لقاء الدين والفلسفة في «مركز اليرموك الثقافي» حول المائدة البابلية

  • 1/28/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كعادة القيِّمين على ملتقى «أنزاك»، أقيمت محاضرة قيِّمة، هذه المرة بعنوان «ملحمة الخلق البابلية». بدأت المحاضرة بعرض لختم سومري يحمل رمزاً للأبراج السومرية الـ ١٢ المرتبطة بمدار الإله «أنكي»، كذلك تظهر فيه صورة لشخص يمارس طقوس الاحتفال بالقمر والذي يطلق عليه «أش . أش»، حينما يكون مكتملاً ومزاحماً للشمس ويمكن لنا أن نرى منجلاً (رمز القمر) وهو يحمل الشمس باعتبار القمر والداً للشمس. في محاضرة «ملحمة الخلق البابلية»، تناول الأستاذ محمد السعيد العلاقة بين الختم السومري الذي يحمل رمزاً للأبراج السومرية الـ 12 المرتبطة بمدار الإله «أنكي»، وبين ملحمة الخلق البابلية، فأكد أنهما متصلان، بل إن الختم نفسه يشبه إلى حد كبير نقشاً لختم آشوري تظهر فيه ثلاثة عفاريت تحمل إله الشمس.  قدّم الشيخ علي غلوم محاضرة بعنوان «المراحل الأساسية لملحمة الخلق البابلية»، تناول فيها باستفاضة جوانبها الفكرية والأسطورية ذاكراً تاريخ اكتشاف ألواحها في عام 1875، وقد تألفت من 1100 سطر مكتوبة باللغة الأكادية. وأشار سماحته إلى أهم النقاط التي تتحدث عنها الملحمة وهي على النحو التالي: ولادة الآلهة، وتكوين الوجود، وأدوار الآلهة، وتنظيم الوجود، وخلق الإنسان وتقرير مصيره. تصف هذه القصيدة أو الملحمة حالة من العماء البدائي، إذ تتطرّق قصة الخلق إلى وجود عنصري الذكورة والأنوثة على شكل ماءين يمتزجان لينتج عنهما عدد من الآلهة . وذكر الشيخ علي غلوم أن الملحمة تحتوي على سبع لوحات وهي كالتالي: العماء البدائي ونشوب الصراع، وبحث الآلهة عن منقذ فتختار مردوك، ومردوك يطلب جميع الصلاحيات، والمعركة والنصر، وتنظيم الكون ومبايعة مردوك وبناء بابل، وخلق البشر وتنصيب مردوك وتعدد أسمائه، وتمجيد مردوك وتعدد ألقابه الخمسين.  أنهى الشيخ علي غلوم حديثه عن ملحمة الخلق بالرد على ما جاء في الملحمة بالنص القرآني المقدس، وبحث بعض جوانب العقيدة الإسلامية ومدى قدرته على تفسير التساؤلات الإنسانية كافة الخاصة بالوجود الإنساني والكوني، باعتبارها كافية ومستوفية، وعرض للرؤية الإسلامية لعقيدة التوحيد. مداخلات أعقب حديث سماحة الشيخ بعض المداخلات من الحضور وأعضاء «ملتقى أنزاك». تحدث الأستاذ محمد السعيد عن نبوة النبي موسى عليه السلام التي يرجع تاريخ ظهورها إلى 1200 ق . م  في حين أن ملحمة الخلق البابلية ظهرت في القرن 17 ق.م، وبذلك تعتبر آخر محاولة بشرية لعقيدة التوحيد من دون التدخل السماوي. ورأى الأستاذ محمد السعيد أن التصور البشري للتوحيد في أساطير بابل وسومر كانت تقودها فكرة الكمال التي يمكن أن تكون منبثقة عن العلاقة الجنسية ونشوتها، باعتبارها الرافد الوحيد لعملية التكاثر والإنجاب. وتطرق إلى مردوخ، بطل ملحمة الخلق البابلية، ذلك الإله الذي أنقذ الآلهة من الخطر المحدق واستطاع أن يصبح سيداً لها، وهو وصل إلى الكمال بزواجه من صوبانيت إلهة التذري ويمكن أن يفسر اسمها بـ«الأرض المليئة بالحبوب»، وهي إشارة إلى الخصوبة والاستعداد الدائم للإنجاب . وأشار السعيد إلى تشبيه ابن عربي في كتابه «فصوص الحكم» باتحاد العابد مع الذات الإلهية بالانتشاء والشعور باللذة . د. عبد الله الجسمي تحدّث عن فكرة الأسطورة عموماً باعتبارها أول مظهر من مظاهر التفكير البشري المنظم، ونشأت بعدما استقرّ الإنسان القديم في مجتمعه الزراعي بعد المجتمع الرعوي المتنقل. وقد استطاع في ذلك الوقت أن يكتشف فكرة وجود إله يفسر له أصل الكون والوجود والتكوين. وتساءل د. الجسمي عن إمكانية البحث في الوقت الذي تجاوز فيه الإنسان زمن الأسطورة. الختام اختتم الأستاذ محمد السعيد «ملتقى أنزاك» بحديث عن عظمة حضارة بابل وسومر والرافدين باعتبارها مهداً للفلسفة والمنطق وعلم الفلك. المناطقة أو «المنطيقو»، أو الحكماء السبعة لأنكي، والذين أطلق عليهم في العهد الأكدي «فلوكو»، وهي كلمة تدل على الفلكيين، كانوا يبحثون في بزوغ الدلالة، والفلكيون يبحثون في بزوغ الجرم السماوي. كما أن بزوغ الفكرة أو قولنا «لمعت في رأسي فكرة» إنما مرجعها إلى الموروث المتعلق بإلإله السومري «أدد»، أي العرافة والبرق . وفسر السعيد عدم وجود الفلسفة عند السومريين بعدم وجود الساحات والميادين التي كانت موجودة عند اليونان، لكن هذا لم يمنع فلاسفة اليونان من السفر إلى بلاد الرافدين واكتشاف بعض النظريات العلمية المهمة كنظرية فيثاغورس وغيرها.

مشاركة :