«ثورة العطش» الرعب القادم لنظام الملالي

  • 1/31/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتميز ايران بتنوع تضاريسها وتقلباتها المناخية وظواهرها الطبيعية المختلفة فمن الممكن أن تكون درجة الحرارة -20 درجة مئوية في احدى مدن ايران و 50 درجة مئوية في مدينة أخرى الا أن الأمطار ليست من الأشياء التي يراها الايرانيون بكثرة حيث يبلغ معدّل الأمطار في البلاد أقل من ثلث المتوسط العالمي ولكن على الرغم من هذا نجح الفرس القدماء عبر التاريخ في استغلال مواردهم والتأقلم مع طبيعتهم حيث قامت حضارات قديمة على الأراضي الايرانية كما نجح قدماء الايرانيين في ابتكار طرق للحفاظ على المياه مثل سحبها من تحت الأرض والاحتفاظ بها في أقنية أرضية أو أنابيب طينية اضافة الى بناء السدود القديمة وخزانات للسيطرة على الفيضانات الأمر الذي ساعد البلاد على الصمود لآلاف السنين الى أن وصل الملالي لرأس السلطة في ايران فسبقوا كل من مرّوا على حكم ايران في معدلات الفساد وسوء الادارة المستشري في كل قطاعات الدولة حيث يلفت الخبراء البيئيون حول العالم الأنظار الى أزمة كبرى تواجه ايران ومن المتوقع أن تبلغ ذروتها في منتصف العام 2018 وهي أزمة جفاف مخيفة وغير مسبوقة. وبحسب دراسة نشرها خبراء ايرانيون تحت عنوان "تحديات الإفلاس المائي في إيران" فإن الأزمة غير مسبوقة بقسوتها لأنه لم يبق نهر أو بحيرة في إيران لم تجف كما انخفض مستوى المياه الجوفية وهبطت وتصحرت الأراضي الزراعية لتأتي العواصف الترابية وتقضي على ما بقي من مزروعات اضافة الى تآكل التربة عدا عن تدهور نوعية المياه بشكل كبير إذا حصل عليها المواطن. ويتوقّع الكاتب توماس فريدمان أن يشعل "الافلاس المائي" الغضب الايراني مجدداً لأن الشعب الايراني يعلم جيداً أنها أزمة طبيعية لكنها من صنع البشر فمنذ قيام ما يسمى بـ"الثورة الاسلامية" عام 1979، قامت ايران ببناء عدد كبير جداً من السدود الكهرومائية وبحسب صحيفة الفاينانشال تايمز الأميركية فإن ايران بنت على مدى العقود الثلاثة الماضية ما يعادل 600 سد لحبس المياه وتوفير الطاقة ومعظم هذه السدود بدائية وغير مرتكزة على بنية تحتية متينة ما أدى الى تصحر الأراضي وتفشي الأضرار البيئية في التربة والطبيعة الايرانية. ومن المشاكل التي ترتّبت على شحّ المياه في ايران وتدمّر المحاصيل والأراضي الزراعية نزوح أعداد كبيرة من المزارعين الريفيين الى المدن الكبرى بحثاً عن الماء والعمل والطعام ولأن هؤلاء النازحين وصلوا بعد أن أفلست أراضيهم من الخيرات اضطروا للسكن في مناطق عشوائية على أطراف المدن الكبرى في بيوت بسيطة بنيت من الصفيح وبحسب النيويورك تايمز فإن عدد النازحين الريفيين في ايران تجاوز الـ16 مليون نازح وهم من الطبقة المعدومة التي ضاقت ذرعاً وفقدت أي أمل في النظام الحاكم لطهران. ويقول نيكاهانغ كوزار، وهو عالم جيولوجي ايراني معارض في المنفى، نشأ في جنوب إيران: "عندما يفقد الناس أراضيهم وخيراتها، يفقدون كل شيء، وهذا يعني أنهم ليسوا خائفين من خسارة شئ بعد الان" مضيفاً "أزمة المياه حقيقية وتقتل البلاد كل يوم والوضع يذهب للأسوأ فنحن نحصل على كميات أقل من الأمطار مع الوقت، وعدد السكان يزداد والسياسات الزراعية السيئة والادارة السيئة للمياه مستمرة" ويصف كوزار أزمة المياه بأنها "القنبلة الموقوتة لغضب الشعب". ويتوقع كوزار أن المزيد من ملايين الإيرانيين سيجبرون على الفرار من بلادهم قبل نهاية القرن لأن الوضع في تدهور. ويرى توماس فرايدمان أن حملة الجفاف الكبرى التي تعرضت لها سورية بسبب السياسات المائية العشوائية للبعث بين العامين 2006 و2011 والتي أجبرت 800 ألف مزارع سوري على التخلي عن أراضيه بعد أن تصحرت وماتت المواشي، لعبت دوراً أساسياً في اتخاذ الطبقة المزارعة والريفية في كافة أنحاء سورية المبادرة في اشعال حملات الاحتجاج والغضب التي بدأت في العام 2011 حيث أثبت الحراك في سورية أن القرى وحدها بإمكانها أن تشعل البلاد حتى لو لم تتحرك المدن وبحسب فرايدمان فإن ما يجري في الحراك الايراني الحالي مشابه جداً لما جرى في سورية حيث يخرج الغضب من أكثر المناطق تهميشاً وفقراً. وأخيراً يقول فرايدمان؛ اذا أردت أن تفهم الشرق الأوسط تعلّم العربية، العبرية، الفارسية والتركية ولكن لا تنسى أن تدرس العوامل البيئية فلطالما حرّك الخبز والماء شعوب هذه المنطقة.

مشاركة :