الثابت في انتخابات العراق إجراؤها في موعدها كل 4 سنوات، وبقاء الكتلة الشيعية والكتلة السنية والكتلة الكردية مكونات المشهد الرئيسة، أما المتغيّر فهو تفكك الأحزاب والتحالفات وقيام تحالفات جديدة تتنافس قانونيا على السلطة. بدأت مظاهر الانتخابات تسود الساحة العراقية رغم رهان قوىً ومحاور كثيرة على عدم امكانية قيامها. المشهد السياسي العام لم يتغير، والخارطة احتفظت بحدودها الجغرافية وبقيت تحافظ على حقائق الديموغرافيا أيضا، رغم أنّ قراءات عديدة طالما أكدت أن "عراق ما بعد داعش لن يكون عراق ما قبل داعش"، لكنّ حسابات النصر على التنظيم المتشدد فاقت حسابات كواليس السياسة رغم تشعبها. البيت الشيعي تدخل القوى الشيعية بما يقرب من71 حزبا وتنظيما للانتخابات، وقد توزعت محاورها على المكونات الكبرى الثلاث في البيت الشيعي وهي: أولاً: حزب "الدعوة" الذي انقسم انتخابيا إلى خطين متنافسين، يقود الأول الذي حقق نصرا عسكريا حاسما على تنظيم "داعش" حيدر العبادي . هذا الخط عرف بتجمع نصر العراق أو" ائتلاف النصر" وائتلف معه حزب "مستقلون"، الذي يعتبر الظهير التاريخي لحزب الدعوة ويقوده حسين الشهرستاني،وتجمع عطاء الذي خرج عن تجمع "الإصلاح" الذي كان يقوده فالح الفياض وهو من قيادات تنظيم الدعوة لكنه آثر أن يعمل منفردا على المستوى الانتخابي. وتعمل تحت مظلة هذا التيار شخصيات مستقلة وقوى وأحزاب صغيرة بعضها سني. حيدر العبادي رئيس الوزراء. نصره في الحرب على "داعش" عزز موقعه ومكاسبه السياسية. ( صورة من الارشيف بعد تحرير الموصل في تموز 2017). تيار "الحكمة" الذي يقوده عمار الحكيم لن يستطيع الوقوف وحيدا بعيدا عن خيمة هذا الائتلاف لاسيما أنه يختلف كثيرا مع القطب السياسي الشيعي الكبير الآخر الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. ويقف تحت مظلة ائتلاف النصر(على الأقل حتى كتابة هذا التقرير)، حزب الله العراق الذي يقوده حسن الساري، المجلس الأعلى الإسلامي (وهو بقايا تيار الحكيم الذي تشعب الى تياري الحكمة ومنظمة بدر)، علاوة على تنظيمات وكتل أصغر. فيما افرزت الحرب على تنظيم "داعش"، ظهور قوى سياسية شيعية انضوت بدءا تحت مظلة "ائتلاف النصر" ، ثم خرجت عنه فصائل الحشد الشعبي، وقررت خوض الانتخابات بقائمة "ائتلاف الفتح"، الذي يضم فيما يضم "منظمة بدر" بقيادة هادي العامري وكتلة "صادقون" بقيادة زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي وهما الكتلتان الكبريان، ومعهما كتلة "منتصرون" التي يقودها فالح الخزعلي. نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، يقود جناحا من حزب الدعوة في انتخابات عام 2018 (الصورة من الارشيف) ثانياً: الجناح الثاني من حزب الدعوة، وهو المكون الشيعي الثاني الكبير، و يقوده رئيس الوزراء السابق نوري كامل المالكي تحت مسمى "ائتلاف دولة القانون" متحالفا مع تيار يقوده موفق الربيعي الذي لا يشكل ثقلا عدديا كبيرا، ومع الحزب المدني الذي يقوده الاعلامي السابق أحمد ملا طلال وهو تنظيم لا يتجاوز عمره شهرين، إضافة إلى بضع أحزاب شيعية صغيرة أغلبها غير معروف. ثالثاً: التيار الشيعي الثالث القوي هو التيار الصدري، وقد انفرد بموقف رافض للتحالفات السياسية الجارية في المشهد العراقي، مؤكدا على رغبة قائده مقتدى الصدر في انشاء تيار تكنوقراطي "عابر للمحاصصة"و متحدٍ "للتخندق السياسي" بموجب التقسيم الطائفي والإثني الذي يسود العراق منذ عام 2003 حسب اعلاناته المتكررة. البيت السني تشرذم مكونات البيت السني تفاقم بعد تحرير مناطق غرب العراق التي تمثل مراكز قواعده الانتخابية، وينزل المكون السني اليوم إلى الانتخابات بأكثر من 50 حزبا وكيانا سياسيا. عمود خيمة الأحزاب والقوى السنية هو ائتلاف "الوطنية" وهو نفسه ما بات يعرف باسم "اتحاد تحالف القوى" الذي يقوده د.إياد علاوي نائب رئيس الجمهورية. الناطق الرسمي باسم ائتلاف الوطنية ميسون الدملوجي تحدثت لموقع ايلاف في لندن، مشيرة إلى أن الائتلاف أقرّ انضمام أكثر من 30 كتلة وتيارًا اليه لخوض الانتخابات القادمة وتشكيل تحالف استراتيجي. د.أياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق يقود تحالفا غير واضح المعالم في انتخابات عام 2018 ( صورة من الأرشيف لانتخابات عام 2014) ومن أبرز الشخصيات المنضمة إلى الائتلاف سليم الجبوري رئيس الحزب الاسلامي العراقي (رئيس مجلس النواب حالياً) وصالح المطلك رئيس القائمة العربية، وفصائل "الحشد السني المسلحة" التي شاركت في تحرير الانبار وصلاح الدين وديالى والموصل، والتي تحول بعضها إلى كيانات سياسية تدخل الانتخابات بقوائم مستقلة. مشكلات البيت السني سببها افتقار القيادات السنية لقاعدة شعبية تعزز حضورها بالأصوات، لذا تتصاعد مطالب من مختلف مكونات البيت السني مطالبة بتأجيل الانتخابات بسبب مشكلة النازحين عن المناطق التي جرت فيها معارك التحرير من قبضة تنظيم" الدولة الاسلامية". ونقل موقع "العربية.نت" مطالبة القوى السنية الأربعاء ( 17 كانون الثاني/ يناير) ، بتأجيل الانتخابات النيابية العامة في البلد، وفي هذا السياق وقع 144 نائباً من مجموع عدد أعضاء مجلس النواب العراقي البالغ عددهم 328 عضواً طلب تأجيل الانتخابات الى مجلس النواب، ولم يحسم المجلس قراره بهذا الشأن لكن السفارة الأمريكية في العراق أعلنت أن الولايات المتحدة تؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في موعدها الكائن في 12 مايو/ أيار طبقا لخطة الحكومة وانتقدت الدعوات لتأجيلها، فيما كما أكد محافظ الأنبار (السنية) محمد الحلبوسي جاهزية المحافظة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية منتصف أيار/ مايو المقبل. سليم الجبوري رئيس مجلس النواب، سني من قيادات التحالف السني. ( صورة من الأرشيف في جلسة نيابيةعام 2010 ) البيت الكردي التحالف الكردستاني هو الخيمة التي انضوت تحتها حتى الآن كل القوى الفاعلة في كردستان العراق، ويملك 60 مقعدا في مجلس النواب، وعدة وزراء في الحكومة. وقد فقد بعد كارثة الاستفتاء حول استقلال الإقليم حتى مبررات وجوده بعد انسحاب الزعيم مسعود بارزاني عن المشهد واعتزاله العمل السياسي، وبعد وفاة الزعيم جلال طالباني. ولم يعد التحالف بشكله التاريخي قائما، وانسحبت منه أغلب مكوناته، وما تبقى هو الحزبان الكبيران الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وهما غير متفقين قط، وهذا يعني أن الحديث عن تحالف كردستاني بات حديثا افتراضيا. آخر الانهيارات في التحالف الكردستاني جاءت في اعلان قيادة حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني انسحابها من حكومة اقليم كردستان الائتلافية حسبما نقلت وكالة الانباء الألمانية يوم ( السابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2018). ويخوض كل من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، الانتخابات بلائحتين منفصلتين، فيما أنضوت أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة في قائمة موحدة. جلال طالباني (يسارا) ومسعود بارزاني، الزعيمان الكرديان اللذان غادرا التحالف الكردستاني بوفاة الأول، واعتزال الثاني العمل السياسي. كيف سيكون التحالف؟ ( صورة من الأرشيف) الجديد في المشهد خرج التيار الصدري عن الخيمة الشيعية بإعلانه تشكيل حزب الاستقامة، ليضع علامات استفهام حول وجود تيار "الأحرار" بل وحتى وجود الكتلة الصدرية. وقد وصفت قيادات الصدريين هذا الحزب بانه نتاج للتكنوقراط المستقل الذي قرر الصدريون احتضانه وزجه في ائتلاف مع الحزب الشيوعي العراقي، فظهر تيار اسمه "للإصلاح سائرون"، ثم جرى اختصار الاسم الى "سائرون" . يثير هذا الائتلاف أسئلة كثيرة، حيث أن التيار الصدري هو تيار اسلامي شيعي امتلك 34 مقعدا في مجلس النواب، وعددا من الوزراء في الحكومة، كما امتلك تنظيماً مسلحا قوياً حتى فترة قريبة. فيما لم يغير الحزب الشيوعي العراقي من توجهاته العلمانية، بل دخل في تحالفات مع قوى مدنية، لكنّه وحلفاءه لم يحظ بدعم جماهيري كافٍ يؤهله لإحداث تغيير على المستوى البرلماني الذي تتمسك به باقي القوى. الصدريون تحالفوا مع الشيوعيين والعلمانيين في تظاهرات منذ أكثر من عام لمحاربة ما يصفوه ب" الفساد والمحاصصة"، (صورة من الأرشيف توثق اقتحامهم مبنى البرلمان في بغداد في 30 نيسان/ ابريل 2016 مطالبين بالإصلاح) حقائق عن الانتخابات المنتظرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي تتولى تنسيق العملية الانتخابية المقرة دستوريا كل أربع سنوات، اغلقت باب تسجيل االكتل والتحالفات المشاركة في الانتخابات البرلمانية لعام 2018، مشيرة الى أن 24 مليون عراقي من بين 36 مليون نسمة هو عدد سكان العراق يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة. وتجري الانتخابات العراقية النيابية المنتظرة في 18 دائرة انتخابية تمثل عدد محافظات العراق، و ينتخب كل منها 7 إلى 34 نائبًا استنادًا إلى عدد سكان كل محافظة، مقابل ذلك هناك نسبة خاصة للأقليات (كوتا) تشمل ثمانية مقاعد، خمسة منها للمسيحيين، ومقعد للمندائيين، ومقعد للأيزيديين، ومقعد للشبك. ملهم الملائكة
مشاركة :