النازحون يدفعون ثمنا باهظا للحرب في ليبياتجد آلاف العائلات الليبية النازحة من مدينتي بنغازي وتاورغاء نفسها عاجزة عن العودة إلى منازلها، رغم انتهاء الحرب وذلك بسبب ميليشيات ترفض الانصياع لأوامر السلط التابعة لها.العرب [نُشر في 2018/02/03، العدد: 10889، ص(4)]حواجز ميليشياوية تمنع عودتهم إلى تاورغاء طرابلس - يدفع النازحون والمهجرون قسرا من مدنهم الثمن الأبهظ للحرب الأهلية في ليبيا، بعد أن بات مصيرهم معلقا بيد ميليشيات يسكنها هاجس الثأر والانتقام تعجز السلط عن التصدي لها. وقال سكان بلدة تاورغاء الليبية، التي خلت من سكانها وعمها الدمار بعد إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إنهم مُنعوا من العودة التي يخططون لها منذ فترة. وتطارد جماعات مسلحة من مصراتة سكان تاورغاء بعدما استخدمت القوات الموالية للقذافي المدينة في هجومها على مصراتة خلال الانتفاضة التي أيدها حلف شمال الأطلسي. ونزح ما يقدر بنحو 40 ألف شخص عن البلدة الواقعة على بعد 38 كيلومترا جنوبي مدينة مصراتة الساحلية ويسكنون مخيمات في أنحاء ليبيا منذ أكثر من ستة أعوام. ويتوزع سكان تاورغاء حاليا في مخيمات بمنطقة طريق المطار في طرابلس، وآخرون في مدارس بمدينة بنغازي شرق البلاد. ويعيش النازحون وضعية مأساوية داخل هذه المخيمات خاصة مع انخفاض درجات الحرارة التي تشهدها البلاد ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي. وقادت مفاوضات مطولة إلى خطة ساندتها الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس لبدء عودة السكان في مطلع فبراير رغم أن البلدة المهجورة مدمرة إلى حد بعيد وتفتقر إلى بنية أساسية صالحة.قوات قاتلت مع الجيش في بنغازي تمنع عائلات نازحة من العودة إلى منازلها وتتهمها بدعم الجماعات المتطرفة وغادر مساء الأربعاء نحو 150 من السكان النازحين بمدينة بنغازي الواقعة على بعد 700 كيلومتر شرقي تاورغاء في قافلة صوب البلدة. وقالوا إنهم مستعدون للإقامة في مخيمات في تاورغاء إذا لزم الأمر لكنهم عادوا إلى نقطة توقفهم الليلية في هراوة بعدما حاولوا التقدم غربا باتجاه سرت التي تسيطر عليها قوات من مصراتة موالية لحكومة الوفاق. وقال محمد التاورغي أحد المتحدثين باسم السكان “عدنا الآن إلى هراوة لأن الوضع الأمني بالمنطقة التي كنا فيها لم يكن جيدا”. وتردد أيضا أن مجموعات من مصراتة تسد الطرق بين مصراتة وتاورغاء. ويعكس موقف الميليشيات عجز حكومة الوفاق عن فرض سلطة الدولة. واكتفى المجلس الرئاسي بإصدار بيان اتهم فيه أطرافا لم يسمها بالسعي إلى تقويض الاتفاق. أوصت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين، سيسيليا جمينز، حكومة الوفاق الوطني بضرورة تطوير خارطة طريق شاملة تماشيا مع المبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي. وقالت مقررة الأمم المتحدة، في مؤتمر صحافي عقدته الجمعة في العاصمة طرابلس، إن الخارطة يجب أن تتضمن تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح للوزارات وغيرها من الهيئات المعنية وضمان مساءلة جميع الجهات الفاعلة. وتحتضن مدينة مصراتة التي يسيطر عليها متطرفون، الآلاف من العائلات التي فرت من منازلها في مدينة بنغازي عقب اندلاع عملية الكرامة في مايو 2014. وتقف جماعات مسلحة قاتلت إلى جانب الجيش الليبي ضد الجماعات المتطرفة، عائقا أمام عودة العائلات وتتهمها بمساندة الإرهابيين. بيد أن هذه العائلات التي تعود أصولها إلى مدينة مصراتة، تقول إنها اضطرت إلى الهروب خوفا من التصفية العرقية في إطار ما يسمى بمعركة “البدو والحضر”. ويبدو أن تلك العائلات التي سيطرت لعقود على قطاع التجارة في المدينة، انحازت إلى الجماعات التي تدعمها أطراف في مصراتة. واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الخميس، مجموعات مسلحة تتحالف مع الجيش الليبي بمنع آلاف العائلات النازحة من العودة إلى ديارها في بنغازي، داعية القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر إلى العمل بحزم لإنهاء الهجمات على المدنيين. ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية عن بعض النازحين إقرارهم بأن “أقاربهم قاتلوا ضد الجيش الوطني” بينما قال آخرون إن “أقاربهم لم يشاركوا في القتال، ولو أنهم لم يكونوا يؤيدون الجيش الوطني”. وحذر حفتر الشهر الماضي من منع عودة النازحين إلى منازلهم “دون مبررات يسمح بها القانون”، مشيرًا إلى أنَّ “أي تجاوزات أو اعتداءات تقع على البيوت أو الممتلكات الخاصة أو العامة ستعرِّض مرتكبيها لأقصى العقوبات”.
مشاركة :