سباق القوى العظمى

  • 1/22/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يونس السيد يعيد طرح استراتيجية الدفاع الأمريكية الجديدة إحياء معادلة الصراع التنافسي التي كانت قائمة بين المعسكرين الغربي أو الرأسمالي والشرقي أو الاشتراكي طوال سنوات الحرب الباردة قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، والتي ظن الجميع أنها انتهت لصالح الولايات المتحدة وحلفائها، لكن تبيّن لاحقاً أن الأمور لا تسير على هذا النحو. تنطلق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي أعلنها وزير الدفاع جيمس ماتيس من أن الولايات المتحدة تواجه «تهديدات» متزايدة من جانب روسيا والصين اللتين اعتبرهما «قوى رجعية» تسعى إلى «إقامة عالم يتناسب مع أنظمتهما المتسلطة»، وتستهدف «ضرب قيم أمريكا وغناها ونفوذها»، ويشير إلى أن «التقدم التنافسي» للولايات المتحدة يواصل «التراجع في كل الميادين»، الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية، وبالتالي فإن الانتقال إلى منافسة القوى العظمى وليس مكافحة الإرهاب، كما في السنوات الأخيرة، ستكون محور اهتمام واشنطن في الاستراتيجية الدفاعية، ما يحتم على وزارة الدفاع «البنتاجون» إعطاء الأولوية لطلبات الإنفاق الدفاعي المستقبلية وتأمين الوسائل الكفيلة بتحديث الجيش الأمريكي. تعكس هذه الاستراتيجية، بطبيعة الحال، إصرار واشنطن على احتكار القيادة الكونية ورفض أي شراكة دولية أو قيام عالم متعدد الأقطاب، في محاولة لإعادة صياغة «من يحكم العالم» بعدما اعتقدت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وطوال سنوات الحرب الباردة أنها ستكون الرقم واحد، حتى مع وجود الاتحاد السوفييتي، حيث حققت طوال تلك الحقبة تفوقاً نسبياً على خصومها، لكنها تراجعت على نحو مدهش في العقد الأخير. والواقع أن واشنطن تدرك، ولكنها لا تريد أن تعترف، أن العالم يتغير وأن هناك قوى عالمية صاعدة بقوة، مع إعادة صياغة العقيدة العسكرية الروسية في عهد بوتين، والتقدم الاقتصادي المذهل وبناء قوة عسكرية هائلة في الصين، وهناك قوى نووية جديدة فرضت نفسها بقوة الأمر الواقع، كما في كوريا الشمالية، في وقت لا تزال أوروبا تبحث عن نفسها، وبالتالي فإن طريق المواجهة مع هذه القوى لن يكون سهلاً بالنسبة لواشنطن، التي خسرت فعلاً تفردها في قيادة الساحة الدولية منذ أزمة أوكرانيا والتدخل الروسي في سوريا وإفشال القرارات الأمريكية في مجلس الأمن، الأمر الذي قلب الموازين لصالح النظام السوري. وبالعودة إلى الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، فإنها بالتأكيد ستشعل الصراع بين القوى العظمى مجدداً، إذ من البديهي أن الأمن القومي لكل دولة يبقى على رأس محور اهتماماتها، لكنها لن تستطيع إعادة واشنطن إلى التربع على عرش العالم، وسط أحاديث كثيرة عن أفول نجمها، وبدء العد العكسي لنزولها عن القمة في ظل معادلات الرعب النووي القائمة. younis898@yahoo.com

مشاركة :