لم تعد «أيقونة الانتفاضة الفلسطينية» عهد التميمي، رمزا نضاليا للشعب الفلسطيني فقط، تشحن «صهيل الأحرار» داخل الوطن المحتل، بحسب تعبير سياسي جزائري، ولكنها أصبحت «رواية إنسانية» فجرت «عاصفة سياسية» وجدلا واسعا داخل دولة الاحتلال، بعد أن تضامن معها الشاعر اليهودي، يهوناتان غيفن، وشبهها بالصبية اليهودية «آنا فرانك» التي تحولت الى اسطورة بعدما اشتهرت بمذكراتها التي دونتها في مخبأها في هولندا إبان مطاردة النازيين لليهود في سنوات الأربعين من القرن الماضي، ليثير موجات احتجاجية على الصعيدين الرسمي والشعبي، وداخل دائرة الوسط الثقافي. «عهد» داخل سجن الاحتلال، تواجه اتهامات تجاوزت 12 إتهاما بتصديها لقوات الاحتلال وممارسات البطش النازية.. عادت مرة أخرى لتواجه تهمة «تأليب» الرأي العام، وسلطات الاحتلال، ضد الشاعر«غيفن» الذي كتب قصيدة للفتاة الفلسطينية عهد التميمي، قائلا «إن خمسين عاماً من الاحتلال كافية لتقوم الفتاة الجميلة ذات الشعر الأحمر بصفع الجندي، مما أعتبره وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، «تبريرا من مثقف وشاعر إسرائيلي لفتاة «إرهابية» تكره إسرائيل !!». واتسعت حدة الجدل داخل دولة الاحتلال، وتناولتها الصحافة العبرية بكثير من التفصيل، إثر قرار وزير الدفاع منع بث قصائد وأغاني الشاعر اليهودي يهوناتان غيفن، في الإذاعة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي..وقال ليبرمان : «أصدرت تعليماتي الى قائد إذاعة الجيش بوقف بث أي اشعار أو مقابلات إذاعية مع يونتان غيفن في كل برامج إذاعة الجيش، ولن تمنح إسرائيل منصة لشخص سكير بأن يساوي بين «آنا فرانك» فتاة قضت نحبها في المحرقة وهي مناضلة بطلة تصدت للنازية، وبين عهد التميمي المشاغبة التي اعتدت على الجنود، إن المنصة الملائمة لسخافات غيفن هي محطة المنار التابعة لحزب الله»!! وتحولت «عهد» التي صفعت جنود الاحتلال، إلى «قضية سياسية» بين مؤيد ومعارض داخل إسرائيل، بعد أن قارن الشاعر«غيفن»، وهو أيضا كاتب وناقد من أصول غربية، بين الفتاة الفلسطينية التي تحدت وصفعت جنديين من جيش الاحتلال، وبين نساء أصبحن رموزا مثل جان دارك، وحانا سينش، وآنا فرانك . الشاعر اليهودي«غيفن» تجرأ ـ بحسب تعبير عدد من السياسيين داخل حزب الليكود ـ وصدم الرأي العام الإسرائيلي، وأعاد إحياء ما نشره الصحفي اليساري المعروف، اوري افنيري، في صحيفة هآرتس الشهر الماضي، حين وصف الصبية الفلسطينية عهد التميمي، بأنها صورة عصرية للمناضلة الفرنسية جان دارك التي تحولت الى قديسة بفضل مشاركتها في حرب المائة عام بين فرنسا وانجلترا في القرن الخامس عشر ضمن صفوف الجيش الفرنسي. وزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، طالب «غيفن» بالاعتذار عما ألقاه من أشعار ومفردات مستفزة للشارع الإسرائيلي، مشيدا بفتاة «إرهابية» ـ بحسب زعمه ـ لكنه رفض مطالب وزير الدفاع «ليبرمان»، بمنع بث قصائد وأغاني الشاعر غيفن، في الإذاعة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، لأنه لا يحق له إصدار تعليمات خاصة ببرامج الإذاعة العسكرية.. واتفق معه المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيخاي مندلبليت، بأن ليبرمان ليس لديه صلاحية قانونية لمنع بث قصائد غيفن، ولا يحق له التدخل في الخطط البرامجية للإذاعة. ودخل في دائرة المدافعين عن « غيفن» ورؤيته وشاعريته، عوفر شيلح، عضو الكنيست من حزب «هناك مستقبل»، موضحا أن إذاعة الجيش الإسرائيلي ليست محطة خاصة لأي سياسي، حتى لوزير الدفاع، ومحظور على ليبرمان التدخل في عملها، وغيفن شاعر إسرائيلي له طريقته في الحديث والإلقاء، وسيبقى موجودا بين الإسرائيليين يذكرونه، فيما سينسون العديد من الساسة. في حين قال الوزير الدرزي، أيوب قرا، المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إن مكان التميمي هو السجن فقط، وطالب غيفن بالتوقف عما اعتبرها ترهاته.. بينما اتهمت وزيرة الثقافة الليكودية، ميري ريغف، الكاتب والشاعر«غيفن» بأنه يعمل مجندا للعمل لتحرير فلسطين، لأن التميمي «إرهابية»، تجاوزت الخط الأحمر، ولا يجب أن تحظى بأي احترام !! أما عضو الكنيست، إيتسيك شمولي، من المعسكر الصهيوني، أعلنت «رفضها الشديد لما ذكره «غيفن» عن الصبية الفلسطينية» ولكن هذا لا يعطي ليبرمان صلاحية ما يبث وما يحظر في إذاعة الجيش الإسرائيلي، لأنها ليس ملعبا خاصا له.
مشاركة :