< تدور إشاعات أن بضعة أشخاص اعتذروا عن حقيبة «الإسكان» بعد عرضها عليهم. هذا الاعتذار يعني التخوف من تحمل المسؤولية، أو أن المرشحين مقتنعون أن تحريك الجبال أيسر من حلحلة هذا الملف. الإشاعات التي تنمو في محاضن الانتظار والترقب تشير إلى أن الوزارة ذاتها قد تلغى، وتعود «هيئة» رشيقة عملية مهمتها السرعة والفاعلية والجودة في إنجاز المشاريع العالقة، سواء عبر المطورين المحليين أم شركات خارجية عملاقة، أو بهما معاً، لأن الملك معني جوهرياً بهذا الملف ويريد علاجاً حازماً لا تراخي فيه ولا ارتباك، وقياساً إلى إجراءات سابقة فإن الإسكان قد يحسم ملفه كتلة واحدة، وزيراً، وتطبيقاً للرسوم، وإعلاناً عن التعاقدات الجديدة. الوزير الحالي عصام السعيد لا يزال «مكلفاً» ما يجعله وزيراً عابراً، فإما أن يتولى الملف كاملاً أو يحل مكانه آخر، علماً بأن الإشاعات أيضاً تدور حول خطوات ينفذها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالتعاون مع الوزير المكلف، وأن كثيراً من الجراحات الفاعلة تحققت وفي طريقها إلى الاكتمال. إن صح ذلك فلا بد من الكشف عنه وإظهاره، حتى لا يلاحق النحس هذه الوزارة. الصندوق العقاري لا يتوقف عن ضخ آلاف الأسماء الحاصلة على قروض بمعدل شبه شهري، لكن هذه القروض تنشد أرضها حتى لا تبقى حساباً في بنك، أو لقمة تثير شهوة جائعي العقار، فيرتفع تحليقهم ويصعب الوصول إلى مخططاتهم. تحويل الصندوق العقاري إلى بنك أمر جميل، الحديث عن انهيارات في أسعار الأراضي بداية مشجعة، لكن المهم أن يرتسم البيت على الأرض، وتتسلم العائلة المفاتيح، فالمحروقون بنيران الإيجارات لا يفهمون هذا الكلام المعقد، ولا يحملون سوى تساؤل واحد: ماذا تحقق خلال كل هذه السنوات سوى بيانات ووعود وإجراءات وقرارات لا يستوعبون صلتها بالوصول إلى باب البيت؟ وبقاء الوزارة يتيمة من دون وزير لا يفتح بوابات الأمل، فالعرف أن المكلفين لا يتفرغون كلياً للمهمة بحكم انشغالات أخرى، ولأن التكليف ذاته مجرد حال عابرة وإن طال زمنه. التفاؤل يخضر مع الوقائع، وإذا كانت المشكلة تتمحور في المدن الكبرى فإن القضاء على مشكلة الإسكان في المدن الأصغر قد لا يتجاوز سنة واحدة إن انطلقت المشاريع بالتزامن. الأرض متاحة، والرصيد موجود، والمقاولون كثر، والحاجات محدودة مقارنة بالرياض وجدة والدمام. خلال سنة واحدة يمكن حصر المشكلة في المدن الكبرى فقط، بينما القطيف ونجران وعرعر وجازان والجوف وظلم والنعيرية وغيرها تخرج من دائرة المعادلة، وتمد سحابة التفاؤل والثقة. هذه الفترة سمتها الحزم والفاعلية والقرارات المحسوبة الشجاعة، والإسكان لا يحتاج غير ذلك، وإن تطلب الأمر شراء مخططات كبرى والبدء بها، بعد أن نام رصيد لا يقل عن 250 بليون ريال أكثر من أربع سنوات من دون أن يصبح استثماراً أو يتحول إلى منازل. قد نسمع قريباً قرارات جذرية تطوي هذا الملف نهائياً، وحينها لن يتعرف الناس على وزارة الإسكان من خلال بياناتها الصحافية ووعودها المعلقة، بل من إجراءات سداد القروض وإمكانات البيع وضرورات الانتقال.
مشاركة :