الكبد أكبر عضو بين الأعضاء الداخلية وواحد من أكثرها نشاطاً. تشمل وظائفه المتعددة تحويل الطعام إلى وقود، ومعالجة الدهون في الجسم، والتخلص من السموم المضرة، وإنتاج البروتينات بغية مساعدة الدم على التخثر. لكن هذا العضو الضخم يبقى عرضة لحالة خطيرة يصعب غالباً تشخيصها تُدعى داء الكبد الدهني غير الكحولي، ويُعرّف بوجود دهون في أكثر من 5 % من خلايا الكبد، علماً بأنه أحد أكثر أمراض الكبد شيوعاً. يزيد داء الكبد الدهني غير الكحولي خطر مرض القلب. وإذا لم يُعالج، فقد يؤدي إلى التهاب الكبد، مسبباً حالةً تُدعى تندّب الكبد غير الكحولي، يُصاب بها نحو %40 من المرضى، وتؤدي إلى ظهور ندوب في الكبد. تُدعى المرحلة الحادة منها تشمع الكبد، وهي تعزِّز خطر الإصابة بسرطان الكبد. مشكلة متفاقمة يعود داء الكبد الدهني غير الكحولي في المقام الأول إلى زيادة الوزن، التي تؤدي إلى تخزين كميات إضافية من الدهون في الكبد. وترتبط هذه الحالة بعسر شحيمة الدم (ارتفاع كبير جداً في معدلات الكولسترول السيئ، وانخفاض معدلات الكولسترول الجيد، أو كلاهما معاً)، وارتفاع ضغط الدم، والسكري. يزداد داء الكبد الدهني غير الكحولي انتشاراً مع تنامي عدد مَن يعانون زيادة الوزن. توضح الدكتورة كاثلين كوري، مديرة عيادة مرض الكبد الدهني في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «تُعزى هذه المشكلة عموماً إلى انتشار النظام الغذائي الذي يقوم على الأطعمة المعالجة وكثير من النشويات، فضلاً عن نمط الحياة الأكثر خمولاً». رغم ذلك، تؤكد الدكتورة كوري أن بعض مرضى الكبد الدهني لا يواجه أياً من عوامل الخطر هذه، ما يشير إلى أن الجينات تؤدي أيضاً دوراً مهماً. صعوبة اكتشافه من الصعب اكتشاف داء الكبد الدهني غير الكحولي بما أن لا أعراض له. لكنه يترافق أحياناً مع إحساس بالتعب والضعف، وفقدان الشهية، وخسارة الوزن، وألم البطن. يشتبه الطبيب بإصابة المريض بداء الكبد الدهني غير الكحولي عندما يُظهر فحص الدم ارتفاعاً في إنزيمات الكبد. ويتمكن الطبيب غالباً من تشخيص هذا المرض بعد استبعاده الأسباب الأخرى، مثل التهاب الكبد الفيروسي أو التهاب الكبد الناجم عن تناول الأدوية. لكن التأكد من هذا التشخيص يتطلب أخذ خزعة من الكبد (عملية لا تتطلب النوم في المستشفى يُقحم خلالها الطبيب إبرة في الجانب الأيمن من البطن بهدف سحب قطعة صغيرة من نسيج الكبد). لا يتوافر اليوم أي دواء لعلاج داء الكبد الدهني غير الكحولي. لكنك تستطيع وقف تعرض الكبد لضرر إضافي أو حتى عكس تأثيرات هذا المرض إذا بدأت بمواجهته باكراً. تنصح الدكتورة كوري: «يركّز العلاج على الحد من أي تراكم دهني إضافي في الكبد أو منعه بمعالجة الأسباب الكامنة، من بينها السمنة، والداء السكري، وارتفاع الدهون في الدم». وتقوم أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف على وسيلتين رئيستين: التمرن والنظام الغذائي. أسدِ كبدك خدمة وامتنع عن السكر كشفت دراسة نُشرت في مجلة «العلوم السريرية» أن رجالاً أصحاء يتمتعون بمعدلات متدنية من دهون الكبد لم يعانوا زيادة فيها فحسب عندما استهلكوا ما لا يقل عن 650 سعرة حرارية من السكر يومياً طوال 12 أسبوعاً، بل اختبروا أيضاً تبدلات في أيض الدهون ارتبطت بارتفاع خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والسكتة الدماغية. ولا شك في أن هذا سبب إضافي للحد من استهلاكك السكر. زد نشاطك واتبع نظاماً غذائياً صحياً أشار تقرير نُشر في مجلة Digestive Diseases and Sciences إلى أن التمارين القلبية الوعائية تخفض معدلات إنزيم الكبد المرتفعة في حالة مَن يعانون مرض الكبد الدهني غير الكحولي. صحيح أن أنواع النشاط القلبي كافة مفيدة، إلا أن الباحثين ركّزوا على المشي السريع مدة 90 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً، معتبرين هذا التمرين الأكثر فاعلية. إذا كنت تعاني زيادة حادة في الوزن، تتحسن حالك كلما خسرت الكيلوغرامات، حتى القليل منها. تكشف دراسة نُشرت في عدد أغسطس 2016 من مجلة JAMA Internal Medicine أن مَن خسروا %3 إلى %6 من وزن جسمهم خفضوا معدلات الدهون في الكبد بنسبة %35 إلى %40. كذلك أظهرت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Hepatology أن خسارة %7 إلى %10 من وزن الجسم الإجمالي يؤدي إلى التعافي من تندّب الكبد غير الكحولي.
مشاركة :