بدا أن الحكومة المصرية جادة في البحث عن موارد مائية جديدة تسهم في علاج مشكلة الفقر المائي، الذي بدأت القاهرة تعانيه في ظل الزيادة السنوية المطردة في تعداد السكان، واحتمالات انتقاص حصة مصر السنوية من مياه النيل والمقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب، بسبب مشروع «سد النهضة» الذي تقيمه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق. لكل هذه الأسباب، عاد الحديث في القاهرة عن قناة «جونقلي»، وهي قناة ري شرعت القاهرة والسودان في شقها عام 1978 للاستفادة من مياه «بحر الجبل» شمالاً، لكن المشروع لم يكتمل. وبحسب الدراسات المائية، دخلت مصر مرحلة فقر المياه، وتحتاج إلى نحو 30 مليار متر مكعب منها، إلى جانب حصَّتها السنوية من مياه النيل لتجاوز تلك المرحلة، وأن قناة «جونقلي» كانت أحد الحلول المصرية لأزمة فقر المياه، في ظل تخوف الإدارة المصرية من التأثيرات السلبية لبناء إثيوبيا سد «النهضة» المائي على ضفاف النيل الأزرق، وخصمه من حصتها السنوية من النيل، خاصة أن تقارير تشير إلى أن السد من المرجح أن يخصم من حصة مصر نحو 20 مليار متر مكعب سنوياً. وقال المدير السابق لإدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، اللواء سمير فرج، لـ«الجريدة» إن الحكومة المصرية بدأت في مشاورات مع حكومتي جنوب السودان وشمال السودان، لإعادة حفر قناة «جونقلي»، وهناك مؤشرات إيجابية في هذا السياق، موضحاً أن حفر القناة سيوفر لمصر نحو 30 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. وأضاف فرج أن «القناة ستعمل على تجميع مياه المستنقعات المحيطة بنهر النيل ثم الاستفادة منها». وقال المستشار السابق لوزير الري والمياه، ضياء القوصي، لـ«الجريدة»: «الحديث عن قناة جونقلي ليس جديداً، وقبل أربعين عاماً اتفقت مصر مع السودان على حفرها لتبدأ من جنوب السودان مروراً بشمالها، وبالفعل بدأ العمل بالحفر بمعدات وتمويل مصري وأنهينا ما يقرب من 80 في المئة من عملية الحفر، غير أن عام 1982، ومع بداية الحرب الأهلية توقف العمل تماماً في القناة، وتم الاعتداء على المهندسين المصريين المشرفين على الحفر، ومن وقتها لم يحدث أي تطور في الأمر». ورجح القوصي أن تعيد الحكومة المصرية التفكير في تلك القناة، مضيفاً: «القناة كان مخططاً لها أن توفر نحو 8 مليارات متر مكعب يتم تقسيمها على مصر والسودان مناصفة». وأشار إلى أن كلفة استكمال الحفر تبلغ نحو 600 مليون جنيه (نحو 36 مليون دولار أميركي).
مشاركة :