قررت السلطات الفرنسية حبس المفكر الإسلامي السويسري طارق رمضان في باريس، الجمعة 2 فبراير/شباط 2018، ووجهت له "تهمة الاغتصاب" بعد يومين من توقيفه رهن التحقيق، بحسب ما ذكره مصدر قضائي. وأضاف المصدر الذي نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية -ولم تذكر اسمه- أن رمضان، الملاحَق في قضيتين لوقائع ارتُكبت بفرنسا في عامي 2009 و2012، وُجِّهت إليه "تهمتا الاغتصاب واغتصاب شخص في وضع ضعيف". وطلبت النيابة وضعه قيد التوقيف الاحتياطي، في حين طلب رمضان أن تتم مناقشة هذا الطلب لاحقاً مع قاضٍ متخصص بالحريات والتوقيف، وأوضح المصدر أن رمضان تم حبسه في انتظار حصول ذلك خلال 4 أيام، بينما عُيِّن 3 قضاة للنظر في القضية، ما يدل على تشعُّبها واتساع التحقيقات المتصلة بها. وفي أعقاب فضيحة المنتج الأميركي هارفي واينستين التي شجعت ضحايا التحرش والاعتداءات الجنسية في بلدان كثيرة على الكلام، اتهمت امرأتان في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2017 رمضان، حفيد حسن البنا مؤسِّس جماعة الإخوان المسلمين، باغتصابهما؛ إحداهما في 2009 بفندق في ليون (شرق الوسط)، والأخرى في 2012 بفندق باريسي. ونفى رمضان اتهامات المرأتين واتهامات أخرى في وسائل إعلام سويسرية بإساءات جنسية بحق شابات إبان ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، مؤكداً أنها "حملة أكاذيب يشنها خصومي". واتهمت المدعية الأولى، هندة عياري (41 عاماً)، رمضان باغتصابها داخل فندق بباريس في 2012، بعد أن وثَّقت الواقعة بسيرة ذاتية نشرتها في 2016، مستخدمةً اسماً مستعاراً للإشارة إلى المعتدي، لكنها عادت وقررت رفع دعوى ضده، في أعقاب انكشاف فضيحة واينستين بالخريف. وشمل ملف الدفاع عن رمضان مواد يُفترض أن تنسف صدقية عياري، السلفية السابقة التي أصبحت ناشطة نسوية. وأبرز هذه العناصر، محادثات على فيسبوك تعود إلى 2014، بعد عامين على الوقائع المفترضة، بادر فيه حساب يحمل اسم هندة عياري، بشكل واضح، إلى إغواء الإسلامي السويسري، الذي تجاهل الأمر.مواجهة شديدة التوتر وعرَّفت المدعية الثانية عن نفسها باسم "كريستيل" (40 عاماً)، واتهمت رمضان بقضية رفعتها في آخر أكتوبر/تشرين الأول 2017، بعد أيام على الأولى، باغتصابها وضربها خلال لقاء وحيد بينهما بأحد فنادق ليون في 2009. ونقلت مجلة "فانيتي فير"، في مقابلة مع المدّعية، أنها تعرضت "للضرب على الوجه والجسد، والاغتصاب من الخلف وبأداة، ولإهانات متنوعة قبل سحبها من شعرها إلى حوض الاستحمام والتبول عليها، على ما وصفته في شكواها". وجرت مواجهة عصر يوم الخميس 1 فبراير/شباط 2018، بين رمضان و"كريستيل" في جلسة شديدة التوتر على مدى 3 ساعات؛ لمقابلة روايتيهما. ورفض السويسري، الذي ينفي أي علاقة جنسية مع المدعية، توقيع المحضر، بحسب مصادر قريبة من الملف. وأوضحت المصادر أن "كلاً منهما بقي على مواقفه"، مؤكداً إضعاف موقف رمضان؛ لمعرفة المدّعية بشأن ندب صغير لديه في الأربية لا يمكن رؤيته إلا من قرب. وكانت الشرطة أجرت، قبل استدعاء رمضان، تحقيقات أولية على مدى 3 أشهر، بدأت بالاستماع إلى المدَّعيتين في روان (شمال غرب) وباريس. وتحدث مصدر قريب من التحقيق عن إضافة الكثير من المحادثات الإباحية إلى الملف، بالإضافة إلى الاستماع لعشرات من أوساط المدّعيتَين والمفكر الإسلامي، وخصوصاً نساء تحدثن عن وقائع مشابهة ولم يرفعن دعوى بشأنها حتى الساعة. كذلك، تم الاستماع إلى الكاتبة الفرنسية كارولين فوريست، التي تشن حملة إعلامية على رمضان منذ سنوات، وتتهمه بإخفاء طموحاته على صعيد الإسلام السياسي. وردَّ محامو الإسلامي برفع دعوى ضدها بتهمة رشوة شهود. وبعد فتح التحقيق الذي أثار اتهامات بإساءات جنسية بحق طلابه في جنيف بالتسعينيات، أعطت جامعة أكسفورد البريطانية رمضان، الذي كان أستاذاً للدراسات الإسلامية المعاصرة لديها، إجازة مفتوحة، في قرار بالتراضي، فيما لا يزال يدير "المعهد الإسلامي للتدريب والأخلاقيات" في باريس.
مشاركة :