مشاهد درامية كثيرة تلك التي ملأت قصة حياة السلطان الغوري، التي جعلته كما يرى الباحث الأثري سامح الزهار الأسوأ حظًا، وربما يكون السبب هو لعنة "مسجده الحرام"، وهو اللقب الذي أطلقه أهل القاهرة على مسجده ومدرسته "المسجد الحرام"، وذلك سخرية من الغوري وليس إجلالًا للبنيان. وقال الزهار كاشفا الغموض عن ذلك بقوله: "استغل السلطان الغوري سلطته في الحصول على المواد اللازمة لبناء المسجد بثمن بخس، كما خرب الكثير من العمائر والمنشآت القائمة حينها للاستيلاء على ما بها من رخام وأخشاب وفسيفساء".وأضاف: "السلطان الغوري هو الملك الأشرف أبو النصر قانصوه من بيردي الشركسي الجنس، ولد في حدود سنة 850هـ - 1446م، وهو السلطان الرابع والعشرون من سلاطين المماليك الشراكسة،وكان عمره 60 عامًا عندما تولى منصب السلطنة،وكان مملوكًا للسلطان قايتباي وقد أعتقه لذكائه وشجاعته وعينه في جملة مماليكه بوظيفة الجمدارية،وترقى حتى أصبح كاشفًا للوجه القبلي سنة 886هـ، ثم أمير عشرة سنة 789هـ، وبدأ يلمع نجمه في الصعود وصار من الأمراء الذين بيدهم الحل والعقد كما خرج في بعض الحملات إلى حلب".وتابع: "من سوء حظ الغوري أن تجمعت في حكمه جميع مفاسد ومساوئ العصر المملوكي على مدى عشرات السنين كل أسباب الضعف والتدهور والانحلال، من إغراق في اللهو والترف وتدبير للفتن والمؤامرات ورغبة في تحقيق الأطماع غير المشروعة وبعد عن رعاية المصلحة العامة، فاستفحلت الضائقة الاقتصادية وعجز السلطان عن سداد متطلبات المماليك وانتشر التذمر بينهم وهددوا بالعصيان، وكثر نهبهم للأموال وعدوانهم على التجار واستنزفوا أموال الناس". وأردف: "يذكر ابن إياس أن الغوري ضرب نقودًا جدد تخسر في المعاملة الثلث، الأمر الذي أدى الى تعطل الأسواق عن البيع والشراء، وكان نصف الفضة ينكشف في ليلته ويصير من جملة الفلوس الحمراء، إذ كانوا يخلطون الذهب والفضة بالنحاس كما ذكر ابن إياس، وبذلك استطاع الغوري أن يحقق أمنيته، فجمع ما يريد من المال الذي أنفقه في شراء مماليكه وإقامة المنشآت المعمارية التي كتبت له صفحة خالدة في مجال العمارة الإسلامية والتي مازال الكثير منها قائمًا في القاهرة حتى اليوم".
مشاركة :