ورد إلى مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، سؤال يقول صاحبه "رجل سار بسيارته بسرعة كبيرة، فحصل له حادث فمات، هل يعتبر قاتلا نفسه؟ وقال المركز، إن حياة الإنسان في الدنيا هي هبة الخالق سبحانه وتعالى، فلا يجوز لإنسانٍ أن يعتدِيَ على هبة الخالق سبحانه بالإيذاء، أو القتل، ولم يعطِ هذا الحقَّ حتى صاحبَ الهبةِ نفسَهُ فليس له حق أن يعتدي على هذه الهبة؛ قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، بل هو مأمورٌ بالمحافظة عليها من أي أذىً أو مكروهٍ، وعلاجِها من أي داءٍ يصيبها؛ قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وقال صلى الله عليه وسلم: «عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إِلَّا دَاءً وَاحِدًا: الْهَرَمَ» مسند الطيالسي.وأضاف، أنه لم تبَحْ في الشريعة الإسلامية قتلُ النفسِ إلا بحقٍّ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» مسند أحمد، لذلك كان العقابُ عظيمًا من الله سبحانه وتعالى لمن يعتدي على النفس بغير حق؛ قال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].وأشار إلى أن الاعتداء على النفس لا بد له من شواهد وقرائن، ولا بد من توفر نية الاعتداء؛ لأن من القواعد المقررة شرعًا أن الأمور بمقاصدها، وأن الأعمال بالنيات، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» موطأ مالك.ومن القواعد المقررة أيضًا: أن المحافظة على النفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا المقصد يشمل كل ما يساعد في المحافظة على النفس، ومنها: ما وضعه ولي الأمر من أنظمة تنظم حركة المرور بالسير في اتجاهات معينة، وبسرعة محددة .... إلخ من قواعد المرور التي من شأنها المحافظة على حياة الناس، وأن عدمَ الالتزام بهذه القواعد يعتبر مخالفة شرعية؛ لما فيه من عدم طاعة ولي الأمر، والمسلم مأمور شرعًا بطاعة ولي الأمر في غير معصية الله ورسوله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59].وأكد أنه يعتبر هذا السائق آثمًا شرعًا لعدم التزامه بالسرعة المقدرة من الجهات المرورية مما أودت بحياته لكن لا يعتبر قاتلًا لنفسه لعدم توافر القصد في مسألة قتله لنفسه، وللحكم عليه بقتل نفسه لابد من توفر شواهد وقرائن قوية تدل على ذلك.
مشاركة :