أعلن الفاتيكان السبت رهبان تيبحرين السبعة الذين قتلوا خلال العشرية السوداء بجبال المدية جنوبي الجزائر العاصمة، شهداء. وبإعلانهم شهداء ضمن مجموعة من 19 آخرين، تمهد الكنيسة الكاثوليكية لتطويبهم (منحهم القداسة). أصدر الفاتيكان السبت 27 يناير/كانون الثاني مرسوما يعلن رهبان تيبحرين السبعة شهداء تمهيدا لتطويبهم ضمن مجموعة من تسعة عشر "شهيدا" قتلوا في الجزائر بين 1994 و1996 يجرى تطويبهم، وبينهم أيضا أسقف وهران السابق بيار كلافيري. وكان الرهبان الفرنسيون السبعة يعيشون في دير "سيدة الأطلس" المعزول بجبال المدية جنوبي الجزائر، وآثروا البقاء به بالرغم من المخاطر التي كانت تحيط بهم بسبب نشاط جماعات إرهابية في المنطقة خلال العشرية السوداء بالجزائر. وأعلن في ليلة 26 مارس/آذار 1996 عن اختطاف الرهبان قبل أن تعلن الجماعة الإسلامية المسلحة عن تبنيها للعملية ثم الإعلان عن قتلهم ذبحا في 23 مايو/أيار 1996، ليعثر في الثلاثين من أيار/مايو على رؤوسهم مقطوعة على طريق جبلية. لكن جثثهم ما زالت مفقودة حتى الآن ما أثار فرضية أن غيابها يهدف إلى إخفاء أسباب موتهم. وجاءت شهادة الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية في وقت وقوع الحادث فرانسوا بوشوالتر لتفجر وقتها مفاجئة مدوية حيث اتهم الجيش الجزائري بقتل الرهبان عن طريق الخطأ في قصف لمروحيات استهدف عناصر من الجماعة الإسلامية المسلحة. وتم بعد ذلك قطع رؤوس الضحايا وإخفاء أجسادهم لتكييف "الخطأ" على أنه جريمة للجماعة الإرهابية. وطلب القاضيان المسؤولان عن الملف مارك تريفيديك وناتالي بو إنابة قضائية دولية للتوجه إلى الجزائر منذ نهاية 2011، وقد طلبا نبش وفحص رفات الرهبان والاستماع إلى 22 شاهدا. وفي أواخر 2013، وافقت الجزائر على نبش الرفات لكنها لم توافق على الاستماع إلى شهود. لتسمح في يونيو/حزيران 2016 للقاضية ناتالي بو التي كانت تترأس فريق التحقيق الفرنسي بأخذ عينات من جماجم الضحايا. وجاءت الموافقة الجزائرية على تسليم العينات للفريق الفرنسي بعد شد وجذب بين السلطات الجزائرية والفرنسية استمر أكثر من عام ونصف. ففي أكتوبر 2014 حضر القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق مارك تريفيديك إلى الجزائر وشارك في عملية نبش وفحص جماجم الرهبان تحت إشراف فريق تحقيق جزائري. غير أن السلطات الجزائرية رفضت وقتها أن يتم فحص العينات على يد خبراء فرنسيين واشترط وزير العدل الجزائري آنذاك الطيب لوح أن يتم الفحص بيد خبراء جزائريين بحضور القاضي الفرنسي وعاد وقتها الفريق الفرنسي غاضبا بعد عدم تمكنه من اصطحاب العينات معه لفحصها في باريس. واتهم أهالي الضحايا السلطات الجزائرية بتزييف الحقائق في حين اعتبر رئيس فريق التحقيق الفرنسي مارك تريفيديك أن الجانب الجزائري "يستهزئ" بفريق التحقيق الفرنسي. وتتراوح أعمار الأخوة كريستيان وبرونو وكريستوف وسيليستين ولوك وبول وميشال، بين 45 و82 عاما. وأعلن الفاتيكان بيار كلافيري "شهيدا"، وهو عضو رهبانية الأخوة المبشرين، إضافة إلى 18 راهبا وراهبة "قتلتهم الكراهية (...) في الجزائر من 1994 إلى 1996"، كما أوضح الفاتيكان في مرسومه. ففي مطلع آب/أغسطس 1996، قتلت مجموعة مسلحة المونسنيور كلافيري مستهدفة هذا المدافع القوي عن التقارب الإسلامي-المسيحي والجزائري-الفرنسي. وكان هذا الأخ الدومينيكاني الفرنسي، المولود في الجزائر العاصمة قبل استقلال الجزائر، قتل مع سائقه الجزائري الشاب. وإلى جانب المونسنيور كلافيري ورهبان تيبحرين السبعة سيجرى أيضا تطويب ست راهبات وخمسة رهبان آخرين. "حياة مسيحية وسط المسلمين" وكتب أساقفة الجزائر في بيان مشترك "أظهر موتهم أن حياتهم كانت مكرسة لخدمة الجميع "الفقراء والنساء المعوزات والمعوقين والشباب، وكلهم مسلمون. [لكن] إيديولوجيا قاتلة ومشوهة للإسلام لم تطق هؤلاء الآخرين المختلفين من حيث الجنسية والعقيدة". وجاء في صحيفة "لاكروا" الفرنسية ذات التوجه المسيحي الكاثوليكي أن هؤلاء الرهبان "وهبوا حياتهم للمسيح وللشعب الجزائري وظلوا قائمين على عهدهم حتى في محنة العنف التي نكلت بالجزائر في "العشرية السوداء" وأوضحت الصحيفة أن الكنيسة الكاثوليكية جامعة "تعترف اليوم بقوة شهادتهم، و-شهيد- تعني –شاهد-، المتمثلة في حياة مسيحية عاشوها وسط المسلمين". وحظيت قضية رهبان تيبحرين بدعم الفاتيكان لا سيما من قبل البابا بنديكتوس السادس عشر ثم البابا فرنسيس. ويؤكد البابا فرنسيس أن تطويب هؤلاء الرهبان ليس لإعادة فتح جروح الماضي لكنه بالعكس مناسبة "للتوجه نحو المستقبل". وهكذا أيضا يرى أساقفة الجزائر هذه الخطوة التي اعتبروها "نورا لحاضرنا وللمستقبل". وأوحى المصير المأساوي لرهبان تيبحرين، بفيلم الفرنسي كزافييه بوفوا "رجال وآلهة" (2010) ولاقى هذا الفيلم الذي فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان كان، نجاحا دوليا. مها بن عبد العظيم نشرت في : 30/01/2018
مشاركة :