تأمل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اعلان الاتفاق عن تشكيل حكومة ائتلافية مع الاشتراكيين الديموقراطيين بحلول الثلاثاء لإخراج البلاد من المأزق الناشئ عن الانتخابات والذي أدى إلى اضعافها في ألمانيا كما في أوروبا. بعد أكثر من أربعة أشهر من انتخابات أيلول / سبتمبر التي لم ينجح فيها أي حزب في الحصول على الأغلبية، يسعى المحافظون في أقوى اقتصاد أوروبي إلى إيجاد حلول لمسائل الصحة وحق العمل والبيت الأوروبي أو التقاعد لإقناع الاشتراكيين الديموقراطيين المترددين بتجديد الائتلاف الكبير الذي يعرف باسم "غروكو". و تستأنف المفاوضات الجارية بين الطرفين منذ مطلع السنة صباح اليوم (الأحد الرابع من فبراير/ شباط 2018) مع هدف التوصل إلى تسوية في المساء وخيار التمديد ليومي الاثنين والثلاثاء. وقالت ميركل الجمعة "آمل أن ننجح لكن المشكلات لم تحل بعد". تجري المحادثات في حين يسود تململ في صفوف الألمان الذين يقول 71% منهم انهم لا يفهمون لماذا يتأخر تشكيل الحكومة كل هذا الوقت، وفق استطلاع اجرته قناة التلفزيون الألمانية العامة "أ.إر. دي" وفي حال فشلت المحادثات ستضطر ميركل الى الاختيار بين تشكيل حكومتها الرابعة دون اغلبية أو القبول بتنظيم انتخابات جديدة قد يستفيد منها اليمين المتطرف. ولم تعرف المانيا هذين الخيارين منذ الحرب العالمية الثانية. من جانبه، يشهد الحزب الاشتراكي الديموقراطي انقسامات في صفوفه منذ الانتخابات التي قلصت الاصوات التي حصل عليها الى 20,5%. ويلوم العديد من مسؤوليه زعيمه مارتن شولتز بالعودة عن وعوده بالتوجه نحو اليسار وعدم التفاوض مع ميركل. غير ان منتسبي الحزب هم الذين سيقررون بشأن اتفاق الائتلاف مع ميركل من خلال تصويت عبر البريد يمتد لأسابيع في شباط / فبراير أو آذار/ مارس. وليست ميركل في وضع تحسد عليه فهي تواجه ضغوطا من المحافظين المطالبين بالتوجه يمينا لوقف صعود اليمين المتطرف وبضرورة التوصل تحت ضغط الجناح اليساري في حزبها الى تسوية مع الاشتراكيين الديموقراطيين. من جانبه، يوجه قسم من الصحافة الألمانية انتقادات الى الحزبين اللذين حكما ألمانيا معا أو بالتناوب منذ 1949. إذ تنتقد "سودويتشي تسايتونغ" سعيهما للتوصل الى "القاسم الأدنى المشترك" لتشكيل ائتلاف "بلا توجه مركزي" نحو المستقبل. وهناك استياء كذلك من تصفية الحسابات على الملأ بين الطرفين على هامش المفاوضات في بلد بُني على فكرة الحوار السياسي التوافقي. وكتبت الصحيفة "انهم مترددون ومضجرون ويتعاركون. ولكن الأهم أن جعبتهم فارغة من الأفكار المبدعة"، داعية ميركل وشولتز الى العمل معاً أو "افساح المجال أمام قادة آخرين أو تنظيم انتخابات جديدة". وقال كيفين كوهنرت رئيس منظمة الشبيبة الاشتراكية الديموقراطية وأحد أبرز معارضي تشكيل ائتلاف كبير مع المحافطين "إن هذه الطريقة في خوض السياسة كانت كلفتها خسارة 14 نقطة في الانتخابات" لكلا الاشتراكيين والمحافظين. ولكن آخرين يرون في تنظيم انتخابات جديدة مجازفة نظراً لضعف الاشتراكيين ولأن اليمين المتطرف هو الذي سيستفيد من الأمر لا سيما وأن حصول حزب البديل لألمانيا على 13% في الانتخابات الماضية هو الذي عقد الأمور. لقد استفاد الحزب اليميني المتطرف من المخاوف العامة بعد استقبال نحو مليون طالب لجوء منذ 2015 وجعل من رحيل ميركل أحد أهدافه الرئيسية. لم تشهد ألمانيا وضعاً كالذي تواجهه اليوم في حين تواجه ميركل حالة استنزاف سياسي بعد 12 سنة في الحكم. ولا شك أن لفقدانها نفوذها تأثيراً على أوروبا حيث يسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لإجراء إصلاحات وتعديلات عميقة بهدف اعادة كسب ثقة المواطنين. لقد استقبلت برلين مقترحات ماكرون بالنسبة للاتحاد الأوروبية بفتور وهي بدون ألمانيا لا يمكن تحقيقها، ولكن لأول مرة منذ سنوات طويلة لم تكن المستشارة هي صاحبة المبادرة. وأكد شولتز، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والمؤيد المتحمس لمقترحات ماكرون، أن "المعركة من أجل أوروبا قوية ومتجددة" يجب أن تكون في صلب عمل الحكومة المقبلة. و.ب / ح.ز (د.ب.أ)
مشاركة :