لم يفز أي سعودي بجائزة سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه، على رغم أنهم المعنيون بمجالات الجائزة والأكثر قرباً إليهم، فذهبت إلى خمسة أميركيين وإسباني ويوناني، تشكل حصيلة أبحاثهم خدمة مباشرة للسعودية وحربها ضد الجفاف، إن جرى تطبيقها والاستفادة منها. ويبدو من سياق الأبحاث أن الغرب أكثر إدراكاً لهذا الخطر، على رغم امتلاكه ثروة هائلة من المياه، لكنه يخطط للمستقبل ويستعد للتحولات والتبدلات. يعيد إعلان الفائزين التذكير الأليم بحال المياه في السعودية والفقر الشديد الذي يزداد خطورة مع الاستهلاك المفرط من سكان بلاد فقيرة مائياً حـــد الجفــاف، حتى إن السمة الثابتة في كل الدراسات، أن السعودي هو الأكثر استهلاكاً للمياه مقارنة بمواطني البلدان الغنية، نتيجة غياب التوعية ونقص التطبيقات الصــارمة المانعة من العبث المائي، والتشديد على معنى الأزمة وخطورتها اليومية، والتهديد الذي يواجه مستقبل البلد المائي. لا يمل الأمير خالد بن سلطان من تكرار تحذيراته من «الإرهاب المائي»، حتــــى قبل أن يفيق العالم على الإرهاب المنظم الذي يهــــدد العالم أجمع الآن، فهو في قمة بودابست الدولية العام الماضي حذر من يوم «نصحو فيه على إرهاب مائي يدمـر محطـــات التحلية، أو يسمم الأنهار والآبار والمياه الجوفية وخطــوط التحلية». وطالب المشاركين بأن يولوا «الإرهاب المائي البيولوجي الأهمية القصوى التي يستحقها، فهو قادر على قتل الشعوب وإفناء الدول» ثم أعاد، قبل يومين، التحذير مشدداً على أن حرب المياه أخطر من الحروب بين الدول. هذه الجائزة تنشر خريطة عريضة للأبحاث العلمية، وتسهم في التوسع فيها كما يتحقق من خلال استقطابها جميع الأبحاث الدولية المعمقة في مجال ترشيد الاستهلاك وتطوير البدائل وطرح الخيارات المختلفة، إلا أن المهم أن يتحول هذا الجهد إلى فائدة سعودية مباشرة، وأن تظهر منفعته التطبيقية من خلال خفض الاستهلاك المحلي والنجاح في السيطرة عليه. في كلمة وزير الكهرباء والمياه كشف أن هذا الموسم سيكون الأخير في زراعة القمح، وهو قرار تأخر كثيراً، لأن هذه الزراعة التي تفجرت في الثمانينــات أسهمت وتسهم في تجفيف المياه الجوفية وزيادة التصحر، من دون أن تكون ذات أثر اقتصادي. كما بيّن أنه يـــدرس وقف زراعة الأعلاف مع أن الأمر يتطلب قراراً حاسماً، فكل نقطة ماء يخسرها البلد لا يستطيع تعويضها، أما التحلية فهي حل عابر ومرحلي، لأن أي خطر أو عطل ينالها سيعلن جفافاً مرعباً وعطشاً. حتى الآن تسقى المزارع بإسراف مــن دون فرض التنقيط، ولا تزال الآبار تحفر في كل مكان وكأنها تسعى إلى تجفيف المصادر وجعل التصحر حالاً لا دواء لها. الدكتور وليام ييه الفائز في فرع الجائزة عن «إدارة الموارد المائية وحمايتها»، اعتمدت مناهجه وطرقه التي طورها في كل من أميركا والصين والبرازيل وكوريا وتايوان، فهل يقتصر دور السعودية على تقويم هذه التجارب ومنحها الجائزة؟ ولماذا لم تكن أحد البلدان المطبقة وهي الأحوج إلى ذلك؟ كم هي الأبحاث التي مرت على الجائزة منذ عام 2002؟ وما مدى الاستفادة منها؟ إن القيمة الفعلية للجائزة داخلياً لن تتحقق ما لم ترافقها استراتيجية تنفيذية فورية وجادة، كي تتمكن السعودية من مواجهة فقرها المائي على أمل الخلاص منه.
مشاركة :