أخيراً، دق جرس إنذار الطوارئ عبر الهواتف المحمولة في هاواي، مطالباً السكان بمغادرة منازلهم والانتقال إلى نقاط تجميع معينة تحسباً لهجوم بالصواريخ الباليستية. ومن غير المستغرب أن الإنذار الصباحي الذي أرسلته «وكالة إدارة الطوارئ» في هاواي سبب ذعراً بين السكان، وقد استغرق من السلطات 38 دقيقة لتصحيح الإنذار في بيان أفاد بأن الإنذار كاذب. وكان المسؤولون يصارعون من ذلك الحين لتوضيح الإرباك المترتب على إصدار هذا الإنذار الخطأ، ولماذا استغرق كل هذا الوقت لإلغائه. وقد ركز الخبراء في تكهناتهم على الطريقة التي تبرز الحادثة المخاطر المتزايدة والمتنامية لحرب نووية غير مقصودة مع كوريا الشمالية. ماذا لو كنا عند نقطة حيث نمطان من التصريحات والحوادث يتقاطعان؟ إذا كان الأمر كذلك، قد نكون على أعتاب حرب كورية ثانية غير أن الوضع هذه المرة قد يتجاوز العتبة النووية. من جهة، كان هناك نمط من التعليقات يشير إلى تفضيل رد عسكري على كوريا الشمالية، منذ كتابة تلك الملاحظة لديفيد غراهام، في «ذا اتلانتيك» في أكتوبر، وكان هناك تباهٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن زره النووي أكبر ويعمل بشكل أفضل من زر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون. في الربع الأخير من العام الماضي، حفزت القدرات النووية المسلحة العابرة للقارات في كوريا الشمالية ترامب للسخرية من كيم بأن «رجل الصاروخ.. في مهمة انتحارية له ولنظامه». ورداً على ذلك، سخر كيم من ترامب بأنه «شخص مختل عقلياً»، فيما دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للتهدئة في «معركة رياض الأطفال تلك». من جهة أخرى، فإن نمطاً من التصريحات العدائية لترامب ومستشاريه الكبار، والتي أثارت القلق في كوريا الجنوبية، تمت ترجمتها في نمط ناشئ من الإنذارات الكاذبة بالإخلاء، وتلك توفر خلفية مثيرة للقلق للحادثة في هاواي. في 3 سبتمبر، أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية الأكبر، حيث قدر وزن القنبلة النووية بـ160 كيلو طن، في مقابل 15 كيلو طن لقنبلة هيروشيما. وأجرت بيونغيانغ أيضاً 16 تجربة صاروخية العام الماضي. وفي 29 نوفمبر، أجرت اختباراً صاروخياً باليستياً عابراً للقارات بأطول مدى. متحدثاً في 3 ديسمبر في منتدى ريغان للدفاع الوطني في كاليفورنيا، قال مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال ماكماستر إن التهديد بحرب مع كوريا الشمالية كان يتزايد يومياً. إذا كان الجيش الأميركي يستعد لاحتمال توجيه ضربة لكوريا الشمالية، بما في ذلك ضربات مستهدفة لبعث رسالة حازمة، بدلاً من إخراج جميع الأصول النووية، فإنه يتعين على المخططين أن يضعوا في الحسبان مخاطر هجوم انتقامي من كوريا الشمالية. مهما كان إجراء التدريبات على الإخلاء دقيقاً، لا يمكنه أن يحاكي إخلاءً بإنذار فعلي، وتبقى الوسيلة الوحيدة للقيام بذلك في إطلاق إنذار، واختبار رد الفعل، ومن ثم إطلاق تصحيح في وقت قصير، بالقول إن الإنذار كان إنذاراً كاذباً وطمأنة الجميع بأن كل شيء على ما يرام. الفائدة الثانوية من تدريب كاذب مقصود، هو في إثارة الإرباك بين «المستجيبين الأوائل» في كوريا الشمالية لهجوم أميركي فعلي، عندما تشكل دقائق معدودة من الوقت الإضافي المكتسب فارقاً كبيراً لقدرات كوريا الشمالية في شن هجوم مضاد. في الوقت نفسه، فإن مجموعة من 17 ضابطاً سابقاً في مراقبة إطلاق النووي، أصدروا بياناً يعربون فيه عن قلقهم الشديد من مدى ملاءمة ترامب لتولي منصب القائد العام للولايات المتحدة، في ظل خطابه التحريضي وميله إلى التهديدات النووية، وفي ظل الافتقار لضمانات موثوقة ضد سلطته المطلقة، في أن يكون المبادر في استخدام الأول الأسلحة النووية. في كل الحالات تقريباً، توفر نظرية افتراض الأحداث كنتاج «لتدخل اعتباطي»، التفسير الأفضل للأحداث الفوضوية مما توفر نظرية المؤامرة. الفكرة المقلقة هي أنه «كل الحالات تقريباً» لا تترجم إلى «كل حالة بمفردها». وفي هذا السياق، هناك مؤشر نهائي واحد. فقد أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أخيراً أن الجيش الأميركي يستعد بالفعل بالسر لحرب مع كوريا الشمالية، بأمل أنها لن تحدث. البديل بالطبع هي نظرية «التدخل الاعتباطي» الأكثر موثوقية، خصوصاً أن التاريخ مليء بحوادث يمكن أن تؤدي أو كان بالإمكان أن تؤدي إلى انفجار نووي واحد غير مقصود على الأقل. ثم هناك القلق المضاف في إدراك أن أصابع وأعصاب متوترة تزيد بشكل دراماتيكي فرص خطأ كارثي في أوقات الأزمات المتوترة وأخذ المواقف الاستعراضية النووية مثل الإطلاق عند الإنذار. إذا تمت إعادة عقارب ساعة القيامة النووية إلى الوراء قد يكون مفيداً، لكن لا ينبغي التعويل على ذلك. * أستاذ في جامعة أستراليا الوطنية
مشاركة :