«طفل القصيباء» نافذة جيولوجية تغنى بها عنترة بن شداد

  • 2/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على بعد 60 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة بريدة في منطقة القصيم، تقع بلدة القصيباء، التي تعد «نافذة جيولوجية»، اختارتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتلقي من خلالها الضوء على الطبيعة الجيولوجية للمملكة، وذلك من خلال فعاليات «المؤتمر الجيولوجي الدولي» في نسخته الـ12 التي انطلقت اليوم (الأحد) تحت شعار «خيراتنا من أرضنا»، والذي تنظمه هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والجمعية السعودية لعلوم الأرض على مدار أربعة أيام في مدينة جدة. وتقدم المدينة خلال جلسات المؤتمر محاضرات وأوراق عمل متخصصة في مجالات استكشاف البترول والغاز والتعدين والإنتاج، ومنها دراسة جيوكيميائية لمخلفات البوكسايت (الطين الأحمر) في المملكة، ودمج النماذج ثلاثية الأبعاد للمتكونات الجيولوجية في السعودية مع صور الكاميرا متعددة الأطياف ومسح الرادار الأرضي، إضافة إلى الأهمية التكتونية الإقليمية للاتساع المتغير وغير المتماثل لفالق البحر الأحمر والتشوة الداخلي في الصفيحة العربية، ودراسة ووصف الخصائص البتروفيزيائية لطفل قصيباء من المنكشفات الصخرية في وسط وشمال المملكة. وإلى جانب طفل قصيباء تحوي البلدة قصر عنترة بن شداد الواقع على ارتفاع 100 كلم في مرتفعات قصيباء، فضلاً عن شواهد عصور جيولوجية مختلفة عبر وادي قصيباء الكبير. وكذلك أبراج الحرب التي كانت تستخدم قبل حوالى 300 عام في حماية القرى التي تقع أسفل الجال، إلى جانب قصر المشقوق الشهير الذي تجري المياه أسفله في طريقة بناء مختلفة للحماية كان يستخدمها القدماء. وتعد قصيباء إحدى أشهر القرى التراثية في المملكة، ومصدراً من مصادر المياه إذ كانت تجري في البلدة التاريخية أكثر من 40 عيناً من المياه العذبة في السابق، فيما جفت معظمها حالياً. ولا تزال البلدة الشهيرة التي تقع في تجويف جيولوجي ضخم تتنوع فيها طبقات الأرض تحافظ على طرازها ومبانيها الطينية الشهيرة. ويبدو أن البلدة ستكون وجهة للاستثمار. ويتكون الجال الغربي لقصيباء من طبقات من الطين الطفل، وهي غنية بالمواد العضوية، وتعتبر هذه الصخور مصدراً للنفط والغاز، وبعد تعرضها لعمليات جيولوجية وكيماوية معقدة تحت سطح الأرض لفترة زمنية طويلة تحولت لنفط وغاز خرج من هذه الطبقات إلى طبقات ذات مسامية ونفاذية تجمعت فيها وخزنتها كمكامن للنفط والغاز في عدد من حقول المنطقة الشرقية. وتعتبر حفرة قاع قصيباء نافذة جيولوجية تطل منها أنواع من الصخور مختلفة الأعمار الجيولوجية، ولهذه الصخور أهميتها عند البحث عن النفط والغاز، وزار هذا التجويف علماء اطلعوا عليه وهو موقع ثري للدارسين والباحثين في مجال النفط، وكذلك في الجيولوجيا وهناك دراسات أجريت حول هذا المكان. وتعد البلدة التاريخية لقصيباء التي سكنت منذ العهد الجاهلي، ووردت فيها عدد من أشعار العرب وكانت تسمى «قو» كما ورد في معاجم البلدان ومنها القصيدة التي قالها الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد، والتي يصف فيها معركة وقعت فوق الجال المنبسط الغربي: كأن السرايا بين قو وقارة عصائب طير ينتحين لمشرب. و«قو» هو الاسم القديم لقصيباء، أما «قارة» فهي بلدة تسمى القوارة حالياً، وتقع إلى جانب قصيباء. وعلمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع بلدية قصيباء على إعداد مخطط عام لمشروع الجادة الريفية في قصيباء، الذي يشمل في مرحلته الأولى إعداد ممرات المشاة والإنارة والبوابات ومصليات ومحال لبيع المنتجات الشعبية والحرفية، وتتولى الهيئة تقديم الدعم الفني والإشرافي طوال فترة التنفيذ للمشروع. وتم تخصيص مبلغ أربعة ملايين ريال من موازنة البلدية للمشروع. وتركز مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية خلال مشاركتها في «المؤتمر الجيولوجي الدولي» على إبراز جهودها في ابتكار تقنيات حديثة ومتقدمة في مجال التنقيب والبحث عن الثروات المعدنية الواعدة في المملكة التي تساعد على إنشاء صناعات تعدينية ذات قيمة مضافة. وتعرض المدينة في المعرض المصاحب للمؤتمر مشروعاتها البحثية والتقنية في مجالي البترول والغاز، والاستشعار عن بعد، من أبرزها مشروع ابتكار نظام اندماجي جيوفيزيائي جديد للاستكشافات التحت سطحية الضحلة، ومشروع تطوير نظام رادار لاستكشاف باطن الأرض، ومشروع تطوير نظام وأجهزة جمع البيانات السيزمية بصورة سريعة على الرمال بواسطة الشريط الرملي المتحرك، وكذلك المرحلة الثانية من مشروع تجربة الاستكشاف المتميز لباطن الأرض في المملكة، والتحليل السيزمي لرؤية باطن الأرض، والتطبيقات الصناعية لمخلفات البوكسايت (الطين الأحمر)، ومشروع مراقبة اتساع البحر الأحمر باستخدام محطات الرصد الجيوديسي المستمر، ومراقبة التغيرات السطحية للقشرة الأرضية باستخدام تقنية التداخل الراداري - الانسار(InSAR). كما تعرض المدينة صوراً فضائية عالية الدقة لعدد من مناطق المملكة تصل إلى 31 سنتيمتراً ذات بعدين وثلاثية الأبعاد، وكذلك عرض مرئي عن التصوير البانورامي وتوضيح لمكونات تقنية الرصد الجيوفيزيائية لباطن الأرض.

مشاركة :