دعا البيان الختامي لمؤتمر سوتشي الذي عقد في روسيا إلى احترام وحدة أراضي سورية، وإلى مسار «ديمقراطي» يقرره الشعب السوري من خلال الانتخابات، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أن الفرصة سانحة لإغلاق «صفحة مأساوية» من تاريخ سورية. في حين استهدفت غارات تركية كثيفة قرى وبلدات عدة في منطقة عفرين ذات الأغلبية الكردية في شمال سورية، تزامناً مع استمرار المعارك العنيفة على جبهتين رئيستين لليوم الـ10 على التوالي. رفضت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية حضور المؤتمر. 10 أيام على التوالي، تستمر فيها المعارك العنيفة على قرى وبلدات عدة بمنطقة عفرين. • لافروف من سوتشي: الفرصة سانحة لإغلاق «صفحة مأساوية» من تاريخ سورية. ودعا المشاركون في مؤتمر السلام السوري في روسيا إلى احترام وحدة أراضي سورية. وقال البيان الختامي للمؤتمر إن الشعب السوري بمفرده هو من يقرر شكل حكومته، مشدداً على المساواة في الحقوق بين جميع السوريين بغض النظر عن الدين أو العرق. وأضاف أن المشاركين اتفقوا على «مبادئ أساسية» يرونها ضرورية لإنقاذ سورية بعد سبع سنوات من الحرب الأهلية، وأقروا مساراً «ديمقراطياً» للبلاد من خلال الانتخابات. وأشار إلى تشكيل لجنة من 150 عضواً لبحث إدخال تغييرات على الدستور السوري الحالي. ولم يتطرق البيان بالذكر للرئيس السوري بشار الأسد. كما دعا البيان إلى الحفاظ على الجيش السوري ودوره في «حماية حدود سورية ومواجهة التهديدات الخارجية ومحاربة الإرهاب». وشدد على ضرورة الحفاظ على الأجهزة الأمنية السورية، وأن تعمل في إطار القانون. وشارك مئات السوريين الممثلين لأحزاب سياسية عدة، ومنظمات من المجتمع المدني، أمس، في جلسات مؤتمر الحوار السوري، الذي تنظمه موسكو في منتجع سوتشي الساحلي في جهود جديدة لفتح سبل الحل أمام نزاع مستمر منذ سبع سنوات. وقال وزير الخارجية الروسي، خلال كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية «إنه مؤتمر فريد من نوعه، لأنه يجمع بين ممثلي أطياف اجتماعية وسياسية مختلفة للمجتمع السوري». وأضاف نقلاً عن رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «نحن بحاجة إلى أي حوار فعال فعلاً بين السوريين، من أجل تحقيق تسوية سياسية شاملة، تلعب فيها الأمم المتحدة دوراً قيادياً». وقال «الظروف مهيأة لإغلاق صفحة مأساوية في التاريخ السوري، السوريون وحدهم هم من يمكنهم تحديد مستقبل بلدهم». وأشار لافروف إلى مشاركة ممثلين عن مختلف الجماعات العرقية والاجتماعية والسياسية في المؤتمر. وقدم الشكر إلى تركيا وإيران والأمم المتحدة على دعمها لمحادثات السلام. وأعربت دول غربية عدة عن خشيتها أن يستبدل مؤتمر سوتشي مسار جنيف برعاية الأمم المتحدة، رغم تأكيد روسيا أن الهدف من المؤتمر هو دعم جنيف. وشارك مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، في المؤتمر الذي عقد بموافقة إيران، أبرز داعمي دمشق إلى جانب روسيا، وتركيا الداعم الأبرز للمعارضة. وترعى الدول الثلاث منذ نحو سنة محادثات في أستانة بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن المعارضة، أدت إلى الاتفاق على إقامة مناطق خفض توتر في سورية. ويأتي مؤتمر سوتشي بعد جولة فاشلة برعاية الأمم المتحدة بين الحكومة والمعارضة في فيينا، تلت جولات عدة مماثلة في جنيف، لم تؤدِّ إلى نتائج تذكر. وبدأ المؤتمر بعد تأخير نحو ساعتين ونصف الساعة، بسبب رفض ممثلين عن فصائل معارضة ناشطة في الشمال السوري المشاركة، احتجاجاً على شعار المؤتمر الذي يتضمن العلم السوري. وغادروا لاحقاً عائدين إلى تركيا. ورفضت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، الفريق المعارض الرئيس، حضور المؤتمر. كما أعلنت الإدارة الذاتية الكردية عدم المشاركة في محادثات سوتشي، متهمة روسيا وتركيا بـ«الاتفاق» على الهجوم على عفرين، التي تتعرض لعملية عسكرية تركية واسعة. وفور وصولهم إلى المطار، مساء أول من أمس، عبر ممثلو فصائل مقاتلة بينها الفرقة 13 المدعومة أميركياً، عن رفضهم لشعار المؤتمر الذي يحمل صورة العلم السوري بنجمتين خضراوين، والذي كان بالإمكان رؤيته معلقاً على لافتات مرحبة في أنحاء عدة من المطار. وتعتمد المعارضة السورية علماً مختلفاً، يعرف منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات بـ«علم الثورة». وبعد أكثر من 12 ساعة من الانتظار، أصدر الوفد الموجود في المطار بياناً يحمّل روسيا مسؤولية ما جرى. وتلا أحد أعضاء الوفد، أحمد طعمة، بياناً أفاد بأن «توجه وفد قوى الثورة والمعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر سوتشي قادماً من أنقرة، آملاً دفع عملية السلم قدماً، وتحقيق انتقال سياسي جاد، ينقل سورية من الاستبداد إلى الديمقراطية». وأضاف «لكننا فوجئنا بأن أياً من الوعود التي قطعت لم يتحقق. فلا القصف الوحشي على المدنيين توقف، ولا أعلام النظام أزيلت عن لافتات المؤتمر وشعاره، فضلاً عن افتقاد أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة». وبالنتيجة، قرر الوفد مقاطعة المؤتمر والعودة إلى تركيا. وقال قائد الفرقة 13 أحمد السعود: «ننتظر في المطار منذ نحو 12 ساعة، دفعنا ثمن موقفنا». من ناحية أخرى، استهدفت غارات تركية كثيفة قرى وبلدات عدة، في منطقة عفرين. وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن لـ «فرانس برس»، عن «تصعيد الطائرات التركية قصفها على منطقة عفرين»، مشيراً إلى «غارات مركزة تستهدف ناحيتي راجو وجنديرس»، الواقعتين غرب وجنوب غرب مدينة عفرين. وبحسب عبدالرحمن: «تستميت القوات التركية والفصائل المعارضة، للسيطرة على بلدتي راجو وجنديرس، حيث تخوض معارك عنيفة ضد القوات الكردية». وقال المتحدث الرسمي باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين، بروسك حسكة، أمس، «منذ البارحة، لم يتوقف قصف الطيران التركي»، مشيراً إلى معارك عنيفة مستمرة في ناحية جنديرس. وأفاد مراسل «فرانس برس» عن دوي ضربات متتالية، يتردد صداها في مدينة عفرين، التي لا يفارق الطيران التركي أجواءها. وبدأت تركيا مع فصائل سورية معارضة، قبل 10 أيام، عملية «غصن الزيتون»، التي تقول إنها تستهدف مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقة عفرين، الواقعة على حدودها. وتخشى أنقرة، التي تصنف الوحدات الكردية بـ«الإرهابيين» إقامة الأكراد حكماً ذاتياً على حدودها، على غرار كردستان العراق
مشاركة :