أحمد البوسعيدي: المغامرة فلسفتي في مواجهة الألم

  • 1/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: زكية كرديليست المغامرة مجرد رهان شبابي يتحدى قوانين المعتاد.. إنها أسلوب تفكير وطريقة عيش، كما تثبت تجربة المغامر أحمد البوسعيدي، الذي استطاع أن يتحدى الألم والفقدان، ويثبت أنه جدير كل يوم بأن يحمل لقب «مغامر»، ويكون ملهماً لكثير من الشباب في مثل سنه.في البداية كان شغف أحمد بالمغامرات يقتصر على الاستمتاع بروعة الطبيعة، والبحث عن الأماكن المميزة بعيداً عن ضجيج المدن، حيث كان يمشي في الجبال و مسارات الأودية، كما أنه بدأ يمارس رياضة الغوص، قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب. ويقول: «بعد تاريخ 25 نوفمبر 2014 تغيّرت حياتي، حيث تعرضت لحادث دراجة نارية، مما أدى إلى بتر ساقي اليمنى حينها، ولكن شغفي وإصراري على الاستمرار في الحياة منحاني القوة لأستمر في الحياة، وكان لعودتي إلى حياتي طعم آخر هو طعم التحدي وعدم اليأس، فقد كنت مصراً على العودة إلى عالمي الذي أحب، ولكن هذه المرة بقدمي الصناعية».ويؤكد البوسعيدي أن المغامرة كانت تعني السعادة بالنسبة له، فلطالما شعر بأنها مغروسة بداخله، موضحاً أنه يشير هنا إلى الغوص، وتسلق الجبال، واستكشاف الكهوف، والمشي بمسارات الأودية، و يذكر أن للأصدقاء دور كبير، لا يمكن إنكاره، فهم الذين وقفوا بجانبه وأخذوا بيده، سواء في قمم الجبال أو في أعماق البحار، وهم الذين كان لهم دور كبير في مساعدته للرجوع إلى شغف المغامرة ومتعتها. ويوضح أنه تعلم أصول تسلق الجبال من صاحب الهمم المغامر الكابتن عيسى بن محمد الصوافي، وأصبح عضواً في فريق شباب عمان للمغامرات. أما في عالم البحار فسانده قبلُ أبناء عمومته، والأصدقاء فيصل والنوخذة محفوظ الجابري وغيرهم، فدخل حينها دورة غوص حر، مع المدرب يحيى الهوتي، ليصبح عضواً في شباب عمان للغوص الحر أيضاً، حيث وصل لعمق 26 متراً كغواص حر، ويستعد قريباً للغوص حتى 30 متراً، كغواص حر وبقدم صناعية، مذكراً نفسه دوماً أنه لا مستحيل مع الإصرار.وعن المشاعر الخاصة التي يحصل عليها في مغامراته، والتي تدفعه للبحث عن مغامرات وتحديات جديدة، يؤكد أن المشاعر الأهم، هي تلك التي تكمن داخلنا، فليس أروع من أن نكسب التحدي مع أنفسنا، ونثبت لها كل مرة أننا قادرون على اكتشاف مساحات ومفاهيم جديدة للحياة، وأننا أكثر اكتمالاً وقدرة وقوة مما نعتقد، فكل إنسان قادر على بلوغ هدفه مهما صعبت الظروف، وهذا ما يجعله يسعى لأهداف أبعد وأصعب كل مرة، مؤمناً بعبارة يرددها لنفسه دوماً: «بالعزيمة تنحني لك الصعاب».أما عن الطريقة التي ينظر بها إلى الخطر، وطريقته في التغلب على مخاوفه، فيوضح أنه مؤمن بوجود الخطر في كل مكان، أما بالنسبة للمغامرات التي يخوضها فهناك طرق وإرشادات السلامة الصحيحة، التي تجنّبه نسبة الخطورة عند التزامه بها وابتعاده عن التهور، أما بالنسبة للخوف فلا وجود له في عالم التحدي والعزيمة. ويوضح أن جميع المخاوف ما هي إلا أفكار مبنية على الوهم، تنجلي ببساطة إذا ما تحلّينا بقليل من الشجاعة والثقة.يؤمن البوسعيدي بأن التجارب المؤلمة يمكن أن تتحول إلى هبات، إذا عرفنا كيف نتعامل معها، مؤكداً أنه بعد عتمة الليل هناك دوماً فجر جميل، وأن السقوط ليس دائماً فشل، بل قد يكون إشارة للنهوض بحياة أفضل وأجمل، موضحاً طريقته بالتعامل مع تجربته المؤلمة، بطرد العبارات السلبية والمحبطة من تفكيره واستبدالها بالعبارات الإيجابية الخالدة والمطلقة، التي لها القدرة على جعل كل شاب منبعاً للإيجابية. ويؤكد أن الإرادة والعزيمة لا تحتاج إلا إلى خطوة إلى الأمام فقط، ليدرك بعدها أنه قادر على فعل كل شيء، وأنه لا مستحيل في عالمه عندما يؤمن بهذا، لهذا وصغ أهدافه وطموحاته في الوصول إلى القمم دائماً والبقاء فيها، وآمن بأنه قادر على تحقيق هذه الأهداف، مستنداً على إرادته وإيمانه.ومن القصص المؤثرة التي يرويها لنا في تجربته في التعامل مع المحنة التي تعرض لها، يذكر أنه قبل تعرضه للحادث كان يتجهز لرحلة غوص وتخييم مع أصدقائه، لكن حصل ما حصل يومها، وبقي في ذهنه مشروعه الذي كان يتوق إليه، فغطى على مساحة الألم، حتى بعد أن اتجه وحيداً نحو المستشفى ليسعف نفسه، وبعد أن خسر ساقه، كان يخبر نفسه أنه سيستعيد حياته كما كانت تماماً، فعندما كان متجهاً إلى غرفة العمليات، كان يواسي صديقه الذي كان يحاول كبت دموعه، فابتسم بوجهه سائلاً إياه: «متى نغوص؟». ويوضح أنه منذ الليلة الأولى له في المستشفى وطوال فترة العلاج، كان متقبلاً لوضعه الصحي الجديد، ومقبلاً على العلاج ليستعجل الشفاء، حتى يتمكن من استعادة حياته التي يتوق إليها، لكن بإصرار وتحدٍ أكبر هذه المرة، فقد قرر أن يواجه محنته منذ اللحظة الأولى، وأن يتعامل معها بطريقته وبفلسفته الخاصة كمغامر، مؤكداً أنه: «لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة».

مشاركة :