تأسّف أحد نزلاء سجون المباحث بالحائر، لغياب الثقافة الأدبية والاهتمام بمحاضن الأدب والشعر في فترة سابقة؛ وذلك أثناء لقائه بمذيع برنامج "يا هلا"، خالد العقيلي، في حلقة خفايا السجن الأشهر في المملكة وماذا يحدث في الحاير؛ فيما حذّر -ومعه نزيلان آخران- من الوقوع في براثن التنظيمات الإرهابية التي وصفوها بالفخ الذي يقى منه الانشغال بالأفكار البنّاءة والانصياع لتوجيهات ولاة الأمر والآباء والابتعاد عن رفقاء السوء. وتفصيلاً، يقول النزيل "عبدالعزيز": أنا مهتم بدواوين الشعر والأدب، وكانت تتوفر لديّ في مكتبة المنزل، واهتممت في فترة من الفترات بفترة "عصر النهضة العربية" وكل ما كُتب عنها، مثل مؤلفات "العقاد"، ومدرسة إحياء التراث، و"البارودي" وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم.. كان هذا هو جل اهتماماتي؛ لكن غياب هذه المحاضن الأدبية ربما يؤثر على جيلنا خصوصاً المراهقين. وتابع النزيل وهو القارئ النهم قائلاً عن أولى خطوات الانجذاب نحو التنظيمات منذ أن كان على مقاعد الجامعة: "عندما تقرأ كتب التنظيمات -بغضّ النظر عن المسائل الشرعية والمسائل التكفيرية- أهم نقطة تؤثر فيك؛ هي اعتناقك لمبدأ فكرة الكيان أو التنظيم، ومن هنا ينطلق الولاء والبراء؛ أما المسائل الشرعية فلا تؤثر؛ لأن بالإمكان أن ترد مسألة شرعية على مسألة أخرى؛ لكن عندما تتعمق داخلك فكرة الكيان أو التنظيم؛ تبدأ تُوالي وتُعادي عليه". وأضاف: "توجد أشياء طُرحت الآن تمنينا لو أنها كانت موجودة عندنا أيام المرحلة الثانوية، هي اليوم تطرح وفق برنامج الرؤية.. أيضاً ما يصرف اليوم على الترفيه والجوانب الثقافية والأنشطة والصحافة التي نشاهدها حالياً؛ لم تكن موجودة آنذاك، وتمنيت لو أنها موجودة في تلك الفترة؛ لذلك أنا أقول للمسؤول عنها: إن الأموال التي صُرفت ليست خسارة؛ على العكس مهما أنفقت منها فهذا هو المناسب؛ لأنها توفر للفرد البيئة والمرافق التي يقضي فيها وقته، وتوفر أيضاً البديل لا أن يبحث الفرد عنها". وعن الفرصة التي أتاحها له السجن، قال "عبدالعزيز": "التفرغ وإعادة القراءة من أبرز الملامح التي أثّرت عليّ داخل السجن، كما أنني عدت لقراءة كتب قد قرأتها قبل عشرين عاماً؛ لكن الذي تَغَيّر هو نمط التفكير وطريقة التعاطي مع الأحداث". وختم: "أتمنى ألا تتكرر تجربتي، والشباب بحاجة إلى محاضن؛ فالتعليم مرتكز؛ لكن أثناء الجامعة وبعدها لا بد من التفكير بميزان صحيح قبل أن تقع في الفخ". فيما يري النزيل "محمد" من داخل غرفته، أنه "يجب على الشخص أن يتثبت ولا يسمع من أي شخص؛ فالدولة لها قادتها، ويجب على الفرد أن يتمسك برأيهم، وألا تأخذه التيارات يمنة ويسرة". وأشار إلى أن الوقت الذي يقضيه في "الحائر" تكون مهمته اليومية تنظيم برامج إذاعية مع مجموعة من النزلاء، يقومون على هندسة الصوت، وصنع عمل وإنتاجه وبثه؛ وهذا كله من عمل النزلاء، ولديهم برامج كانت من اقتراحات النزلاء أنفسهم، ثم إعداد البرامج، ثم مرحلة التصوير، ومرحلة المونتاج، وقسم "الشيلات" في الصوتيات، وكتابة "الأوبريتات" وهذه البرامج في جميع الأجنحة. بينما اكتفى النزيل "عبدالهادي" بجملة قليلة الكلمات عميقة المعنى، قائلاً: "لا يجب أن تسمع كلام الناس فقط، استمع لوالديك؛ لأنهم أحرص الناس عليك وأصدقهم؛ سواء كان بالمقصد أو العاطفة".
مشاركة :