فلسطين تغرق في فوضى «الربيع العربي»

  • 2/5/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

سبع سنوات عجاف مضت على انطلاق ثورات ما يسمى بـ «الربيع العربي» صنعت حالة من الخراب والفوضى وصراع الأديان والمذاهب والطوائف في بعض الدول العربية، في انقلاب على مطالب الشعوب العربية بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والدولة المدنية الديموقراطية نحو مزيد من الاضطهاد والظلم، ولم تستفد من التحولات الديموقراطية والتقدمية الكبرى في أميركا اللاتينية وأفريقيا، ولا من الثورات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية العملاقة في شرق وجنوب شرقي آسيا. بدأ «الربيع العربي» في تونس عام 2011 ضد الاضطهاد والفساد وغياب العدالة والديموقراطية، قبل أن يبلغ مصر ثم اليمن وليبيا وصولاً إلى سورية والسودان، مروراً بحراكات شعبية في المغرب الأقصى، لكنه اصطدم بالقوى المضادة، ما أدى إلى حال من الفوضى في العالم العربي، من دون تحقيق أي من الأهداف التي انطلق من أجلها، بل على العكس ما عادت إلى المشهد الأنظمة القديمة بقوالب جديدة تحت مسميات الإصلاح الديموقراطي. وسط هذا المد والجزر استشرت قوى الإسلام السياسي التكفيري للمجتمع والدولة الوطنية المدنية الحديثة في محاولة للعودة إلى القبيلة والحروب الأهلية والدينية الطائفية، وفتاوى التخلف. لقد كانت فلسطين سبّاقة في فوضى الخلاف على النظام السياسي وشكله الذي انزلق نحو الانقسام الجيوسياسي عام ٢٠٠٧ بين شطري الوطن في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، في صراع السلطة بين حركتي «فتح» و «حماس». الانقسام الفلسطيني أضر، إلى جانب بعض الثورات المصطنعة في العالم العربي، بالقضية الوطنية الفلسطينية، فأصبح الاهتمام يتركز على القضايا الحياتية والمعيشية على حساب القضايا الأم، خصوصاً قضايا القدس وحق العودة والاستقلال السياسي، وهذا ما لوحظ من خلال تراجع التحركات والنداءات الشعبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضعف تكثيف الاشتباك الشعبي مع الاحتلال الإسرائيلي وأدوات الرد على قرار الرئيس ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتجميد تمويل حصة الولايات المتحدة في «أونروا». قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ما زالت تراهن أيضاً على عملية التسوية خارج رعاية الأمم المتحدة وقراراتها ومرجعياتها على رغم مصيرية القرارات الأميركية التي تمس صلب القضية الفلسطينية. ولعل خطاب نائب الرئيس الأميركي مايك بينس في الكنيست الإسرائيلي يمثل عنوان الفوضى والكراهية ويُغيّب كل سبل السلام عن الخريطة السياسية ويشجع الإرهاب الإسرائيلي المنظم لارتكاب مزيد من الجرائم والإمعان في القتل والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني الذي يناضل في الدفاع عن حقوقه الوطنية المتوازنة. الولايات المتحدة وإسرائيل وأدواتهما غذت الثورات العربية لحرفها عن مسارها ومطلبها الحقيقي، لاستغلالها في طريق تهويد القدس المحتلة ومصادرة أراضي الضفة الفلسطينية لبناء مزيد من المستوطنات وعزلها في ما بعد عن قطاع غزة، والتحكم بمصير المصالحة بعيداً من الإرادة الوطنية الفلسطينية بل وأضحت غزة تعيش حالة من الصوملة وغرقت في بحر الأزمات الحياتية والمعيشية لتصبح منطقة منكوبة. إن الشعب الفلسطيني يمتلك العديد من الأسلحة والطاقات لمواجهة العدوان الإسرائيلي- الأميركي، بمراجعة سياسية شاملة لمسيرة أوسلو وأخطائها، والقيام بترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وفق أسس ديموقراطية وعلى نظام التمثيل النسبي الكامل بالانتخابات الشاملة لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، فهذا الشعب، بقواه السياسية والمجتمعية، هو أساس الحركة الوطنية، حركة التحرر الوطني، لشعب يناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان، ببرنامج وطني يجمع بين النضال في الميدان والنضال في المحافل الدولية، وهو يرفض كل الطروحات في الظروف الحالية لحل الدولة الواحدة بديلاً لفشل حل الدولتين، لإدراكه أن ذلك يعني الاعتراف بدولة الأبارتهايد والتمييز العنصري والقوانين الصهيونية. عندما لا يقع الإصلاح الديموقراطي والعدالة الاجتماعية ولا تنجز الحرية، تنفجر الانتفاضات والثورات، وعندما لا يرحل الاحتلال واستعمار الاستيطان والتهويد، تشتعل المقاومة والانتفاضة.

مشاركة :