بعدما غنى لبنان شعراً زجلياً وصل إلى أصقاع الأرض، رحل الشاعر اللبناني جوزيف الهاشم (زغلول الدامور) عن عمر يناهز 93 سنة، قضاها واقفاً على المنابر، من دون تعب أو كلل، يغني الأرض والوطن والحب ويرتجل شعراً يلامس القلب ونبرة تتخذ من العنفوان قوتها، فاستحق عن جدارة لقب أمير شعراء المنابر وأمير الشعر المرتجل. جوزيف الهاشم (زغلول الدامور) أحد أبرز شعراء الزجل في لبنان، ولد في البوشرية- قضاء المتن سنة 1925، والده مخايل الهاشم من بلدة الدامور جنوب لبنان، من هنا اكتسب لقبه. تلقى علومه في مدرسة جديدة المتن الكبرى التي كان يديرها الخوري الشاعر يوسف عون وكان من التلامذة المجلين. وفي سن التاسعة، بدأ كتابة الشعر وترداده، حتى أصبح معلموه ورفاقه يقولون فيه: «ابن الداموري يكتب شعراً ويصدح به»، ومن يومها عرف بلقب «زغلول الدامور». عاصر زغلول الدامور الزجل منذ بداياته، وألف جوقة عام 1944 التي ضمت شعراء زجل ورئسها. غنى في كل قرية ومدينة في لبنان، وجال في بلاد الاغتراب، ففاقت شهرته الشعراء كافة. تكمن أهمية جوزيف الهاشم في كونه أول من أرسى دعائمَ مسرح جوقات الزجل وبروتوكول الحفلة، فأَوجدَ بذلك تقليداً لا يزال مُتَّبَعاً حتّى اليوم، ويمشي على هديه القوّالون والشعراءُ. طوال حياته، اعتمد مبدأ التجديد والإبداع، ورغم أنّه أحيا مئات بل آلاف الحفلات والمناسبات، فإنه كان يبتكر باستمرار مواضيع جديدة ويرتجل شعراً لا يشبه ما سبق أن قدم، فكانت قصائده وليدة ساعتها والمناسبة الموجود فيها، وشملت الحب والوطن والجمال. خلال الحرب التي عصفت بلبنان على مدى سنوات طويلة، كان لشعره الأثر في إذكاء الروح الوطنية والتعلق بالأرض والبقاء فيها، كذلك كان لشعره أثر في حث الجاليات اللبنانية في دول الاغتراب على مساعدة وطنها للخروج من محنته. نعى وزير الثقافة في لبنان الدكتور غطاس الخوري الشاعر الزجلي جوزيف الهاشم «زغلول الدامور» وقال في تصريح له: «برحيل الشاعر الهاشم الملقب بزغلول الدامور يفقد المنبر الزجلي أحد أهم رجالاته، فهو أول من أرسى دعائم المسرح الزجلي في لبنان، فاقت شهرته جميع الشعراء، وأصبح اسم زغلول الدامور مرادفاً للزجل والمنبر والارتجال».
مشاركة :