بلغ الصراع داخل «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل مستويات غير مسبوقة بعد فتح القناة التلفزيونية التابعة للتيار otv بثها للتهجم على من يعتقد أنه عضو المكتب السياسي، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الدولية والوزير السابق إلياس بوصعب. فبعدما كان الانقسام داخل التيار بعد تولي باسيل رئاسته مقتصرا على مؤيديه ومعارضيه، ما أدّى لانشقاق عدد كبير من القياديين الذي ما زالوا يحاولون تشكيل «حركة إصلاحية»، تفاقم هذا الانقسام لحد ظهور أكثر من جناح داخل «التيار». وبحسب قيادي سابق انشق عن «الوطني الحر» فإن في «التيار» حاليا 3 أجنحة، جناح تتولاه ابنة الرئيس عون ومستشارته ميراي عون ويضم أيضا مستشاره الإعلامي جان عزيز، وهما يديران القناة التلفزيونية، جناح يرأسه الوزير باسيل ويضم أيضا الوزير السابق بوصعب، وجناح ثالث ممتعض من أداء الجناحين السابقين. ويشير القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه إضافة للأجنحة الـ3 السابق ذكرها، هناك جناح المنشقين الذين أصبحوا خارج الإطار التنظيمي وما عادوا يحملون بطاقات انتساب للتيار. وقد تظهر صراع الأجنحة داخل التيار يوم الأحد الماضي على خلفية إطلالة تلفزيونية لبوصعب أكد فيها أن ما ورد في مقدمة الـotv، والتي ردت على هجوم للقناة التابعة لحركة «أمل» nbn، لا يمثل «التيار الوطني الحر» معتبرا أن اللغة التي تستخدمها القناة «ليست من أدبيات التيار»، ومشددا على أن وحده «ما يصدر عن المكتب السياسي للتيار يمثله». وقد ذهب بوصعب بعيدا في محاولة تهدئة الخطاب بين «أمل» و«الوطني الحر»، لافتا إلى أن «لا قرارَ من التيار أو رئيسِه لإجراء تقارير تلفزيونية تهاجم رئيسَ مجلسِ النواب نبيه بري»، نافيا أن تكون قد تمت مناقشة مسألة عدمِ انتخابِ بري رئيساً لمجلس النواب «لأنّه من الصعوبة أن نجد شخصاً آخر غير الرئيس بري في رئاسة المجلس»، وهي مواقف اعتبرها عونيون أن بوصعب غرّد من خلالها خارج السرب. وكان واضحا أن بوصعب حاول لعب دور الوسيط بين الرئيسين عون وبري من خلال السعي لإرساء جو من التهدئة، لكن تسريب فيديو الوزير باسيل وهو يصف رئيس المجلس النيابي بـ«البلطجي» نسف كل المساعي والمبادرات التي كانت تبذل لرأب الصدع. لكن ما زاد الطين بلة، هو رد بوصعب على أحد الأسئلة معتبرا أن الوجود السوري في لبنان لم يكن احتلالا، ما فجّر بوجهه «عاصفة ردود عونية» على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء رد القناة التلفزيونية التابعة للتيار ليرسّخ الانقسام داخل البيت العوني، إذ شنّت otv مساء الأحد حملة عير مسبوقة، متحدثة عن «برتقاليين أصيلين، لا دخلاء ولا طارئين، ولا لاهثين وراء كرسي، ولا متوسلين لمقعد». وأضافت: «نحن لا أرصدة لنا في مصارف مشبوهة، ولا أعمال تربطنا بأنظمة مافيوية، ولا شركاء لنا من عائلات النهب والضرب والسلب». وختمت القناة قائلة: «لن نرد، فواجبنا أن نكون معاً، مع التيار والعهد، أكبر من العملاء المزدوجين، وأشرف من مرخصي الدكاكين، وأنظف من سارقي أموال النازحين». وطالب سياسيون وإعلاميون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بفتح تحقيق قضائي لتبيان حقيقة اتهام القناة لأحد الوزراء السابقين بالتيار بـ«سرقة أموال». وفيما أكّد مصدر في «التيار الوطني الحر» أن ما يحصل ليس صراع أجنحة، مستغربا «تضخيم الأمور»، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحصل أزمة داخلية وستمر ولا شك أنه ستتم معالجتها»، لافتا إلى وجوب التركيز على الصراع الحاصل بين «أمل» و«الوطني الحر» والذي بات يتخذ «أبعادا غير مسبوقة». وتزامن التخبط الداخلي الذي يشهده «الوطني الحر»، مع إعلان منسق أمانة السر في التيار ومعظم أعضائها الأسبوع الماضي تقديم استقالاتهم، نتيجة «خلافات تنظيمية». ورجّحت مصادر معنية أن تتفاقم المشاكل الداخلية داخل الحزب مع انطلاق عملية تسمية المرشحين للانتخابات النيابية، خاصة أن الصراع على الترشيحات بدأ ومنذ فترة، والقرار النهائي بشأنها سيعود مباشرة لباسيل.
مشاركة :