التاجر خالد داوود المرزوق مثال للوفاء

  • 2/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ديننا الإسلامي الحنيف دينٌ عظيمٌ يحثّ على مكارم الأخلاق ويدعو إليها؛ لأنه قد جاء ليتمم تلك المكارم ويُعلي من شأنها. ومن أهم المكارم التي كانت موجودة عند العرب وجاء الإسلام ليتممها ويهذبها، ويضيف إليها صبغة جديدة تتمثل في حصول الثواب وجزيل العطايا من رب العباد. فضيلتا «الوفاء ورد الجميل»، وقد ذكر المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وصف الذين يوفون بالعهد بأحسن الصفات فقال سبحانه: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (سورة البقرة: الآية 177). وتأتي فضيلة حفظ الجميل لتكمل صفة الوفاء وتكمل كل منهما الأخرى في مجال الآداب الإسلامية وحسن الخلق، ومن حسن أخلاق المسلم حفظ المعروف ورد الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان، والمكافأة للمعروف بمثله أو أحسن منه والدعاء لصاحبه، قال الله تعالى: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (سورة القصص: الآية 77). وقال تعالى: {هَلْ جَزَاء الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} (سورة الرحمن: الآية 60). وقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مثالاً عملياً يحتذى به في حفظ الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان، ورد الجميل إلى أهله، وقد أوصى صحابته، بل وأمته جميعاً بالتحلي بذلك الخلق الرفيع، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ» (أخرجه أحمد: 2/258، برقم: 7495؛ والبُخاري في «الأدب المفرد» برقم: 218؛ وأبو داود برقم: 4811؛ والتِّرمِذي برقم: 1954؛ وابن حِبَّان برقم: 3407). وتوضح هذه القصة الواقعية (رواية د. يعقوب يوسف جاسم الحجي – الباحث في التراث الكويتي) مثالاً ونموذجاً لصاحبها التاجر خالد داوود المرزوق – رحمه الله – وتبين إخلاصه وكرم أخلاقه، كما توضح بذله المعروف وفاءً لبحارته. يقول د. يعقوب يوسف جاسم الحجي: كان التاجر خالد داوود المرزوق من تجار الكويت المعروفين بالنبل والصدق والإخلاص، وقد ساعدته نشأته في أسرة ملتزمة وبيئة صالحة على التمسك بتلك الأخلاق الفاضلة النبيلة. وقد بدأ التاجر خالد المرزوق حياته العملية منذ صغر سنه كباقي أبناء جيله، فتعلم فنون التجارة وبرع فيها، ورزقه الله منها رزقاً واسعاً وبارك له فيها، وكان – رحمه الله – يمتلك سفينة من نوع البوم، يعتمد عليها اعتماداً رئيسياً في رحلاته التجارية، وفي الستينات من القرن العشرين وضع في قيادتها نوخذة من الخليج، وفي إحدى رحلاتها البحرية غرقت السفينة ومات ذلك النوخذة الخليجي. فلما علم خالد المرزوق بخبر وفاة هذا النوخذة الماهر، أرسل في طلب أبنائه، وقال لهم: «رحم الله أباكم، كان من خيرة البحارة الذين تعاملت معهم، وقد كان مثالاً للإخلاص والالتزام في العمل، وعملاً بقول المولى سبحانه وتعالى: {هَلْ جَزَاء الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ}، ورداً لجميل أبيكم ووفاءً له، سأقوم بدفع راتبه كاملاً، كما كنت أدفعه له أثناء عمله معنا، وقد ألزمت نفسي بذلك ما دمت حياً وفاءً لأبيكم وإكراماً لكم من بعده». وهكذا ضرب خالد داوود المرزوق مثالاً رائداً يحتذى به في الإخلاص والوفاء، كما أعطى بموفقه هذا درساً رائعاً في حفظ الجميل وتقديم المعروف، فهذه الأخلاق الكريمة لا تنبع إلى من إنسان ذي خلق رفيع، وفيّ مخلص لكل من يتعامل معهم، وهكذا تحلى أهل الكويت من آبائنا الكرام بالإخلاص وحفظ الجميل، وكانت قلوبهم ممتلئة بالوفاء، وأصبحوا قدوة حسنة يحتذى بها في حفظ العشرة وفعل المعروف، رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته. د. عبد المحسن الجارالله الخرافي

مشاركة :