مكتبة الإسكندرية ترفع شعار «الفن والأدب» في مواجهة التطرف

  • 1/30/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

انطلقت يوم أول من أمس بمكتبة الإسكندرية فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لمواجهة التطرف، والذي يختتم فعالياته اليوم. وعلى هامشه افتتح مدير المكتبة الدكتور مصطفى الفقي معرض «المشترك... العرب وأوروبا» ببهو المكتبة الرئيسي. يقام المعرض ضمن فعاليات المؤتمر الذي يركز هذا العام على دور «الفن والأدب في مواجهة الفكر المتطرف»، وذلك بالتعاون مع المجلس الدولي للمتاحف بهدف البحث عن التاريخ المشترك من التسامح والتعاون بين الشرق والغرب. وحضر افتتاح المعرض محافظ الإسكندرية محمد سلطان، ورئيس المنظمة الأوروبية للمتاحف لويس رابوزو، ورئيس المنظمة العربية للمتاحف أسامة عبد الوارث، وأمين المنظمة العربية للمتاحف الشرق دهمالي.يضم المعرض لوحات لأهم القطع الفنية التي تمزج الحضارة العربية والغربية من مختلف متاحف العالم، وقطع فنية من مجموعات خاصة ومن متحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، وصور لقطع فنية منتقاة من المتاحف العربية والإسلامية، فضلاً عن مجموعة مختارة من الكتب النادرة من مقتنيات مكتبة الإسكندرية ومتحف المخطوطات، منها: كتاب وصف مصر الفرنسي، ومخطوطات الأناجيل الأربعة، وكتاب الحشائش الذي يعتبر أهم المصادر القديمة للمصطلحات التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم في علم النبات، فضلاً عن بردية مكتبة إسكندرية القديمة وهي نسخة طبق الأصل من البردية التي يعتقد أنها الأثر الوحيد الباقي من مكتبة الإسكندرية القديمة.«لطالما كانت الإسكندرية مدينة التسامح ورمزا لتعايش وتمازج الثقافات حول العالم» هكذا عبر الفقي عن أهمية المعرض الذي تحتضنه المكتبة ليشاهده زوارها من مختلف أنحاء العالم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المعرض دعوة لاستعادة روح التسامح عبر الفن. كانت الفنون الإسلامية والأوروبية متداخلة ومتأثرة ببعضها البعض. فهناك مجموعات كبيرة من الفنون الغربية تعكس الاتصال مع العالم الإسلامي والإعجاب بالفن الإسلامي والعكس». وأضاف: «يسعى المعرض لتطوير الروابط والعلاقات الثقافية مع المتاحف العربية والأوروبية في جميع أنحاء العالم. وتكمن أهمية مثل هذا النوع من المعارض في إرساء التواصل وبناء علاقة مباشرة مع المتاحف وذلك من خلال عرض للقطع المختلفة. بالإضافة إلى تحفيز اهتمامات الشباب بالتراث وثرواته».من جانبه، قال الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية: «هذا المعرض نتيجة مشروع بحثي قام به أعضاء اللجنة الوطنية للمتاحف وبدعم علمي من عدد من المتاحف الأوروبية، ومن المقرر أن يتجول في عدد من الدول العربية والأوروبية وسيبدأ أولى جولاته في إيطاليا ومن المقرر أن يستمر للجمهور مجانا في مكتبة الإسكندرية حتى العاشر من فبراير (شباط) المقبل». مشيرا إلى أنه «تم طباعة كتالوغ تذكاري خاص بهذا المعرض باللغتين العربية والإنجليزية وتم ترجمته للغة الإيطالية وسيتم ترجمته إلى اللغتين الإسبانية والفرنسية تمهيدا لجولة المعرض في الدول الأوروبية، وقد رحبت عدد من الدول العربية باستضافة المعرض الذي يعد أكبر دعاية سياحية لمصر ستشهدها أوروبا في الفترة المقبلة».إلى ذلك، عقدت أول من أمس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بحضور أكثر من 400 مثقف وأكاديمي وإعلامي من مختلف أنحاء الوطن العربي، وأكد الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، على «أهمية الأدب والفن في صناعة الحياة واستمرارها، أما التطرف فهو أداة لتدمير الحياة وإنهاء الوجود».شارك في افتتاح المؤتمر كل من الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية، والدكتور ماريو جاتي؛ مدير الجامعة الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، والدكتور جابر عصفور؛ وزير الثقافة الأسبق، والدكتور محمد الرميحي؛ عالم الاجتماع والمفكر الكويتي، والكاتب اللبناني جهاد الخازن، والفنان أشرف زكي نقيب الفنانين.«يموج العالم بتيارات الفكر المظلم والمتطرف، التي ينبغي علينا أن نواجهها معاً»، هكذا أكد الفقي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، مضيفا: «قررت المكتبة أن يكون عام 2018 هو عام الجدية في مواجهة التطرف، حيث ستوجه المكتبة طاقاتها للشباب والفئات العمرية الأصغر، وستعمل على التواصل مع المؤسسات الدينية بهدف تنظيم زيارات مكثفة وبرامج خاصة لهم في المكتبة، بهدف تقديم برنامج ثقافي مدروس فكرياً تنويرياً، يواجه آفة التطرف، ونشر ثقافة التسامح والمواطنة وقبول الآخر في المجتمع».ولفت إلى أن محافظة القاهرة قد أهدت مكتبة الإسكندرية قصراً في حلوان، والذي سيتم تحويله إلى متحف للأديان في التاريخ المصري، بداية من الحضارة الفرعونية، مروراً باليونانية الرومانية والتراث اليهودي والحقبة القبطية وصولاً إلى التراث الإسلامي».بينما ركز الدكتور ماريو جاتي؛ مدير الجامعة الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، في كلمته على أهمية استعادة مفهوم الثقافة، لأن الفنون والأدب قيمتها تكمن فيما تفتحه من آفاق على الإبداعات الإنسانية التي تنبذ العنف والتطرف.«جئنا لنتحدى قوة شديدة تصادر حق الحياة، بأن نؤكد على المعاني العظيمة للإنسانية». هكذا أكد الدكتور جابر عصفور؛ وزير الثقافة الأسبق، للمشاركين في المؤتمر، وقال: «مدينة الإسكندرية هي موطن الاستنارة ومنبع التسامح، وأنها موطن الكثير من الأعمال الأدبية التي رسخت قيم التسامح وقبول الآخر. وشدد على أن الإرهاب عمره قصير على الدوام».فيما قدم الدكتور محمد الرميحي؛ عالم الاجتماع والمفكر الكويتي، بعض الأفكار التشخيصية للوضع القائم ليتم مناقشتها في جلسات المؤتمر. وقال إن «العالم في القرن الحادي والعشرين بالغ التعقيد، استطاع المتطرفون فيه تحقيق أهدافهم إما بالسلاح وإما بالأفكار التي تمثل خطراً أكبر. كما أن العولمة تبشرنا باحتمالات متزايدة من المخاطر التي ستؤدي لفوضى عارمة لو تم تجاهلها. وأكد على وجود مجموعة من التساؤلات التي ينبغي مناقشتها؛ ومنها: ماذا يستطيع أن يقدم الأدب والفن في مواجهة خطر التطرف؟ ما هو نوع هذا الفن وما موضوعه؟ ما هي الرسالة التي ينبغي أن يقدمها؟ وكيف يجب أن تكون العلاقة بين الأدب المحلي والعالمي؟».بينما أكد الكاتب اللبناني جهاد الخازن على أهمية هذا المؤتمر لما يشهده العالم العربي من تصاعد لموجة الإرهاب وتزايد العمليات الإرهابية، مشدداً على أن قمع الإرهاب في العالم العربي يجب أن يبدأ من مصر التي طالما كان لها الريادة العربية في كل المجالات.وجاءت كلمة الفنان أشرف زكي؛ نقيب الفنانين المصريين، لتركز على دور المدارس والمؤسسات التعليمية في زرع روح التسامح والمحبة بين الطلاب، مشيرا إلى أهمية التلفزيون والمسرح والسينما في تشجيع حركة الثقافة والإبداع لدى الأجيال الجديدة، وطالب بزيادة عدد المسارح ودور العرض وقاعات الفن والإبداع في الإسكندرية والمحافظات الأخرى. وكشف الفنان أشرف زكي عن أن التطرف ينبع من تجاهل الفن، لافتا إلى تزامن تراجع حركة المسرح بالإسكندرية مع نمو جذور التطرف فيها، وأعلن عن مبادرة تعاون بين نقابة الفنانين ومكتبة الإسكندرية لإحياء الحركة المسرحية في الإسكندرية، والتي ستبدأ أول أنشطتها شهر مارس (آذار) المقبل بمهرجان مسرح فناني الإسكندرية.هذا وتتواصل فعاليات المؤتمر حول دور الثقافة والفن والإعلام في مواجهة الفكر المتطرف.

مشاركة :