من تعريف للأبناء بحياة الصحراء، والحيوانات التي استعان بها الإنسان ليعيش حياته، ففي ظل صخب حياة المدينة لم تعد هنالك فرصة للحظات من الهدوء والتأمل سوى في الصحراء، ويضيف: «منذ فترة وأنا أرغب بزيارة الصحراء على مستوى ممارسة الأنشطة والأجواء الاجتماعية لكسر الروتين اليومي، وفعلاً وفقت في الحجز في إحدى الرحلات مع العائلة، وكانت من أمتع أساليب الترفيه التي عشناها لغناها بالتراث، وكونها كذلك تجبرنا على ترك أجهزة الهاتف جانباً لنشعر بالاختلاف».بعيداً عن مراكز التسوق والتلفزيون والطرق التقليدية في إعداد الطعام، عاشت نسرين عاطف مع عائلتها إقامة ليومين في أحد المنتجعات الصحراوية، عن تلك التجربة تحدثنا قائلة: «تجربة ممتعة ومميزة في أن نشاهد السماء بصفائها ونجومها المتلألئة في الصحراء وغروب الشمس، والأجمل هو الابتعاد عن التسوق والأماكن التي تمنحنا متعة لحظة، ففي الصحراء مارسنا أنشطة بدنية وعقلية كركوب الجمال والرماية، نشطت من حواسنا وأبداننا، وعشنا تجربة تناول الطعام المطهو تواً على الحطب، واستطعت هنالك أن أشغل وقت أبنائي بالأنشطة المخصصة للأطفال بدلاً من تعلقهم بالأجهزة اللوحية، ولا أظن أن هنالك تجربة تتيح لنا كل هذا كالصحراء». جلسات البر تتهيأ العوائل الإماراتية والشباب منهم بشكل خاص لتجهيز جلسات البر الصحراوية قبل حلول موسم الشتاء، هذا ما يقوله الشاب بدر الاستاد الذي يشير إلى أن الترتيبات تبدأ قبل شهر أو شهرين قبل حلول الفصل، وذلك بنصب خيمة ثابتة وتجهيزها بالجلسة أو ما تسمى «البرزة»، ليتمكن هو ورفاقه من الجلوس والمبيت فيها كل إجازة نهاية الأسبوع، وتجهيز حمام خاص ومكان للشواء، كما يقومون ببعض الرحلات في أماكن أخرى، ويضيف: «نستمتع برحلات البر بشكل خالص لما تتضمنه من أحاديث وأنشطة، حيث نبتعد عن روتين العمل والمدينة، ونعيش أجواء الماضي بطهي طعامنا على الجمر وابتعادنا نسبياً عن الوسائل التقنية، وتعزيز أواصر العلاقات الاجتماعية بين بعضنا ، فالليل طويل والأحاديث تطول».ويشير الاستاد إلى أن رحلات البر لا تقتصر على هذا المكان، ففي أحيان كثيرة تكون هنالك جلسات مؤقتة مرتبطة بحدث، مثل البطولات الرياضية في تل مرعب والبداير، وحينها نجهز إضاءة (led) يعمل على بطارية السيارة، وحطب وما إلى ذلك وننصب خيمة مؤقتة لنستمتع بالأجواء، ويؤكد الأستاد أن تلك الجلسات البرية تحيي فيهم روح المحبة والأخوة والتعاون، ففي أحيان كثيرة خلال ممارسة أنشطة ركوب التلال بالسيارات ذات الدفع الرباعي، يحدث أن «تغرز» إحدى المركبات، فتبرز نخوة الرجال من خارج المجموعة، ممن يرتادون البر، ويساعدونهم في إخراج المركبة، مشيراً إلى أن الكثير من العلاقات الاجتماعية خلقت مع غرباء بسبب تلك المواقف. أطعمة شعبية ويقول الشاب منصور البلوشي، إن الغرض من رحلات وجلسات البر لا يقتصر على كسر الروتين والترفيه، بل له جانب تعليمي كبير، يترجم بتعريف وتعليم أبناء الجيل الجديد على العادات والتقاليد التي لا يمكن أن يلمسوها إلا في تلك الجلسات، مؤكداً أن كثيراً من العوائل الإماراتية تقضي ما لا يقل عن الشهر في خيم خاصة لتربي أولادها على تلك الحياة التي لم يعيشوها، بل ويحيونها بداخلهم هم. ويقول: «غالباً الإماراتيون يختارون رحلات البر التي ينظمونها بأنفسهم وليس رحلات السفاري التي تنظمها الشركات، كونها حياتهم الأصلية التي يعرفون كيف يديرونها ولما لذلك من خصوصية لهم، حيث من يمتلك عزبة يقضي فيها وقتاً مميزاً مع الأهل أو الأصدقاء، كما يمكن أن يحصل على ترخيص لإقامة عزبة مؤقتة وكرفان، وفي المحميات الطبيعية نجد أنفسنا وسط الصحراء ويمكننا أن نشاهد الحيوانات في بيئتها الطبيعية، بل ونعكف على إعداد الأطعمة الشعبية التقليدية ونعيد لأنفسنا حياة نفتقدها في المدينة، خاصة أن متعة الطعام على نار الحطب مختلفة تماماً عن الوسائل الأخرى». متعة بين الكثبان تزخر إمارات الدولة من شمالها إلى جنوبها بالعديد من الأماكن التي توفر لمقيميها إقامة متميزة وسط الصحراء، فيعيش أولئك بعيداً عن صخب المدينة، بل يتعمد البعض في عدم توفير حتى أجهزة التلفزيون والاتصالات لتكون بيئة حقيقية وأقرب للطبيعة، وللاستمتاع بمناظر الأفق الصحراوي على امتداده الشاسع، ومنظر غروب وشرق الشمس وممارسة الأنشطة على الكثبان الرملية العالية، لا يمكن الوصول إلى تلك الوجهات إلا بواسطة المركبات ذات الدفع الرباعي، ليس ذلك فقط، بل على أن يكون سائقها محترفاً وقادراً على تجاوز التحديات المتعلقة بالأرض الرملية خلال القيادة. ومن تلك الأماكن فندق تلال ليوا الذي يقع في مدينة زايد في المنطقة الغربية، في وسط الكثبان الرملية، يستمتع القاطنون في ذلك المكان المصمم بطريقة تراثية وفاخرة في ذات الوقت بالإطلال على التلال والكثبان في وسط الصحراء من كل الاتجاهات.ويعتبر فندق قصر السراب من الوجهات الفاخرة التي تقع في صحراء ليوا الأكبر في العالم، يوفر للمقيمين فيه مزيجاً من الأنشطة العصرية والتقليدية، كرياضات الرماية وركوب الجمال والجولات في الصحراء، ويوفر ملعب تنس ومركزاً للياقة البدنية. أنشطة في أجواء الأصالة يوفر منتجع باب الشمس الذي يقع في قلب صحراء دبي، ملاذاً لمحبي الهدوء والابتعاد عن صخب المدينة، ويحظى زواره بإقامة متميزة بين ديكورات عربية تراثية لتكتمل المتعة، ويوفر متعة ممارسة الأنشطة الخاصة بالصحراء من ركوب الجمال والخيول والقيادة على الكثبان وعروض الصقور والرماية، بالإضافة إلى الرياضات العصرية. ولمشاهدة حيوانات المها العربي وسط الصحراء لا بد من زيارة منتجع المها الصحراوي الذي يقع في واحة من النخيل، ومحمية دبي الصحراوية، حيث الكثبان الرملية والأنشطة المثيرة. وفي منتجع الصحراء الذي يعتبر ملاذاً لمحبي السياحة البيئية، يمكن لزواره الاستمتاع بجولات ركوب الخيل والتدرب عليها حيث يتضمن مركزاً للفروسية ويوفر جولات في الصحراء الشاسعة، والاستمتاع بطعم حليب الإبل، كما يمكن للزائر أن يلمح في ربوعها ثعالب وغزلان الصحراء، ناهيك عن العروض الحية الموسيقية والليزرية والألعاب النارية والعروض الاستعراضية.ويعتبر منتجع صحراء الوادي في رأس الخيمة محطة لاستكشاف حياة البدو من خلال ممارسة مجموعة من الأنشطة في الهواء الطلق بما في ذلك الرماية، والمشي، وركوب الدراجات، ومشاهدة الطيور، وركوب الجمال، وأنشطة مماثلة مخصصة للأطفال.
مشاركة :