أكدت فرنسا استعدادها إعادة البقايا البشرية التي تحتفظ بها في المتحف الوطني منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الجزائر، وذلك في خطوة منها لتحسين العلاقة مع الجزائر التي تشهد فتوراً ومسح آثار فصول عديدة من الغزو الفرنسي. أكد مدير المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي، برونو دافيد، أنه "مستعد" لإعادة جماجم مقاتلين جزائريين سقطوا خلال الاستعمار الفرنسي لبلدهم في القرن التاسع عشر، وكانت محفوظة في مجموعات المتحف. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تعهد، خلال زيارته إلى العاصمة الجزائرية في السادس من ديسمبر/ كانون الاول الماضي، بإعادة رفات الجزائريين المحفوظة في متحف الإنسان التابع لمتحف التاريخ الطبيعي. وقالت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية لوكالة فرانس برس إن حواراً ثنائياً جرى منذ ذلك الحين في هذا الشأن. وصرح برونو دافيد في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنه يدرك تماماً أهمية عمليات إعادة البقايا نظراً للإطار التاريخي للقضية، وأضاف أن هذه البقايا البشرية دخلت إلى المجموعة الأنتروبولوجية للمتحف الوطني في نهاية القرن التاسع عشر بعد فصول عديدة من الغزو الفرنسي للجزائر. وفي عمود رأي نشره على الإنترنت، عبر علي فريد بلقاضي، الذي يطالب بعودة هذه الرفات إلى الجزائر، عن أسفه لأن الجماجم ملفوفة وموضوعة في علب كرتونية عادية تذكر بعلب محلات الأحذية. ورفض برونو دافيد هذه الانتقادات، مشيراً إلى أن العلب مخصصة لهذا الغرض ومكلفة، وأوضح أن هذه الجماجم مصفوفة في خزائن مقفلة في صالات مقفلة. وتابع أنه منذ أن تولى رئاسة المتحف في نهاية 2015 قرر أنه ليس من حق أحد أن يرى هذه الجماجم احتراماً لرفات بشرية تم التعرف على أصحابها، وأضاف أنه لم يراها هو أيضاً. ويصل عدد الجماجم التي تشملها هذه العملية 18 ألف جمجمة من العالم أجمع محفوظة في المتحف لم يتم التعرف على هويات أصحاب الجزء الأكبر منها. قال دافيد أن لائحة بـ41 جمجمة ثبت أنها من الجزائر تم تسليمها إلى قصر الإليزيه، وبينها جماجم لمقاومين جزائريين قاتلوا الفرنسيين وكذلك آخرين محكومين بارتكاب جرائم. وأضاف أن المتحف تمكن حالياً من التأكد من أن سبعة جماجم تعود إلى مقاومين جزائريين، بينها أيضا جمجمة الشيخ بوزيان قائد تمرد الزعاطشة بشرق الجزائر عام 1849، والذي أسره الفرنسيون وأعدم رمياً بالرصاص وقطع رأسه، وأخرى لأحد مساعديه. وقد أضيفتا إلى مجموعات المتحف في 1880. وهناك أيضاً جمجمة محمد الأمجد بن عبد المالك، الملقب بالشريف بوبغلة، الذي فجر ثورة شعبية وقتل عام 1854. وكان العسكريون الفرنسيون يعتبرون هذه الجماجم "غنائم حرب"، وبعد عشرات السنين وهبت هذه الجماجم إلى المتحف من قبل أطباء عسكريين يطمحون إلى توسيع المعرفة بالتنوع البشري. ولدى متحف الإنسان ست جماجم أخرى لجزائريين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي وتوفوا بأمراض. وأوضح برونو دافيد أن هناك 28 جمجمة تتطلب دراسات معمقة للتعرف عليها، يمكن أن يكون بينها جماجم سجناء في قضايا للحق العام وكذلك لأشخاص توفوا في مستشفيات ولمقاومين جزائريين لا يمكن لمجموعات متحف الإنسان التصرف بها. وأردف دافيد أن المتحف مستعد من جهته تسليم هذه الجماجم وينتظر تعليمات الحكومة. ع.اع/ ي.أ (أ ف ب)
مشاركة :