الروبوت الصحافي يستولي على مهام الصحافيين الواحدة تلو الأخرىيحمل تطور الروبوت الصحافي المتسارع أنباء سيئة للصحافيين في مختلف مناطق العالم، إذ تزايدت أصوات الخبراء المحذرين من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظائف الصحافيين، وليس استبدال أحد مراسلي الأخبار في تلفزيون ياباني بالروبوت إريكا إلا البداية فقط.العرب [نُشر في 2018/02/03، العدد: 10889، ص(18)]وظائف البشر مهددة لندن - وصف هيروشي إيشيغورو، مبتكر المذيعة الروبوت إريكا بأنها “واقعية إلى درجة تبدو كأن لها روحا”، وقبل أن يثير الدهشة بمدى التطور الذي وصل إليه الذكاء الاصطناعي، تحسس الصحافيون مواقعهم وتملَّكَهم الخوف من فقدانها. يرى الخبراء أن ما يفصل روبوت الذكاء الاصطناعي عن الوصول إلى مرحلة التأليف هو مجرد مسألة وقت. وتستخدم حالياً الروبوتات الصحافية في مجال كتابة التغطية الإخبارية للنتائج المالية الخاصة بالشركات، فيتم إدخال البيانات المالية ليؤلف برنامج الذكاء الاصطناعي خبرا عنها بسرعة فائقة مقارنة بالصحافي البشري. ومن وجهة نظر الخبراء فإن ابتكار الروبوت لا يحل محل الصحافي، ولكن يساعد في جمع ونشر المعلومات التي لا تحتاج الكثير من التدقيق في أسرع وقت، ويصفون دور الابتكار بأنه تكميلي، عن طريق توفيره للكثير من الوقت في ما يتعلق بقصص محددة، حيث يمكنه تجميع المعلومات من مصادرها الموثوقة، وتنسيقها بشكل جيد. لكن هذا الواقع يبدو أنه يسير باتجاه مغاير مع التطور الهائل في هذه التقنيات، فمن المقرر أن تقدم الروبوت إريكا نشرة الأخبار بإحدى قنوات التلفزيون اليابانية في أبريل القادم. وتعد أهم مؤهلات إريكا، أنه تم تزويدها بأحد أكثر أنظمة المحادثة الصناعية تقدماً في العالم، بحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية. ووفقاً لمبتكرها، إيشيغورو، فإن إريكا تبدي حفاوة واهتماماً، وربما سيكون لديها قريباً “وعي إدراكي مستقل”. ولم يتم الإفصاح عن تفاصيل وظيفة إريكا الجديدة، ولكن إيشيغورو يقول “إنها ستستخدم الذكاء الصناعي لقراءة الأخبار التي يقوم بتحريرها فريق النشرات البشري”. ويوضح مدير مختبر الروبوتات الذكية في جامعة أوساكا قائلا “سنقوم باستبدال أحد مراسلي الأخبار بالروبوت إريكا”، مشيراً إلى أنه يواصل مساعيه لبلوغ تلك الخطوة في بث مباشر على الهواء منذ عام 2014. ونوه في مقال نشره بصحيفة “وال ستريت جورنال” إلى أن إريكا، التي تمول عمليات تطويرها من قبل أحد أعلى المشروعات العلمية تمويلاً في اليابان، تستطيع أن تتبين اتجاه مصدر صوت المتحدث إليها ومَن يوجه إليها سؤالاً. وتقوم إريكا بتتبع الأشخاص المحيطين بها في غرفة ما بواسطة 14 حساساً للأشعة تحت الحمراء وتقنية التعرف على بصمة الوجه.الروبوت إريكا تقوم بتتبع الأشخاص المحيطين بها في غرفة ما بواسطة 14 حساسا للأشعة ويقول ديلان غلاس، المهندس المشارك في بناء الروبوت إريكا إنها تعلمت أن تطلق النكات والدعابات اللطيفة، مضيفا “ما نريد حقاً القيام به هو أن يتمكن الروبوت من التفكير والعمل والقيام بكل الأمور بشكل ذاتي وتلقائي تماماً”. ولا تعد إريكا أول روبوت يبتكره إيشيغورو يستطيع قراءة نشرات الأخبار؛ ففي عام 2014 كشف النقاب عن روبوت مذيع أخبار “واقعي للغاية” في أحد متاحف طوكيو. وفي عام 2015 أنشأت ميكروسوفت أول روبوت مذيع تلفزيوني قدم نشرة أخبار صباحية في الصين، باستخدام تقنيات التعلم العميق، وقام المذيع الروبوت بتحليل بيانات الطقس في بث على الهواء مباشرة. وتشير هذه التجارب والابتكارات إلى أن الخطر الذي تشكله الروبوتات على مستقبل الصحافيين أصبح مؤكدًا، إذ يقول جيمس كوتساكي، المتحدث الإعلامي لشركة “أوتوميتد إنسايتس” المطورة لبرنامج “وورد سميث” “لا نعرف بالضبط أي عدد من الوظائف فقدها الصحافيون بسببنا”، ولكنه أشار إلى أن البرنامج ينتج قصصًا إخبارية لا يُفضّل الصحافيون القيام بها كأخبار الاقتصاد، وبالتالي يمكنهم تركيز جهودهم على موضوعات أخرى. بدورها قالت الكاتبة باربرا جيل والترز، في إحدى حلقات البرنامج الكوميدي الشهير “ذا ديلي شو” الذي يقدمه الإعلامي جون ستيوارت، إن الروبوت الصحافي يمثل تهديدًا حقيقيًّا للصحافيين، فالخوارزميات ستقوم بالبحث وجمع المعلومات، وفي النهاية سيكون لدينا مقال صحافي جاهز للنشر. وقد بدأت بالفعل صحف مثل أوسا توداي وأسوشيتد برس، الاعتماد على البرمجيات الآلية لإنشاء محتوى للقراء. ويقول المدراء التنفيذيون إن الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ليس المقصود منه أن يحل محل الصحافيين، ولكن بدلا من ذلك يسمح لهم بوقت إضافي لتطوير وربط القصص الأكثر أهمية وذات الصلة، لكن هذا الرأي لم يعد مؤكدا. وقال مارك أوستن الصحافي في “ديجيتال تريدينز” إن الروبوتات بالفعل تسطو الآن على وظائفنا، ولم يعد الأمر مقتصرا على روبوتات تسليم الوجبات السريعة، فهناك روبوتات أخرى لها مهام دقيقة مثل الروبوت المايسترو. وتساءل أوستن عما إذا كان من الممكن أن تحل الروبوتات محل الصحافيين البشر الذين يجلبون لنا القصص الإخبارية التي نقرأها كل يوم؟ وأوضح أن الذكاء الاصطناعي موجود بالفعل في غرف الأخبار وهناك قصص عديدة تمت صياغتها بواسطة هذا الذكاء، مشيرا إلى أن صحيفة واشنطن بوست استخدمت لأول مرة الروبوت خلال دورة الألعاب الأولمبية في ريو لتقديم معلومات مثل نتائج الميداليات، في ذلك الوقت قال سام هان، المدير الهندسي لعلم البيانات، “إن التحدي التالي هو توسيع المواضيع التي تغطيها، وتعميق نوع التحليل الممكن وتحديد القصص المحتملة لغرفة الأخبار”. وأضاف أن واشنطن بوست نشرت 850 قصة من هيليوغراف، وتوسعت مهام هيليوغراف لتشمل الإبلاغ عن موضوع مثل سباقات الكونغرس وألعاب كرة قدم المدارس الثانوية. ومع بداية العام الحالي، أعلن تشاي منغزهاو رئيس وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا)، أن الوكالة تعتزم بناء ”نوع جديد من غرف التحرير“، يعتمد على تكنولوجيا المعلومات ويُبرز التعاون الإنساني-الآلي. وذكر مختبر نيمان للصحافة، أن الصين ستضخ في المشروع الملايين من الدولارات المقتطعة من 2.1 مليار دولار على مدار خمس سنوات على مشاريع الذكاء الاصطناعي، ضمن خطتها لقيادة العالم في هذا المجال بحلول العام 2030، وقدمت للجمهور منصة “العقل الإعلامي”، والتي تدمج الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي وتقنيات أخرى في إنتاج الأخبار.
مشاركة :