العملات المشفرة وبصفة خاصة «البيتكوين» لاعب جديد دخل سوق المضاربات بقوة واستحوذ على الاهتمام وجذب رؤوس أموال كبيرة، وتسجل هذه العملة التي يقال إنها لا تتبع لأي حكومة ولا يديرها بنك مركزي ارتفاعاً كبيراً ومستمراً ويحقق المضاربون فيها أرباحاً متزايدة، لكن خبراء يحذرون من إمكانية انهيارها فجأة أو أن تكون شركاً لإغراء المضاربين قبل ابتلاع أموالهم، بينما تخشى الدوائر الأمنية العالمية من مخاطر استخدامها في تمويل الإرهاب والجرائم المنظمة.. - ما حقيقة عملة ال «بيتكوين»؟ وكيف تعمل؟ وما درجة أمان الاستثمار فيها؟ ومن يضمن هذه الاستثمارات؟ وما نقاط ضعفها وما مخاطرها الأمنية؟ وكيف ترون مستقبل هذه العملات المشفرة وهل هي ظاهرة مؤقتة أم إنها مرشحة للبقاء والرسوخ كمجال استثماري؟ طرحنا كل هذه التساؤلات على عدد من الأكاديميين المتخصصين والخبراء الاقتصاديين في محاولة لاستجلاء حقيقة هذه العملات وكشف الغموض الذي يحيط بها، وقد تحدث لنا في البداية د. سالم باعجاجة موضحاً أن عملة البيتكوين هي عملة إلكترونية غير ملموسة كسائر العملات مثل اليورو والدولار لكن هناك فروقاً أساسية بينها وبين العملات الأخرى الملموسة، فهذه العملة تم استحداثها للتداولات الإلكترونية عبر العالم، وقد قام بالاستثمار فيها الكثير من المستثمرين من بداية طرحها وارتفعت شيئاً فشيئاً إلى أن وصلت إلى أسعار متضخمة وهي مخاطرها كبيرة لأن هذه العملة طالما ترتفع بسرعة فإنها تنخفض بسرعة؛ فالارتفاع السريع يولد انخفاضاً سريعاً وهذا ما حدث الآن، حيث انخفضت عما كانت عليه في الشهور الماضية فلا يوجد فيها أمان للاستثمار فيها لعدم استقرارها ولسرعة تقلباتها كما لا يوجد لها تغطية مثل بقية العملات الأخرى وبالتالي لا يوجد لها أمان طالما أنه ليس هناك ما يقابلها من الذهب؛ لأن من المعروف أن أي عملة تصدر لا بد أن يقابلها ما يغطيها من الذهب، لكن هذه العملة ليس لها مقابل أي ليس لها أمان ولا يوجد أحد يستطيع أن يضمن الاستثمار فيها، أما مخاطرها فهي كثيرة وكبيرة أولها ضياع حقوق المستثمرين الذين يستثمرون في هذه العملات، وثانياً أن هذه العملة غير ملموسة وبالتالي غير جائزة شرعاً فلا يجوز شراؤها طالما لا تستطيع لمسها، وثالثاً لأنها عملة ليس لها غطاء ليس لها ما يقابلها وهي تعتبر عملة ليس لها طبيعة الخصائص الفيزيائية الموجودة في العملات الأخرى وهي عملة إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت وليست عملة تتداول كما تتداول العملات الأخرى، ومع هذا أعتقد في بعض الدول أن هناك كثيراً من المستثمرين سيتعاملون معها لأنهم يحبذون المضاربة في هذه العملة شراء وبيعاً ليستفيدوا من فروقات الأسعار والحصول على الأرباح من خلالها لكن أتوقع عدم استعمال هذه العملة في بعض الدول الإسلامية المحافظة وسيكون هناك مجال آمن لعدم استعمالها. عملة بلا رقابة وقال د.عمر زهير حافظ إن هذه العملة المشفرة هي من اختراعات التطورات التقنية التي لا تلتزم بما استقر من أعراف قانونية ومالية على المستوى الدولي؛ لأن أهم ما في النقود أنها تصدر من سلطة نقدية هي التي تحدد عرض هذه النقود وملاءمتها للنشاط الاقتصادي في كل دولة، وهذه العملات المشفرة تعرض الاقتصاد والملاءة المالية للأفراد والشركات إلى مخاطر كبيرة جداً لا حدود لها؛ ولذلك أنا أراها بأنها قضية لن تستمر وإنما هي فقاعة من الفقاعات التي تنتاب النظام المالي الدولي، وأتمنى أن لا يطول بقاؤها لأن الاستقرار المالي لكل دولة سيتعرض لكثير من التهديدات بسبب هذه العملات المشفرة؛ وهي أنواع كثيرة أحدها البيتكوين، وأنا أحذر كل من يتعامل بهذه العملات المشفرة، وأدعو للالتزام بالعملات الوطنية التي تخضع لرقابه البنك المركزي والسلطات المالية والنقدية في كل دولة، فالعملة إذا لم تكن غير مراقبة من قبل الجهاز المصرفي الذي يخضع لرقابة البنك المركزي والجهاز المصرفي فإن ذلك يؤدي إلى وجود كثير من الفراغات الأمنية وهي في تقديري مؤقتة لا مستقبل لها لأنه ليس هناك دولة ترضى أن تعرض نظامها المصرفي والأمني لخروقات يمكن أن يقوم بها المتعاملون بهذه العملات خاصة أن المضاربات في هذه العملات كما يلاحظ المراقبون ارتفاعاً وانخفاضاً لا علاقة لها بالتطورات الاقتصادية لأي دولة من الدول التي تتعامل بهذه العملات المشفرة، وأتمنى أن تنتهي هذه الفقاعة بسرعة. عملة افتراضية ويشير غسان بادكوك إلى أن «البيتكوين» هي عملة (افتراضية) وليست عملة حقيقية ظهرت منذ نحو عشر سنوات وكان سعر الوحدة منها سنتاً أمريكياً واحداً، وظلت مهملة ولا تحظى باهتمام يذكر طوال السنوات الثماني أو التسع التي تلت إطلاقها من قبل أحد أساتذة الرياضيات إلى أن بدأت المضاربات عليها منذ نحو عام وبدأت أسعارها في الصعود الصاروخي إلى أن بلغت حاجز العشرين ألف دولار، وبالطبع لا يمكن الركون إلى مصداقية هذه العملة على الإطلاق وهي عبارة عن فقاعة ضخمة ينبغي على المستثمر الحصيف تجنب المضاربة عليها؛ لأن احتمال انفجار فقاعتها يعادل تماماً أو ربما يزيد عن معدل ارتفاع سعرها بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وأنا لا أعتقد أن هناك مصداقية لهذه العملة أو غيرها من العملات من هذا النوع لأنها ليست الوحيدة من نوعها فهناك عملات أخرى ولكن البيتكوين هي الأشهر من العملات الافتراضية أو الإلكترونية؛ وعليه فإنني أنصح كل من دخل في مجال الاستثمار فيها أو يفكر في ذلك بأن يخرج منها في أقرب وقت ممكن خصوصاً بعد أن بدأت البيتكوين رحله تراجعها بشكل سريع يكاد يضاهي رحلة صعودها الاستثنائي وغي الطبيعي على الإطلاق. فهي وضعها غير مطمئن وليس لها أي مصداقية ومعظم البنوك تتجاهلها، وهناك بعض البنوك فكرت أن تعتمدها مؤخراً لكن عددها ضئيل جداً بنسبة ولا حتى واحد في العشرة آلاف بنك من بنوك العالم، وأعتقد أنها عبارة عن مقامرة وليست مغامرة؛ الذي يدخلها كمن يدخل لعبه القمار واحتمال خسارته لرأسماله أكبر بكثير من فرصة حصوله على مكاسب كبيرة وهي بدون شك لها مخاطر أمنية من احتمالية قيام بعض المنظمات الإرهابية حول العالم بالمضاربة إلى أن تصل إلى مستويات سعرية عالية، وقد وصلت إلى نحو مليار دولار ثم تم بيعها بشكل كبير لتحقيق سيولة عالية تساعد تلك المنظمات في الحصول على التمويل الذي تحتاج إليه لاستمرار قيامها بالأنشطة الإرهابية في مختلف دول العالم، ولا أعتقد أن لها مستقبلاً يمكن الركون إليه على الأقل في الوقت الحاضر وخلال السنوات الثلاث المقبلة؛ وهي ستبقى ولكن الحذر من المضاربة عليها عند هذه المستويات السعرية المرتفعة جداً التي بلغتها بدون أن يكون لذلك أي مبرر اقتصادي أو مالي. ساما تحذر ومن جانبه يقول أحمد بن عبد الرحمن الجبير: إن عملة البيتكوين تعتبر عملة رقمية وإلكترونية وتتداول عبر الإنترنت وهذا يجعلها معرضة للهجمات الإلكترونية أكثر مما يؤثر على تداولها قانونياً. وبدأ العمل بعملة البيتكوين في عام 2007م في دولة اليابان. وتم تسجيل العملة في الأسواق عام 2008م وتم إطلاقها في بداية عام 2009م، وحدد صرف العملة بقيمة 1309 مقابل الدولار الأمريكى ودخلت في بورصة سوق العملات بداية عام 2010، وعملة بيتكوين لا يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى كالدولار واليورو، لأن هناك عدة فوارق وهي أنها عملة إلكترونية يتم تداولها عبر الإنترنت، كما أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية لها لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت وتحويلها إلى العملات التقليدية. وكثير من المستثمرين مترددون بشأن العملة الإفتراضية. ولا يعلمون عن العملة لأنه لا يمكن مشاهدتها ولمسها وهي عملة ليس لديها مركزية ولا تشريع ولم تعجب الكثير من المتداولين في العملات؛ الأمر الذي جعل سعر عملة البيتكوين متدنياً في الأسواق. وكثير من الدول لا تعتمدها بشكل رسمي ومعضم الدول حذرت منها ولكن في اليابان تستطيع أن تستخدمها لشراء بعض السلع من المحال، وحذرت منها الدول العربية خاصة المملكة ممثلة في مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، حيث تعتبر تداولها عبر شبكة الإنترنت، خطيراً، جداً وله عواقب على المتداولين خطيرة جداً وغير سليمة. والهدف من هذه العملة هو تغيير الاقتصاد العالمي، ويتم تخزينها في محفظة إلكترونية، وتستخدم عن طريق الإنترنت، ويتم تحويلها لعملات أخرى كما أن لها حساباً لدى البنك، والهدف منه حفظ الرصيد الشخصي وهو عبارة عن حساب مشفر مكون من حروف وأرقام، ويتم إنتاجها رقمياً، عن طريق كود ومفتوح ويتميز هذا الكود بأنه غير قابل للاختراق أو التعديل، وليس حكراً على فرد أو مؤسسة أو هيئة بينما العملات التقليدية تعتمد على الذهب والفضة، ولكن عملة البيتكوين تعتمد على معادلات رياضية، وأرقام الإلكترونية، ما يجعل تداولها شبه آمنٍ بحيث لا يوجد أي تلاعب فيها، ولا أحد يستطيع اختراقها أو معرفة رصيدها، وفي جميع أنحاء العالم تُستخدم برامج خاصة بمعادلات رياضية لإنتاجها، وهي متاحة للجميع. وسبق وحذرنا بشدة من هبوط أسعار العملات المشفرة خاصة عملة البيتكوين، وجميع العملات الإلكترونية الأخرى؛ وقلنا إنها عملات غير ناضجة وليس لها تكوين أو نظام وأساس يحكمها، وأنه في أي لحظة سوف تنهار وها هي في الأيام الماضية تنخفض وبشدة وسجلت أسوأ أنخفاض لها منذ عام 2013م بعد صعود قوي لها إلى مستوى 20 ألف دولار الأيام الماضية، ونعتقد أن سبب الهبوط الحاد لها هو البيع الكبير للعملة في الأسواق، ما جعل القلق ينتاب المتداولين والمستثمرين في العملة من البيع الكبير الذي حصل في الأيام الماضية وتم للعملة وهروب عديد من المستثمرين من الأسواق والاستثمار في العملة واختفاء مراكز البيع والشراء، حيث واجهت مراكز التداول صعوبة كبيرة خلال عمليات البيع الكبيرة التي حصلت في العملة وأصبحت العملة غير مرغوب فيها من كثير من مراكز الشراء، ما زاد من قلق المتداولين للعملة في جميع الأسواق العالمية للعملات وكذلك البنك المركزي الصيني تعمد بيع مبالغ كبيرة من عملة البيتكوين، ما أسهم في تدهورها وانخفاضها بشدة وعزوف كثير من المستثمرين عن شرائها. عملة عمياء ويتطرق د.طلعت حافظ، لحقيقة عملة ال «بيتكوين»، وكيفية عملها، قائلاً: عملة ال «بيتكوين»، هي جزء من مجموعة عملات افتراضية متعددة في الفضاء الواسع، وأعني الشبكة العنكبوتية، إذ يعتقد أن هناك أكثر من 80 عملة افتراضية يتم تداولها عبر مواقع الإنترنت، ولكن أشهرها وأبرزها، وما هو فعلاً بدأ يأخذ حيزاً من الاهتمام، ومن الجدل، هي عملة ال «بيتكوين»، وتفرعات هذه العملة، وخلافه من العملات التي تتبع لهذه العملة الرئيسة. وال «بيتكوين» باختصار شديد، ومن خلفية تاريخية، هي ورقة بحثية، قام بها باحث لم يعرف حتى الآن جنسيته، أو اسمه بالتحديد. هذه الورقة ظهرت في عام 2008م، وكانت نتاج معادلات رياضية وحاسوبية معقدة في الشبكة العنكبوتية، ويمكن فك شفرتها لمن يستطيع ذلك؛ ليحصل على ال «بيتكوين». وهذا محل سؤال مفاده: من أين يمكن الحصول على عملة ال «بيتكوين»؟. وإجابة عن هذا السؤال، أقول هي موجودة في الإنترنت، ويمكن فك شفرتها المعقدة - كما أسلفت - إما بواسطة الاستعانة بشركة متخصصة بفك هذا النوع من الشفرات، أو شخص متمرس في الحاسب الآلي، وفي فك الشفرات الإلكترونية.هذه العملة بدأت في عام 2009م، وكان مقابل سعرها بالدولار لا يتجاوز بضع سنتات، ولكن سرعان ما انتشر رواج هذه العملة، وتم ملاحظة ذلك من خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ أصبح سعر صرف هذه العملة يتجاوز 17 ألف دولار للبيتكوين الواحدة، ولكن أصابها نوع من التراجع والانخفاض في القيمة، ووصلت لمستويات ما كانت عليه في عام 2013م، مما عرض كثير من المستثمرين والمضاربين في هذا النوع من العملة، لخسائر فادحة، وبالذات الذين يعتمدون في استثماراتهم، ليس على أموالهم الذاتية، ولكن على ما يعرف بهامش المتاجرة، وهذا الهامش هو قروض في نهاية الأمر، تعطى من مؤسسات مالية؛ لتمكين بعض المستثمرين والمضاربين في العملة، وفي أسواق المال بالشراء، ولها بالطبع آلية معينة لهذا النوع من الاستثمار. أيضاً هناك ما يعرف بالتكنيك أو بالبيع على المكشوف أو بالبيع الآجل، وهذه كلها ممارسات استثمارية يلجأ إليها المستثمرون بهدف جني الأرباح. وعن المشكلة التي تعاني منها هذه العملة، ويعاني منها بالطبع المتعاملون بها، يقول د.طلعت حافظ: مشكلة ال «بيتكوين»، أنها عملة (عمياء) حسب وصف البعض لها، باعتبار أن ليس لها وجود فيزيائي أو يمكن متابعتها، وهي كما قلت عملة يتم تداولها من خلال الشبكة العنكبوتية وعلى نطاق واسع، وبالتالي يصعب تتبعها، باعتبارها تتم بين عناوين في الشبكة العنكبوتية، دون الحاجة إلى ظهور أسماء أو جهات، ما يشوب هذه العملة من تكهنات حول مشروعيتها، وهي بالطبع غير مشروعة، وغير نظامية، لأنه لا يوجد حتى اليوم اعتراف قانوني أو نظامي بها، وليس لها تنظيم معين من أي من البنوك المركزية على مستوى العالم، وهذا ما يزيد الشكوك حولها في استخدامها في تعاملات مشبوهة وغير سوية، كعمليات غسل الأموال، وتجارة المخدرات، إضافة إلى التذبذب الحاد في سعر صرفها، والذي يعرض المستثمرين لخسائر فادحة، كما حصل في الآونة الأخيرة. وقد حذرت عديد من بيوت الخبرة والاستشارات المالية والمحللين، من مغبة الوقوع في فخ مثل هذه الاستثمارات غير النظامية، وغير القانونية، التي فيها شيء من الوهم، وعدم الالتزام في مصداقية هذه العملة. عملة غير معترف بها أما جمال بنون، فيتطرق من جهته، لأسباب عدم اعتراف الدول بعملة ال «بيتكوين»، قائلاً: هذه العملة حتى الآن لم تعترف بها أي دولة كعملة يمكن التعامل معها بثقة، لكونها لا توجد هيئة تنظيمية مركزية يمكن الرجوع إليها، لأن العملة النقدية تستمد قيمتها بما يعادلها من الذهب أو غيرها من السلع، وتحدد قيمة العملة النقدية بناء على عدة أسباب من أهمها، احتياطيتها، وسعر الصرف، ووضع البلد الاقتصادي والمالي، وبناء عليه ترتفع أو تنخفض قيمة العملة النقدية. أما ال «بيتكوين»، فهي لا تستند لأي مرجعية نظامية، وحين ظهرت في عام 2009، فهي نشأت من بعض الأشخاص، لا يعرف أحد أسماءهم، أو جنسياتهم، وربما يكون لأزمة الرهن العقاري التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008 وما نتج عنها من أزمة مالية خانقة للبنوك، وما صاحبها من فقدان العمل للكثيرين بعد تسريحهم، وجد بعض الهواة أو المتخصصين في التعاملات الإلكترونية، أنها فرصة لزرع الأمل من جديد بطريقة وهمية، من خلال إصدار عملة إلكترونية، وهذه العملة هي امتداد لعملات وهمية صدرت في السابق، مثل (الدولار الصاروخي)، وهي شبكة تداول نقدي، إلا أنها لم تستمر بعد أن انكشف أمرها، وأن الغاية منها جمع الأموال. ويتطرق جمال بنون لمستقبل هذه العملات المشفرة، قائلاً: نتائج هذه العملة وحقيقتها سوف تظهر قبل نهاية عام 2018، حيث إنها لا تزال تسجل انهيارات وتراجعاً في قيمتها المتدالة، بعد أن كانت في بداية 2017 ب 900 دولار حتى وصلت لذروتها في ديسمبر الماضي إلى 13 ألف دولار قيمة العملة الواحدة، ولكن مع بداية يناير بدأت تتراجع حتى وصل قيمتها في بعض الدول إلى 10 آلاف دولار، وأعتقد أنها سوف تواصل النزول، لأن المضاربين يبحثون عن الأرباح وتحقيق مكاسب، مع ارتفاع طفيف خلال الأشهر المقبلة، إلا أنها لن تستقر، خاصة أن عدد المتعاملين مع هذه العملة يتزايدون، حتى وصل عددهم إلى نحو 6 ملايين مستخدم. وعما إذا كان هناك مضاربون في هذه العملة داخل المملكة، وما يمكن أن تؤول إليه هذه المضاربة، يقول بنون: المملكة مثل كل الدول هناك مضاربون في سوق العملات سواء ورقية أو إلكترونية، مثل الفوركس وأثيريوم والريبل واللايتكوين، وهناك عديد من العملات الرقمية، وبالفعل يقوم سعوديون بتحويل مبالغ إلى متعاملين أو مضاربين في الخارج خاصة لدى الشباب والمستثمرين، ما يعيب التعامل في هذه العملات أنه يسمح بدخول أموال غير نظيفة إلى هذه التعاملات لعدم وجود رقابة أو أنظمة تحمي هذه الأموال أو معرفة مصادرها، ما يعني أن أموال المخدرات وأي أنشطة مشبوهة ستجد طريقها لهذه المضاربات. وعن مدى صدقية البعض، ممن يرددون أن هذه العملة ستكون هي العملة الرقمية القادمة التي سيتم التعامل معها مستقبلاً، يقول بنون: هذا ليس صحيحاً، التعاملات الإلكترونية إذا لم تقم على الشفافية وثقة المتعاملين بها، لن يتم التعامل معها، فحتى العملات الرقمية تحتاج إلى تنظيم ومرجعية في حال وجود أي مشاكل، رغم الإغراءات التي تتمتع بها العملات الرقمية للدخول فيها، قد تكون فرصة المكاسب وقتية وليست طويلة المدى، إلا أنها بحاجة إلى تشريعات وأنظمة، وأعتقد كانت هناك مشاورات بين السعودية والإمارات لإطلاق عملة رقمية محلية الهدف منها إطلاق تجربة عملة رقمية طالما أن هناك إقبالاً عليها، وأيضاً منح الثقة للمتعاملين في هذه العملات الرقمية، وقبل فترة أعلنت فنزويلا طرح عملة رقمية مرتبط سعرها مع سعر النفط، بهدف معالجة أزمتها الاقتصادية، وأيضاً من أجل رفع سعر برميل النفط، في حال اشتد الإقبال على العملة الرقمية. في كل الأحوال ال «بيتكوين» هي موجة لن تستمر طويلاً، ستختفي وستظهر بعدها عملات أخرى مثل الأثيريوم والريبل واللايتكوين وهي كلها عملات رقمية حديثة. مخاطر عالية أما عبدالرحمن بن أحمد الجبيري، فيؤكد من جهته، على أنه لا توجد رقابة قانونية ودولية على عملة ال «بيتكوين»، محدداً العوامل التي ستؤدي إلى انهيارها، موضحاً ذلك بقوله: هناك مدارس فكرية متعددة في الاقتصاد ولكل مدرسة أدواتها بيد أن النظرية الاقتصادية في غالب الأحوال هي تحليل لسلوك نشاط ما، كما أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار أن بيانات القياس كأدوات للتحليل تخضع لمعايير مصداقيتها، ونسب تفاوتها في اختيار سنوات الأساس، ولذلك الافتراض السليم لتحليل نشاط عملة ال «بيتكوين» الرقمية يعتمد على سلوكها المتذبذب، فمنذ انطلاقها قبل عشر سنوات، لم يسبق لها الاستقرار في توازنات السوق الرقمية، وكل الصفقات التي تمت كانت بمضاربات غير منظمة، إِذْ يغلب عليها طابع التكتل الأستحواذي لفرق العمل، بهدف تحقيق أرباح سريعة مشبوهة، ويمكن القول إن تداولها أحدث ما يسمى بالاقتصاد الرقمي المشوه، إضافة إلى الشكوك بدخول مضارباتها ضمن شبكات غسيل الأموال، ولأن ال «بيتكوين» غير ملموسة فيزيائياً يتم التعامل بها إلكترونياً بطريقة بالغة التعقيد، ذلك لأنها تمر بمراحل معقدة حتى تتم الصفقة، كما أن سعرها متذبذب وغير ثابت، ففي منصات البيع التي لاتزال لم تخضع للرقابة الدولية الصارمة، تجد الفرق بين كل منصة واُخرى بنِسَب عالية جداً، ومنذ نشوئها لم تستقر كما هو الحال في بقية العملات التقليدية والسلع النقدية الأخرى. إن الانجراف نحو عملة ال «بيتكوين» الرقمية والتداول بها في ظل عدم وجود رقابة واعتراف بها من قبل البنوك المركزية في دول العالم، مخاطرة عالية، إضافة إلى كونها عرضة للتذبذب وتقلل من إمكانية اعتبارها وسيلة دفع صالحة، حيث إن ارتفاع قوة المضاربة بها تجعل عملة ال «بيتكوين» جذابة، ما قد تؤدي إلى إشكالات سوقية هائلة، ولذلك تدخل مضارباتها ضمن الشهية السريعة للكسب السريع، ناهيك عن الخسارة السريعة في المقابل. وعن تاريخ ظهور ال «بيتكوين»، يقول عبدالرحمن الجبيري: انطلقت ال «بيتكوين» في عام 2008 كعملة إلكترونية دولية يتم تداولها عبر الإنترنت فقط، أي لا وجود فيزيائي لها، قدَّمها شخص سمَّى نفسه «ساتوشي ناكاموتو» من خلال ورقة بحثية على الإنترنت يقترح فيها فكرة «العملة الافتراضية»، وفي السنة التالية 2009 تم طرح «بيتكوين» للتداول للمرة الأولى وهي العملة الرقمية الأولى في العالم حالياً، ضمن أكثر من 700 عملة من النوع ذاته، ولا تعتمد على بنك مركزي ولا وُسطاء، ولا تُطبع أو يتم تداولها باليد في الوقت ذاته، لأن العملات الورقية تعتمد على غطاء من مخزون إستراتيجي من الذهب أو العملات الأجنبية، اليوم يمكن تحويل ال «بيتكوين» إلى العملات التقليدية، وهناك محال تجارية محدودة حول العالم بدأت عمليات البيع المباشر بالبيتكوين، وهي أشبه ما تكون بالحساب البنكي الشخصي، وتستخدم في شراء المنتجات، وتستخدم أيضاً في عمليات الصرف والتداول بين المستخدمين لها فقط، واستبدالها بعملات حقيقية، وهناك عديد من العملات الإلكترونية التي انتشرت مؤخراً بنفس طريقة ال «بيتكوين»، حيث يعتقد كبار المحللين أن ال «بيتكوين» حالياً أغلى من الذهب، إلا أن منطقية استخدامها كعملة للتداول الرقمي أشبه ما تكون مستحيلة في هذا الوقت تحديداً، لسببين: الأول التعقيدات التقنية التي تمر بها العملية، والثاني سعرها المتذبذب مما يجعل تقويمها بعملات أخرى أكثر صعوبة. ويؤكد الجبيري، على أن مؤسسة النقد السعودي حذرت من هذه العملة، موضحاً ذلك بقوله: سبق أن أطلقت مؤسسة النقد السعودي حزمة من التحذيرات لتوضيح مخاطرها، وتواصل في نفس الوقت توعية المجتمع بشكل مستمر، إضافة إلى التحذيرات الدولية المستمرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ولذلك فإن كثيراً من الدول اليوم تحذر من آثارها الاقتصادية وتأثيرها على مكونات الاقتصاد في دول العالم تباعاً، وأطلقت مؤخراً كل من الصين وكوريا الجنوبية وعديد من المنظمات الدولية تحذيرات بعزمها على حظر التداول بها، ما أسهم في انخفاض حاد في سعرها وصل إلى عشرة آلاف دولار، وأتوقع أن تصل خلال الأيام القليلة القادمة إلى أقل من ثمانية آلاف دولار. وعن صحة الأقوال التي تردد عن تعدين ال «بيتكوين»، يقول الجبيري: تعدين ال «بيتكوين» ببساطة مصطلح خاطئ، حيث إنه لا يعني التعدين الفيزيائي الملموس كالعملات الحقيقية، ولكنه يُطلق مجازاً على العملية التي تتم أثناء التداول بحزمة معقدة من التشفير الرقمي، ومن يقوم بالإشراف والتنفيذ هم أشخاص يسمون مجازاً المُعدَنين، وهم مثل صيارفة البنوك تقريباً، إلا أنها قابلة للانفجار في أي وقت. وعلى الرغم من دقة التشفير ومتابعة وحدات التداول لها ومعالجتها منذ تأسيسها في بيانات المدخلات والمخرجات الخاصة بالمعدنين، إلا أنها تبقى عملة ذات مخاطر عالية؛ لعدم وجود جهة منظميّة تتولى إدارتها وحماية متداوليها من الاختراق والقرصنة الإلكترونية بطرق الاحتيال المتعددة. وعن أهم المخاوف التي تنتاب أداء الاقتصاد في ظل التعامل مع هذه السلعة، يقول الجبيري: هناك الكثير من المخاوف التي تنتاب أداء الاقتصاد ويأتي منها التضخم الكبير في السعر، حيث قد يصل إلى مرحلة يصعب فيها إجراء أي تداول يفضي إلى إعادة توازنه وكذلك من خلال مرونة الطلب السعرية على البيتكوين عندما يصل إلى مرحلة اقتصادية تسمى طلب غير مرن أي أن درجة الاستجابة للتغير صفر إضافة إلى الاختراق الإلكتروني للبيانات المشفرة وسرقة أرصدتها وأيضاً عدم تدخل المنظمات الحكومية والجهات الرقابية والمختصة لضبط هذا الانفلات السعري كما يحدث في العملات التقليدية، وأضاف لذلك هناك مخاوف من أن تكون التعاملات الخاصة به غير قانونية كغسيل الأموال التي تعتمد على الاستحواذ في شكل (صراع تقني داخلي - فوضى عارمة) حتى أن المضاربين العاديين تفرض عليهم قيود صعبة للتداولات فيخسر أرصدته والتلاعب بسعره ضمن مجموعات تداول تعمل (باتفاق وتنسيق مُسبق) على رفع السعر عن طريق بث الشائعات ورفع الطلب بالشراء الوهمي والتلاعب بتحويل الأرصدة فيما بينهم حتى يصل إلى مرحلة عالية يقومون بعدها ببيع أرصدتهم ليحققوا أرباحاً ومن ثم الخروج من التداول وتركه يهبط إلى مستويات متدنية أمام المتداولين الآخرين ولذلك فإنه من الأهمية بمكان أن تقوم البنوك التجارية بحملات إعلامية وورش عمل وبرامج توعية حماية لعملائها وتوعيتهم من مثل هذه المخاطر الاقتصادية وتبعاتها. --------- العملات الرقمية يمكن أن تحقق للمضاربين مكاسب كبيرة أو خسائر جسيمة وعند سؤالنا لعصام الخليفة، عن مدى ما تمثله هذه العملة من مخاطر على المتعاملين بها، أجابنا قائلاً: «البيتكوين» والعملات الإلكترونية الأخرى، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، لأنها تعمل على نظام المضاربات الساخنة. بمعنى، بقدر ما فيها من فرص كسب سريع وكبير، فإن مخاطرها كبيرة وسريعة أيضاً. وهي تعتمد على حجم الطلب والتداول، وليست مغطاة بأي شيء، لا ذهب ولا غيره، وبنفس الوقت لا تحميها أو تغطيها أي دولة، أو بنك مركزي. وهي حالياً تشكل ظاهرة مضاربية مؤقتة، لكن من المتوقع تطوير أدوات ومنتجات تشبه خصائصها، من حيث التداول والتبادل، لكن بقدر أكبر من التنظيم والمرجعية. --------- المستقبل واعد للعملات الرقمية لسهولة التداول وبسؤالنا ل د. أمل الخليفة، عن عملة ال «بيتكوين»، ومدى تعدد المحافظ الاستثمارية فيها، ودرجة أمان هذا النوع من الاستثمار، أجابتنا قائلة: ال «بيتكوين» عملة إلكترونية، تعمل بمحفظة رقمية مشفرة خاصة بالشخص، وجميع العملات الرقمية تخضع تقريباً لنفس مفهوم المضاربة بالأسهم. ودرجة الأمان في الاستثمار فيها عالية جداً؛ لوجود المحفظة الرقمية المشفرة التي يصعب اختراقها، وهناك عدة أنواع من المحافظ الإلكترونية المشفرة التي يمكن للشخص المضارب الاختيار بينها. إذ توجد محافظ للحاسوب، وهي الأعلى أماناً. ومحافظ عن طريق الاشتراك في سحابة رقمية، وحجز مساحة. ومحافظ رقمية في الجوال، وهي الأكثر عرضة للاختراق، نظراً لأن الجوالات سهلة الضياع أو السرقة. أما بخصوص الضمانات، فلا توجد ضمانات على هذه المضاربات، لأن هذه العملة لا تتبع لأي حكومة، ولا يديرها بنك مركزي، ولا تحتاج إلى معرف، ولا رسوم بنكية. وعند سؤالنا للخليفة عن مستقبل هذه العملات المشفرة، وما إذا كانت تشكل ظاهرة مؤقتة أم إنها مرشحة للبقاء والرسوخ كمجال استثماري جديد، أجابتنا قائلة: المستقبل واعد بالنسبة للعملات الرقمية؛ لقلة التعقيدات، وسهولة التداول، عكس ما يحدث في البنوك، إضافه إلى انعدام السمسار، وسرعة تنفيذ العمليات. وللمعلومية، هناك أكثر من ١٨٠ عملة رقمية مطروحة للتداول بأقل من خمس هللات سعودية، منها رپل ripple، وترون Tron. -------- العملة الرقمية يمكن استخدامها في تمويل العمليات القذرة وعند سؤالنا لسليمان العساف، عما إذا كان بالإمكان اعتبار عملة ال «بيتكوين»، عملة افتراضية أم حقيقية، أجابنا قائلاً: لا نختلف أولاً على اعتبارها عملة رقمية يتم تقييمها بسعر، ثم يتم تداولها والمضاربة عليها بناء على توقع إقبال المستثمرين لاقتنائها، ويتم الحصول عليها إما بالشراء أو التعدين الإلكتروني بطريقة خوارزمية معقدة جداً، ويتم تبادلها بعيداً عن الرقابة، من خلال ما يسمى بال « بلوك شين» blockchain، وبالتالي هي عملة مضاربية، والمضاربة دائماً مرتفعة المخاطر، كما أنها قد تتعرض للقرصنة، لذا يمكن اعتبارها عملة افتراضية، وليست حقيقية. وبسؤالنا للعساف، عن نقاط ضعفها ومخاطرها الأمنية، ومستقبلها، أجابنا قائلاً: نقاط ضعفها الاختراق والتذبذب الحاد في قيمتها. أما مخاطرها، فتتمثل في عدم وجود رقابة عليها، ومن الممكن أن يتم استخدامها لأغراض غير شرعية، وغير قانونية، وتمويل عمليات قذرة. وفيما يتعلق بمستقبل هذه العملة، أرى أنها ستستمر وتزدهر، ولكن لا بد من إيجاد وسيلة لمراقبتها، ومتابعة تحركها، حتى لا تكون وسيلة للشر. وباعتقادي، أنه سيكون لها مستقبل كبير، فيما لو اتفق العالم عليها، خصوصاً في ظل القلق من صعوبة رقابتها في وقتنا الحالي. ------------- العملات الرقمية باتت هاجساً للبنوك المركزية وبسؤالنا ل د. عبدالله المغلوث، عما تشكله هذه العملات الرقمية للبنوك المركزية، استناداً إلى ما تشكله من مخاطر على المستثمرين فيها، أجابنا قائلاً: مما لاشك فيه، أن العملات الرقمية باتت بالفعل تشكل هاجساً حقيقياً لغالبية البنوك المركزية التي حذرت من مخاطرها، ونصحت بتجنبها؛ حماية للثروات، والمستثمرين، والنظامين النقدي والمالي، حيث إنها لم تكن مخاطر العملات الرقمية مرتفعة كما هي عليه اليوم، والسبب ارتفاع قيمتها بشكل كبير، خاصة ال «بيتكوين» التي تحول حجم المعروض منها والمحدود نسبياً، إلى رقم ضخم في قيمته الحقيقية، مقارنة بالدولار، وبما يشكل تهديداً حقيقياً للاستثمارات والمستثمرين، وربما المصارف المرتبطة بأولئك المستثمرين فيها. والعملة الرقمية، عملة إلكترونية وجدت في الإنترنت، وهي ذات جوانب مظلمة، وتخضع قيمتها لقانون العرض والطلب، وتبقى نقوداً مستقلة تثير المخاوف، ولا وجود فيزيائياً لها. والمملكة حذرت مواطنيها بشكل رسمي للعواقب السلبية الناتجة عن التداول بها، وأنه لا يمكن اعتمادها داخل السوق السعودية، لأنه فِي العالم المالي جميع العملات تكون مرتكزة على سيولة نقدية تقاس بالذهب أو الخدمات والصناعات والاحتياطي النقدي للدولة، وهذه العملة لا ترتبط بأصل ولا مصدر واضح لها، ولا رقابة مركزية عليها، ولخطورتها تم إغلاق أكبر موقع للتعامل بها في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2013م؛ لاستغلالها في تجارة المخدرات وتمويل الإرهاب والعمليات المشبوهة. والآن الصين واليابان تحذران من الاكتتاب في العملة الرقمية، لأنها تعتبر وسيلة لجمع الأموال من قبل أفراد ومؤسسات ترغب في الحصول على أموال؛ لتمويل أعمالها، ما أدى إلى توتر في سوق العملات الرقمية، والذي قد يؤدي إلى انهيارها. لقد شهد سوق العملات الرقمية تراجعاً كبيراً وسط موجة بيعية من المستثمرين الأسبوع الماضي، بعدما قال وزير العدل الكوري إن وزارته تدرس تشريعاً لحظر تداول هذه الأصول، من أجل السيطرة على الهوس بها، والمضاربة عليها. وحذر اقتصاديون من تقلب هذه العملة التي كانت تباع في بداية 2017 بنحو ألف دولار، واقتربت في نهايته من 20 ألف دولار بعد التهافت عليها، قبل أن تتراجع قليلاً، ولا يزال تبادل هذه العملة في الصفقات العقارية في بدايته، علماً أن المتعاملين بالعقارات لايزالون متشككين حيالها، نظراً لعدم استقرارها في دول أخرى. --------- ما يحدث حالياً من تذبذب العملات المشفرة لا يمكن تفسيره أبداً عند سؤالنا لأحمد الزمامي، عن حقيقة عملة ال «بيتكوين»، وكيف تعمل، أجابنا قائلاً: التعامل مع العملات الرقمية أو المشفرة، يكون على نوعين، إما التعامل معها على أساس أنها سلعة يراد من التعامل معها التربح بالبيع والشراء، أو التعامل معها كعملة بديلة للعملات الورقية الحالية. وتتميز العملات المشفرة عن العملات الحالية، بأنه لا يوجد بنك مركزي يتحكم بها، وهو أحد أهم أهداف تأسيسها، بجعلها عملة مستقلة عن أي سلطة، وعلى إيجابية مثل هذا الأمر، إلا أن له سلبياته أيضاً، فعدم وجود أي سلطة تتبع له، وعدم وجود طريقة لتتبع الأموال ومصادرها وسبل صرفها، يجعلها بيئة خصبة لعمليات غسيل الأموال والجماعات الإرهابية لاستخدامها، بعد تضييق الخناق على مصادر تمويل الجماعات الإرهابية عالمياً، إضافة لاستخدامها كعملة لدفع الفدية في عمليات التهكير، وسبق أن شاهدنا مثل هذا في 2017 عند اختراق النظام الصحي البريطاني، والمطالبة بفدية تدفع على شكل عملات بيتكوين. والعملات الحالية كانت تكتسب قوتها وتحتفظ بقيمتها كعملة من ارتباطها بالذهب، ومع تطور الوقت أصبحت عملة الدولار تكتسب قوتها وسمعتها من أداء الاقتصاد الأمريكي، لذلك نلحظ على جميع العملات عادة التذبذب في قيمتها حسب الوضع الاقتصادي لدولتها، وهذا أمر طبيعي، لكن ما يحدث للعملات المشفرة حالياً لا يمكن تفسيره أبداً، فهي ترتفع بشكل ضخم، وتنخفض دون تفسير منطقي، والمتعاملون بهذه العملة يعلمون ذلك. سبق أن شاهدنا ارتفاع العملة أقل من 1000 دولار؛ لترتفع وتصل ما يقارب 20 ألف دولار، ثم انخفضت إلى ما يقارب 11 ألف دولار. هذا التذبذب السعري حاد جداً، ويحمل مخاطر كبيرة. إن ما يحدث بالعملة المشفرة سعرياً في الوقت الحاضر، أشبه بعمليات المضاربة إن لم تكن قماراً، لكن مستقبلاً يمكن أن تتطور بيئة هذه العملات؛ لتكون عملة رقمية قابلة للتعامل اليومي، في ظل احتفاظها بقيمة منطقية لها، ويكون تذبذبها السعري ضيقاً، وأكثر منطقية، وقابلاً للتفسير. ---------- د. سالم باعجاجة: وكيل كلية العلوم الإدارية والمالية بجامعة الطائف. د. عمر زهير حافظ: أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز والمستشار المالي. د. أمل الخليفة: باحثة متخصصة في الشأن المالي والقانوني. غسان بادكوك: كاتب اقتصادي. د. طلعت حافظ: كاتب ومحلل اقتصادي. د. عبدالله بن أحمد المغلوث: عضو الجمعية السعودية للاقتصاد. أحمد عبد الرحمن الجبير: مستشار مالي وخبير اقتصادي. جمال بنون: كاتب وصحافي اقتصادي. عصام خليفة: محلل اقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية. - أحمد الزمامي: كاتب اقتصادي بجريدة الرياض. عبدالرحمن بن أحمد الجبيري: كاتب ومحلل اقتصادي. - سليمان العساف: مستشار اقتصادي.
مشاركة :