خالد القشطيني: رحمك الله يا شيخ محمد عبده!

  • 10/17/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت شبكات الإنترنت مثل الوليمة على سمكة، طعمها لذيذ وفوائدها كثيرة للمخ وللبدن، بيد أن رائحتها كريهة وتجمع عليك الكلاب والقطط، لا يدري المرء إن كان ما تحمله «الإنترنت» صحيحا ويعتد به، أو كاذبا تحذر منه، أو مغشوشا إياك وإياه. وكان من ذلك، إيميل وردني، أخيرا، عن تقرير علمي صادر من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة، يتناول التقرير الإسلام والمسلمين وأحوالهم؛ من حيث تطبيق مبادئ الدين الحنيف، ولا سيما في ميادين الاقتصاد والتعامل، ويعطي التقرير قائمة بأسماء معظم دول العالم، المفاجأة العجيبة فيها أن الدول التي تطبق مبادئ الإسلام ليست إسلامية، حسب ما قاله هذا التقرير. آيرلندا أول دولة في تطبيق الإسلام، تليها الدنمارك، ثم لوكسمبورغ، فالسويد، فالنرويج، كل الدول التي نعدها دولا إسلامية تأتي في آخر القائمة. هكذا قال أحد الباحثين المسؤولين عن التقرير، إن «الكثير من الدول التي تعرف نفسها بأنها دول إسلامية، لا تتبع في واقع الأمر مبادئ الإسلام». يؤسفني أن أعترف بأنني لم أطلع على نص التقرير وتفاصيله، فلا أدري ما هي المبادئ التي يعدها أسسا للدين الإسلامي، وكيف جرى تقييم تطبيقها أو تجاهلها، فسكان آيرلندا مثلا يأكلون لحم الخنزير ويحبونه ويتفننون في طبخه، وسكان الدنمارك يصنعون نقانق (صوصيج) من دم الحيوان، ورأيتهم يأكلونها عند الفطور، وهو ما يتناقض بالطبع مع الدين الإسلامي، ولكن بعين الوقت، نرى سكان الدنمارك والسويد والنرويج يتمتعون بضمان اجتماعي وخدمات صحية مجانية عالية، ويغيثون الفقير وابن السبيل، ويقبلون اللاجئين ويعاملونهم معاملة المواطنين، وهو ما لا تطبقه أكثر الدول الإسلامية. ما انتهيت من قراءة هذا الإيميل الذي مررته إلى أصدقائي، حتى تذكرت تلك الكلمات الخالدة التي تفوه بها الشيخ محمد عبده - رحمه الله - بعد زيارته لبريطانيا، لاحظ رقة الناس فيها وتعاملهم الصادق وخدماتهم الاجتماعية، ونحو ذلك مما يعرف عنهم، فقال لدى عودته إلى بلاده (مصر): «رأيت الإسلام في بريطانيا ولم أرَ مسلمين، وعدت لمصر فرأيت المسلمين فيها ولم أرَ الإسلام». بيد أن الشيخ الفقيه عاش في زمن لم يعرف الناس فيه ولم يتصوروا ما يقوم به «داعش»، و«النصرة»، و«القاعدة»، وسواهم من المتشددين والإرهابيين الآن باسم الإسلام من قتل، وتدمير، ونهب، واغتصاب، وتمزيق لدولة الإسلام، وتشويه لاسم الإسلام، ويعدونه جهادا في سبيل الله يتباهون به بين شعوب العالم، ولكن يظهر أن الأساتذة في جامعة جورج واشنطن قد أخذوا بمعيار الشيخ محمد عبده في تقييم قيم الإسلام وتعاليمه ووصاياه.

مشاركة :