الروبوت لا يعوّض الصحافي حتى لو استبدلته مايكروسوفت | | صحيفة العرب

  • 6/1/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يشكل الذكاء الاصطناعي أو الروبوت الصحافي أحد هواجس الصحافيين، وجاء إعلان مايكروسوفت بالتخلي عن العشرات من الصحافيين واستبدالهم بالروبوتات ليعمق مخاوف البعض، فيما اعتبر البعض الآخر أن المهمة الإبداعية للصحافي لا يمكن أن يقوم بها الروبوت. واشنطن - حوّلت شركة مايكروسوفت مخاوف الصحافيين إلى حقيقة، بإعلانها استبدال العشرات من الصحافيين المتعاقدين مع موقع “أم.أس.أن” التابع لها بأنظمة آلية تنتقي القصص والتقارير الإخبارية، رغم تشكيك البعض بمقدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بهذه المهمة. ويتولّى صحافيون في الوقت الراهن، الإشراف على جمع القصص الصحافية من المؤسسات الإعلامية، واختيار العناوين والصور المرفقة بها للنشر على موقع “أم.أس.أن”. وقالت مصادر من الشركة لجريدة “سياتل تايمز” إنّ الذكاء الاصطناعي سيتولّى تلك المهام، وأنها اتخذت ذلك القرار في إطار تقييمها الدوري لأرباحها، وفق ما ذكرت “بي.بي.سي”. وجاء في بيان صدر عن شركة تقنية المعلومات الأميركية العملاقة “مثل كل الشركات، نعيد تقييم أعمالنا بشكل دوري. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الاستثمار في بعض القطاعات، ومن حين لآخر، قد يؤدي إلى إعادة توزيع القوى العاملة في قطاعات أخرى”. وأضاف البيان “هذه القرارات الجديدة ليست ناتجة عن جائحة تفشي فايروس كورنا الحالية”. وتدفع مايكروسوفت للمؤسسات الإعلامية بدلاً مادياً لقاء إعادة نشر محتواها على موقع “أم.أس.أن”. لكنها توظّف صحافيين ليختاروا القصص الصالحة للنشر وكيفية تقديمها، لذلك يعتبر البعض أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي صعب في تحديد طبيعة المحتوى الذي يهم الشركة، ضمن سيل التقارير الإعلامية التي تنتشر على الإنترنت. وحذّر بعض الصحافيين المطرودين من أنّ الذكاء الاصطناعي قد لا يكون على دراية تامة بالمعايير التحريرية الصارمة، وقد ينتهي إلى نشر أخبار أو تقارير غير مناسبة. وعلى ضوء القرار الجديد، سيخسر نحو 50 منتجا للأخبار عملهم في نهاية يونيو المقبل، لكن فريقا من الصحافيين العاملين بدوام كامل، سيبقون في الشركة. وقال أحد الصحافيين الذين سيخسرون عملهم لصحيفة “سياتل تايمز”، “من المحبط التفكير بأنّ الآلات ستحلّ مكاننا، ولكن ها نحن ذا”! بحسب صحيفة “الغارديان”، فإنّ 27 صحافيا من الذين سيخسرون وظائفهم، متعاقدون مع شركة “بي.آي ميديا” البريطانية. وقال أحدهم للصحيفة “أمضي وقتي بالقراءة عن استيلاء الآلات والذكاء الاصطناعي على الوظائف، وها هي قد استولت على وظيفتي”. وتعتبر مايكروسوفت واحدة من شركات التقنية العملاقة التي تجري تجارب بشأن كيفية استخدام ما يسمى بالصحافة الآلية، لتقليص النفقات. وتستثمر شركة غوغل، كذلك، في مشاريع لفهم كيفية عمل تلك الأنظمة الآلية مكان الصحافيين. وإذا كانت مايكروسوفت شركة تقنية وفي حقيقة الأمر لا تنتج تقارير صحافية بحد ذاتها، بل تجمعها من المؤسسات الصحافية فإن البعض يخفف من خطورة الخطوة على وظائف الصحافيين، فمهمة الروبوت أو الذكاء الاصطناعي تختلف عن مهمة الصحافي، حتى بالنسبة لمؤسسات صحافية اتخذت هذه الخطوة سابقا. مايكروسوفت تجمع الأخبار ولا تنتجها وتجري تجارب بشأن كيفية استخدام ما يسمى بالصحافة الآلية لتقليص النفقات وتعتبر وكالة أسوشيتد برس من أوائل المؤسسات الإعلامية التي استخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحافي، فقد وظفت تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج تقارير اقتصادية ربع سنوية عن الدخول المالية، والنتيجة كانت لافتة على مستوى الكم والكيف معاً، فقد ساهمت التقنية الجديدة في إنجاز أكثر من 3000 تقرير اقتصادي بدلاً من 300 تقرير كان يستغرق من الصحافيين الكثير من الوقت والمجهود، وتلك التقارير تتضمن نصائح الخبراء، كما أن الأرقام والحقائق الواردة في هذه التقارير دقيقة. كما استطاع الروبوت “هيليوغراف” في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن ينجز 850 موضوعا صحافيا، خلال عام واحد بين 2016-2017، كانت بدايتها 300 تقرير حول “أولمبياد ريو دي جانيرو”، وبعد هذه التجربة الناجحة استخدمت الصحيفة الروبوت في تغطية سباق الانتخابات الأميركية يوم الانتخابات، ودوري كرة القدم للمدارس الثانوية في واشنطن، إلى جانب إنتاج العديد من القصص والتغريدات المختلفة. ومن الملاحظ أن هذا التقارير تتعامل مع الأرقام أكثر من التحليلات والتحقيقات وهو ما يميز العنصر البشري عن الذكاء الاصطناعي، ويؤكده العديد من خبراء الإعلام والاتصال. وبحسب نائب وزير التنمية الرقمية والاتصالات والإعلام الروسي، أليكسي فولين، فإن الروبوتات لا يمكنها أن تحل محل الصحافي الجيد، لأن هذه مهنة إبداعية، ولا يمكنها أن تحل محل أي شخص إلا في أداء المهام الفنية. وقال فولين على هامش المنتدى الروسي الصيني لوسائل الإعلام الجديدة في مدينة ووشى الصينية العام الماضي، “لن يحل الروبوت أبدا محل الصحافي للأسباب التالية؛ الصحافي الجيد هو مهنة إبداعية. هو ليس فقط قادر على إعادة إنتاج أو نسخ المعلومات، إنه قادر على طرح الأسئلة الصحيحة والاستنتاجات”. وأضاف “ناهيك عن أن الروبوت لن يتمتع أبدا بروح الدعابة. إذا كنا نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، والصحافيين الآليين، فيمكننا أن نقول بحزم في ما يتعلق بالمستقبل أن الروبوتات لن تحل محل الصحافيين الجيدين، أما الصحافيين الرديئين فلا أسف عليهم”. وأكد نائب الوزير “إذا كانت المهمة إبداعية حقا، أو استقصائية، أو إذا كانت تقريرا أو مقالة حيث تحتاج فيها إلى اللعب على الفروق الدقيقة، تلامس المشاعر وتثير بعض الروابط، فإنه لا يمكن لأي روبوت القيام بذلك”. وتستخدم الآلات على نطاق واسع لكتابة تقارير معلوماتية حول أسعار البورصة وغيرها من المواد المتعلقة بالبيانات الإحصائية. وبالمثل يرى نائب الرئيس التنفيذي لراديو الصين الدولي، قاو ليانتشونغ “أنه على المدى القصير، لن يتمكن الروبوت من أن يحل محل الصحافي. في يوم من الأيام، ربما سنواجه هذه المشكلة، لكن من الصعب للغاية التنبؤ بموعد حدوث ذلك. أعتقد أن الإنسان سيظل يلعب دورا حاسما في هذا المجال”. ويعتقد رئيس تحرير صحيفة “تشاينا ديلي”، تشو شوشون، أنه لا ينبغي أن يقلق الصحافيون من أنهم سيتركون دون عمل بسبب الروبوتات. وأوضح تشو شوشون، “أعتقد أنه، كما هو الحال في أي مجال آخر، فإنه لا يمكن أبدا أن تحل الآلة محل الإنسان. سيكون الإنسان دائما العامل الحاسم والأكثر أهمية”. وأضاف “أعتقد أننا لسنا بحاجة لأن نقلق. نحن بحاجة إلى التكيف والتطور، وكيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذا يحتاج إلى تعلمه. ولكن بالتأكيد سيكون الإنسان دائما موجودا في مجال الإعلام”. وتابع “التقنيات الرقمية تساهم في تطوير وسائل الإعلام التقليدية، وقد تؤدي في المستقبل إلى مثل هذه التغييرات في هذا المجال التي ما زلنا حتى الآن لا نستطيع تخيلها”.

مشاركة :