حثت منظمات حقوقية وإعلامية الأربعاء السلطات اللبنانية على التحقيق في تقارير أكدت قيام أحد الأجهزة الأمنية بعملية تجسس إلكترونية واسعة النطاق طالت آلاف الاشخاص في أكثر من عشرين دولة. وحذر خبراء في أمن المعلوماتية الأسبوع الماضي من شبكة للتجسس على بيانات الهواتف الذكية تتسلل إلى الأجهزة المحمولة عن طريق تحميل تطبيقات مزيفة تحاكي برمجيات للمحادثة الفورية بينها “واتساب”. وأكد معدو الدراسة من مجموعة “إلكترونيك فرونتير فاونديشن” وشركة “لوك أوت” أنهم اكتشفوا “بنية تحتية” واسعة النطاق مخصصة لأنشطة القرصنة المعلوماتية في العالم أجمع تحمل اسم “دارك كاراكال”. وأعربوا عن اعتقادهم بأن مقر هذه الشبكة يقع في مبنى تابع للمديرية العامة للأمن العام في بيروت. واعتبرت ثماني منظمات حقوقية وإعلامية في بيان مشترك الأربعاء أنه “على النيابة العامة في لبنان التحقيق في التقارير التي تشير إلى وجود عملية تجسس سرية واسعة النطاق مرتبطة بالمديرية العامة للأمن العام اللبناني”. وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش الموقعة على البيان لمى فقيه، “إذا صحّت الادعاءات، فإن هذا التجسس يشكل استهزاء بحق الناس في الخصوصية ويهدد حرية التعبير والرأي”. وأضافت “على السلطات اللبنانية أن تنهي فوراً أي مراقبة مستمرة تنتهك قوانين البلاد أو حقوق الإنسان، وأن تحقق في التقارير عن الانتهاكات الجسيمة للخصوصية”. ومن بين المنظمات الموقعة الى جانب هيومن رايتش ووتش، مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز) ومنظمة سمكس والمركز اللبناني لحقوق الانسان. وبيّنت الدراسة أن بيانات بحجم هائل مقدر بمئات الجيجابايت سرقت من آلاف الضحايا من محامين وناشطين وإعلاميين في 21 بلداً. وتمت عمليات الاختراق عبر تطبيقات مزيفة، كانت تسمح بمجرد تحميلها من قبل المستخدم بالوصول إلى الكاميرا والمايكروفون في الهاتف الذكي. ويمكن عندها للبرمجية التجسسية الاستيلاء على البيانات الشخصية المخزنة. وشملت تلك البيانات رسائل نصية وسجلات المكالمات والمواقع المتصفحة والتسجيلات الصوتية. وترك المشغلون البيانات الشخصية متاحة علناً على شبكة الإنترنت المفتوحة، ما من شانه بحسب فقيه أن “يعرض خصوصية الناس لمزيد من المخاطر”، مضيفة “لا مبرر للمراقبة التعسفية على نطاق واسع، لكن ما يزيد الطين بلّة هو ترك بيانات الناس الخاصة مكشوفة على الإنترنت”. وفي تعليق على عملية التجسس، لم ينف المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم بالمطلق مسؤوليته عن العملية. وقال للصحفيين “نحن أقوياء لكن ليس الى هذه الدرجة” مؤكداً أن “التقرير مبالغ فيه للغاية ونحن لا نملك هذه القدرات”. واعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق من جهته أن “هناك مبالغة كبيرة في التقرير (..) ليس أنه غير صحيح لكنه منفوخ للغاية”.
مشاركة :