جورج ويا.. من الغيتو إلى رئاسة ليبيريا

  • 1/22/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نشأ نجم الكرة الأفريقية جورج ويا في إحدى غيتوهات منروفيا، حيث ربته جدته في بيت مهترئ ووسط ظروف قاسية جدا، لم تمنعه من مداعبة الكرة، ولا اقتحام ملاعب كرة القدم، بعد ان اكتشفه المدرب أرسن فينغير، وبعد سنوات تألق خلالها في ملاعب العالم، ها هو يفوز برئاسة ليبيريا بعد ان فشل مرتين في الانتخابات الرئاسية. بكى البطل كثيرا يوم الـ28 ديسمبر الماضي، لقد حقق جورج ويا نجم الكرة الأفريقية أكبر واهم فوز في حياته، ولكن في بلاده وفي مسقط راسه هذه المرة وليس على ملاعب كرة القدم العالمية. فاز اللاعب الدولي السابق، وهو في الحادية والخمسين من عمره، بانتخابات الرئاسة في ليبيا بعد ان حصد 61.5 في المئة من أصوات الناخبين، بينما حصد منافسه الرئيس السابق جوزيف بواكي 38.5 في المئة من الاصوات. وامام جمهور كبير جاء ليصفق للبطل، لم يتمالك جورج ويا نفسه ولم يستطع اخفاء مشاعره. تعود شعبية جورج ويا إلى وقت سابق حين كان لاعبا دوليا، ويقول محللون انه يتمتع بشعبية استثنائية لدى الطبقات الدنيا والمحرومة في العاصمة منروفيا، حيث يتكدس السكان في العديد من الغيتوهات.. والدموع تنهمر من عينيه قال ويا أمام الجماهير التي جاءت من كل انحاء ليبيريا «تصوروا أنكم تعيشون في بلد تسيطر فيه النخبة على كل شيء، بينما لا تملك البقية اي شيء. اليوم رئيسنا سيمنح سلطته للشعب». تمثل انتخابات الرئاسة لعام 2017 منعرجا حاسما في تاريخ ليبيريا فلاول مرة منذ قيام الدولة في عام 1822، يفوز بالرئاسة شخص تترعرع في الغيتوهات وعاش فيها جزءا من حياته. ولد نجم الكرة العالمية في كلاراتاون، وهو حي عشوائي، يحيط به البحر، كما سهرت على تربيته جدته في بيت متهالك وفقر مدقع. عمل ويا حين كان طفلا في مجال تصليح الهواتف، غير أن الكرة التي لطالما داعبها في شوارع الغيتو الموحلة، غيرت حياته تماما. بعد بدايته كحارس مرمى في ناد صغير في إحدى ضواحي منروفيا، وجد جورج ويا نفسه لاعب وسط في ناد كاميروني، إلى ان رصده المدرب ارسين فينغر وكان مدربا حينها لنادي أي سي موناكو. في العام ذاته غادر جورج ويا أفريقيا وكان في الــ22 من عمره. همّه الإنسانية لعب المهاجم طيلة اربعة عشر عاما في أكبر النوادي الأوروبية، من باريس سان جيرمان إلى اي سي ميلانو ومرورا بتشلسي ومانشستر سيتي واولمبيك مارسيليا. في عام 1995 فاز جورج ويا بالكرة الذهبية نظير الخدمات الجليلة، التي قدمها لنادي باريس سان جيرمان في كأس أوروبا. وويا مرتبط جدا بفرنسا وحامل لجنسيتها كما يتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة. ويعد إلى حد الآن اللاعب الأفريقي الوحيد الحاصل على هذا اللقب. خلال هذه الفترة كانت ليبيريا تعيش على وقع حرب أهلية، دمرت البلاد ما بين 1989 و2003. كان ويا غائبا عن هذا الصراع، الذي أودى بحياة حوالي 250 ألف شخص بينما كان هو يلمع في عالم كرة القدم ويقول المناضل في مجال حقوق الإنسان حسن بيليتي «لم أسمع ابدا أي ليبيري وجه له انتقادات في هذا الجانب بل بالعكس، كان جورج ويا بالنسبة لهم، الشيء الايجابي الوحيد الذي كانت تملكه ليبيريا حينها، إنه قصة نجاح منحت البلاد صورة جميلة». وأما في فرنسا فقد تجند جورج ويا لخدمة عدة قضايا إنسانية، فقد دافع اللاعب من أجل السلام في ليبيريا، حيث دعا الأمم المتحدة إلى انقاذ بلاده، وبسبب ذلك أحرق المتمردون بيته في منروفيا واختطفوا اثنين من أبناء عمومته. وفي زمن تشارلز تايلور زعيم الميليشيات السابق، الذي أصبح رئيسا، أقسم نجم الكرة المستديرة بعدم العودة إلى البلاد ما دام رئيسا وفق ما يردده بعض المقربين منه. في تلك الفترة عاش جورج ويا في الولايات المتحدة، حيث استقر برفقة عائلته في ميامي، حيث شيد منزلا، ويروي حسن بيليتي ان مقربين زاروه ليطلبوا منه الترشح لانتخابات الرئاسة في 2005، ويضيف «لقد كان الشخص الوحيد الذي لم يتورط في الحرب الاهلية بسبب غيابه، لقد كان المرشح الحيادي». ابن الشعب لدى عودته إلى البلاد، قرر جورج ويا الانخراط في الحياة السياسية في ليبيريا، لكن طريق الوصول إلى الرئاسة، كان طويلا، أكثر مما توقع. انهزم جورج ويا في معركة الرئاسة في عام 2005 أمام إلين جونسون سيرليف الرئيسة المنتهية ولايتها حاليا، وبعد ستة أعوام، تملكه الطموح مرة أخرى وتقدم مجددا لمنافسة السيدة سيرليف لكنه حمل هذه المرة لواء المعارضة في الانتخابات وفشل مرة أخرى، لكنه انتخب أخيراً سيناتورا عن مونتيسيرادو، حيث كانت العاصمة في 2014. ورغم ان الرئيسة المنتهية ولايتها، التي تعد أول رئيسة في أفريقيا، استطاعت أن تحافظ على الأمن وان كان هشا، إلا ان البلاد كانت تعاني فــ64 في المئة من السكان، يعيشون تحت خط الفقر و62 في المئة من السكان الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و24 عاما، لم ينهوا دراستهم الابتدائية فيما يعاني 31 في المئة من الليبيريين من سوء التغذية. في مثل هذه الظروف، قاد خطاب جورج ويا الذي كان موجها للطبقات الفقيرة، اللاعب الدولي إلى الفوز برئاسة الدولة، فيما لعب تاريخه كابن للشعب دورا كبيرا في اقناع الفقراء بالتصويت له.وجورج ويا هو أحد أفراد اثنية كرو ولا ينتمي إلى النخبة التي ينحدر اصلها من العبيد الذين تم تحريرهم في الولايات المتحدة والذين يطلق عليهم اسم «كونغوس» والذين يسيطرون تقليديا على الحياة السياسية في ليبيريا لذلك يعتبر جورج ويا في نظر الليبيريين، ليبيريا أصليا. ويقول موريس ماهونون الاستاذ في العلوم السياسية «في ليبيريا يوجد نظام ابارتايد بشكل أو بآخر لأن العبيد المحررين فرضوا التمييز وهم من أدار البلد منذ ذلك الوقت». وباستثناء الرئيس سامويل دو الذي بلغ السلطة بعد انقلاب عسكري بين عامي 1980 و1990، لا ينتمي جورج ويا إلى هذه الفئة. لكن الانتقادات لا تنتهي، فالبعض يعيب على جورج ويا مستواه التعليمي المتدني بالرغم من أنه حصل في 2011 على ماستر في الإدارة من مؤسسة أميركية خاصة، وعلى هذا الانتقاد يرد الشعب قائلا «على الأقل، أنه يعرف مشاكلنا وسيعمل دون هوادة من أجل مساعدتنا». وأما النقطة الثانية التي يلومه عليها البعض فهي برنامجه الانتخابي الذي يشبه كاتالوج نوايا جيدة، حيث تغيب فيه الحلول الحقيقية للمشاكل التي تعاني منها البلاد كالقضاء على الفساد وتطوير البنى التحتية والتعليم وتحسين المنظومة الصحية. يبدو أن جورج ويا معتمد في مشواره الجديد على زميلته جويل هوارد تايلور، وهي مصرفية سابقة وسيناتورة من أجل تجاوز مشكلة قلة خبرته في الإدارة، لكنها أيضا الزوجة السابقة لتشارلز تايلور الذي ادانته المحكمة الدولية في 2012 بالسجن لمدة 50 عاماً بتهمة ارتكاب مجازر ضد الانسانية وجرائم حرب في الجارة سيراليون. في الوقت الراهن لا يشك الكثير من انصار السيد جورج في قدراته على تغيير الحياة في ليبيريا لكن حسن بيليتي يقول ان جورج ويا يمكن ان يغير اشياء لكن الليبيريين ينتظرون الكثير منه.لوموند

مشاركة :