لم تفلح التشريعات الجديدة التي تبناها الاتحاد الأوروبي في ثني آلاف المهاجرين عن عزيمتهم المغامرة للوصول إلى أوروبا، إلا أنهم يتعرضون لسوء المعاملة خلال وجودهم في ليبيا، النقطة ما قبل الأخيرة، نحو البحر المتوسط. وتقول التقارير الواردة من هناك إن مراكز الاعتقال سيئة للغاية، والمخاطرة للوصول إلى أوروبا هي الأمل الوحيد بالنسبة للمهاجرين من إفريقيا. ويقول أحد نزلاء مراكز الاعتقال ويدعى فاتح: نحن نقوم بجميع الأشغال التي يرفض غيرنا القيام بها، وذلك من أجل إطعام أهالينا، مضيفاً إذا كانوا لا يريدون لنا أخذ فرصتنا، فليرسلونا إلى بلادنا لنموت هناك بكرامة. في المقابل، أصدر أحد المسؤولين عن هذه المراكز وثائق لنحو 3000 شخص بينهم أطفال ونساء وكبار سن خلال الأشهر الثلاثة السابقة، إلا أنه أكد عدم مقدرته على استيعاب مزيد من الأشخاص في مراكز الاعتقال. وتواجه ليبيا نقصاً فادحاً في الموارد بسبب الحرب الأهلية التي تعيشها منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في 2011. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، حاول آلاف الأشخاص الإبحار من ليبيا إلى أوروبا، إلا أن أكثرهم غرق في الطريق. وعلى الرغم من الاقتتال الداخلي في ليبيا، إلا أنها تقوم بكل ما بوسعها لمساعدة المهاجرين، كما تحاول جاهدة الحد من ظاهرة قوارب الموت المتجهة إلى أوروبا. وأكد أحد الأشخاص الموقوفين في مراكز الاعتقال أنهم تعرضوا بصورة مستمرة للضرب، كما أن المرضى من المعتقلين لا يتلقون أي علاج، في وقت لا تتوافر فيه البدائل. وفرّ البعض من الوضع المتردي في الصومال ليجدوا أنفسهم في مراكز اعتقال في ليبيا، وبات الخيار أمامهم هو المجازفة وركوب البحر للوصول إلى أوروبا. في هذه الأثناء يؤكد تقرير لمنظمة العفو الدولية أن المهاجرين الذين يسافرون عبر ليبيا على أمل الهروب إلى أوروبا، يواجهون التعذيب والاغتصاب والاختطاف من قبل العصابات ومجموعات مسلحة من أجل المال. وأوضح التقرير أن كثيراً من المهاجرين المحتملين يتم تسليمهم إلى جماعات إجرامية لدى دخولهم إلى ليبيا. ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي يعمل فيه الاتحاد الأوروبي على الحد من ظاهرة الهجرة واستصدار تفويض أممي للقيام بعمل عسكري في المياه الإقليمية الليبية. وأشارت المنظمة الدولية إلى أن المهربين أو الجماعات الإجرامية يقومون أحياناً بتلك الأعمال بهدف الحصول على فدية، إذ يحصلون على تلك الأموال من خلال التعذيب، فيما يتم احتجاز أولئك الذين ليس لهم القدرة على دفع الفدية غالباً وتسخيرهم للخدمة. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر، إن الحياة في ليبيا باتت صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة خصوصاً بالنسبة للأجانب. ويضيف أن الظروف المروعة التي يواجهها المهاجرون، إلى جانب تصاعد الفوضى والصراعات المسلحة المحتدمة، توضح مدى خطر الحياة في ليبيا حالياً. وقبل أسبوع تم توقيف أكثر من 400 مهاجر بينما كانوا يستعدون للصعود على متن مراكب والإبحار نحو السواحل الأوروبية في منطقة تاجوراء شرق طرابلس. وقال مسؤولون في طرابلس إن معظم هؤلاء جاؤوا من الصومال وإثيوبيا وبينهم نساء بعضهن حوامل. وكشفت المنظمة أن السواحل الليبية البالغ طولها 1770 كيلومتراً شهدت حركة غير مسبوقة للهجرة غير الشرعية منذ وقوع البلاد في الفوضى. وتبعد السواحل الليبية نحو 300 كلم من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي يحاول مئات المهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط أو من مناطق أخرى الوصول إليها يومياً.
مشاركة :