دور المجالس الشعبية في دعم العملية الديمقراطية.. (1ـ 6)

  • 2/6/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

للمجالس الشعبية الوطنية تاريخ عريق ومشرف في رفد ودعم العملية الديمقراطية في مملكة البحرين، يتجاوز حدود المجالس البكر والعفوية التي نشأت في العشرينيات من القرن الماضي على ظهر السفينة والبوانيش وفي الحواري والفرجان، والتي اتكأت في أدوارها الرئيسية على الفزعة ومساعدة ذوي الحاجات وحل الخصومات التي تحدث في محيط الحي أو الفريج نفسه في الغالب، تجاوز هذه الحدود، ليصبح هذا التاريخ في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي متكأ على أدوار اجتماعية ووطنية، لامستها وتبنتها بعض المجالس التي تواشج همها مع الهم الاجتماعي والوطني والسياسي الذي ينشد التنوير والتطوير والانفتاح على رؤى بعض المجتمعات العربية التي سبقتنا في إرساء دعائم المؤسسة الديمقراطية في بلدانها وتبني الفكر القومي وخاصة الناصري. هذه المجالس أخذت أدوارًا مختلفة تمامًا عن الأدوار التي لعبتها في العشرينيات وما بعدها بعقدين من القرن الماضي، فأصبحت أشبه بمنتديات اجتماعية يطرح فيها ومن خلالها كل ما يتعلق بالوطن في الداخل من قضايا ومدى ارتباط مصير هذه القضايا على صعيد التنوير والتطوير بالقضايا التي كانت تناقشها وتطمح إلى تحققها بعض البلدان العربية، وخاصة مصر الزعيم عبدالناصر، لذا أطلق بعض الناشطين في هذه القضايا على هذه المجالس (برلمانات الفرجان أو الأحياء) وذلك بسبب غياب المؤسسة الديمقراطية في الوطن آنذاك والتي من شأنها أن تضم كل هذه البرلمانات في برلمان واحد. أما الآن، وبعد أن نضجت رؤى العمل الديمقراطي لدى كثير من أصحاب ورواد المجالس خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بدءا بمختبر البرلمان السبعيني الأول وامتدادا برؤى بعض المجالس التي كان يديرها بعض من خاضوا تلك التجربة في هذا المختبر وبعض من شغلتهم هموم الوطن من الوجهاء وبعض رجال الأعمال وبعض المثقفين، بات من المهم والضروري أن يصبح لهذه المجالس دور أكثر فاعلية وتأثير مع انفتاح الوطن على أفق ألفيني جديد تشكل مع تدشين المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله وانطلاق المسيرة الديمقراطية في الوطن منذ إجماع الشعب البحريني بمختلف طوائفه وأطيافه ومكوناته الاجتماعية على ميثاق العمل الوطني عام 2000 وإرساء مداميك أو ركائز العمل الديمقراطي المسئول عبر غرفتي المجلسين (النيابي والشوري) عام 2002. وبالتأكيد أن هذا الأفق الألفيني كان له تأثير حيوي على كثير من المجالس في الوطن، والتي ربى عددها على الخمسمائة مجلس تقريبا، وهي بلا شك طفرة مجالسية فريدة لم يشهدها تاريخ المجالس في البحرين قبل ألفينية الانفتاح والديمقراطية والإصلاح التي أرسى دعائمها ربان سفينة هذا الوطن الملك المفدى وقيادته الرشيدة، حيث أصبح الهم الوطني العام حاضرا وبشفافية عالية في هذه المجالس كما هو حاضر في قبتي المؤسسة الديمقراطية، إن لم يكن أكثر سطوعا وتأثيرا فيها. ونظرا لهذا الدور الساطع في هذه المجالس، أغرت فعالياتها التي تنظمها، الكثير من الفعاليات السياسية، فأصبحت محل اهتمام الدبلوماسيين وكبار رجالات الوطن وبعض المهتمين في الشأن السياسي من خارج الوطن، إلى جانب تأثيرها حتى على بعض الجمعيات الأهلية والسياسية في المملكة، بل وأصبحت هذه المجالس أشبه بمنهاج مواز لما يتلقاه المواطن خارجها، وكما قال أهلنا الأوليين «اللي ما تعلمه المدارس تعلمه المجالس››، كما أنها نظرا لهذا التطور الذي طرأ عليها بعد هذا الانفتاح السبعيني، ردمت الهوة والمسافة بين قاصديها أو مرتاديها، فأصبحت المجالس تمثل شأنا وطنيا يعني الكل في هذا الوطن أمره، وليس أهل الحي أو الفريج فحسب، بل أن الطموح ذهب ببعض أصحاب المجالس ومن بينهم السيد جاسم بوطبنية، صاحب مجلس عراد إلى أن يرتئي ضرورة وضع دستور لمجالس الخليج العربي يقنن العلاقات الوطيدة بين أبناء الخليج من خلال طرح المجالس التي تنضوي تحت لواء هذه المظلة الدستورية المجالسية، للقضايا المشتركة ذات الشأن، وهي فكرة طموحة بلا شك متى ما تحققت على أرض واقع الخليج العربي..

مشاركة :